حروب الإنترنت “الذباب الالكتروني”
بقلم: د. دانييلا القرعان

النشرة الدولية –

الذباب الالكتروني أحد أهم أسلحة الحرب الالكترونية الحديثة على مواقع التواصل الاجتماعي، لا تحتاج الى تكاليف مالية كبيرة وترسانة فتاكة من الأسلحة، بل مجرد حواسيب وروبوتات مبرمجة وفيروسات تكفي لإلحاق اضرار وتأجيج صراعات. فالذباب الإلكتروني هو عبارة عن حسابات وهمية مبرمجة وموجهة باتجاه معين، وبطرق ممنهجة تدار عن طريق برمجيات ومواقع تقوم بكتابة التعليقات والإعجابات وإعادة التغريد تلقائياً، حيث تعمل على إنشاء وسوم (هاشتاغات Hashtags واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي للدفاع عن وجهة نظر معينة، أو الهجوم على وجهة نظر مخالفة، ضد أشخاص أو دول أو أنظمة بهدف التأثير على الرأي العام. كذلك تستخدمه الشركات العالمية للترويج لمنتوجاتها لرفع مستوى المبيعات والتفوق عل منافسيها مقابل تقديم مبلغ مالي لصانعي الروبوتات.

يقوم الذباب الإلكتروني بتسميم الهاشتاق، حيث يتم مهاجمة الهاشتاق النشط وانشاء آخر معاكس له بعدد من الحسابات التي تقوم بتكرار نشر تغريدات موازية من خلال اغراق مواقع التواصل بمحتوى وأفكار معارضة ليتفوق على الأصلي من حيث النشاط وعدد المنشورات، وشن حملة اشاعات منظمة مع استبدال القضية الرئيسية بإثارة قضايا ثانوية، بمعنى خلق أزمة للقضاء على أزمة وجعلها تبدو وكأنها قضية رأي عام وتمثل رأي الأغلبية، وأن مطالب القضية الرئيسية هم مجرد أقلية ، الى أنه في الحقيقة تم تسميم الهاشتاغ الذي بدوره يفقد المستخدمين العاديين القدرة على العثور والتفاعل مع المعلومات المتداولة الحقيقية التي نشرها مستخدمون عاديون.

يعد الذباب الالكتروني من أخطر آفات العالم الافتراضي، حسابات وهمية وكتائب الكترونية يدريها مرتزقة لا ينتمون لهذا الوطن، يسعون خرابا وفتنة في ارجاء المملكة، يخلقون حالة عدم استقرار، وينشرون شائعات واكاذيب وافتراءات لخدمة أهدافهم الخبيثة والمسمومة، واللافت اتساع هذه الآفة لتكاد تكون حرباً منظمة يقودها جنود مجهولين خلف الشاشات الإلكترونية؛ لاستغلال أي حدث أو أزمة لبث السموم بهدف تعكير الحياة العامة وخلق حالة عدم رضا في المجتمع، ووسائلهم من أجل تحقيق هذا كثيرة ما بين فبركة الأخبار ونشر الشائعات وتزييف الحقائق واجتزاء التصريحات، وكذلك انتهاك للخصوصية، وإلقاء التهم جزافا وفبركة الأخبار وتلفيقها، ونشر الصور والفيديوهات المسيئة بهدف التشهير أو تصفية الحسابات أو الابتزاز بكافة صوره، وكل هذا بهدف ضرب القيم المجتمعية والثوابت الوطنية. لذلك تكون البيئة خصبة والابواب مفتوحة امام هذا الذباب يصولون ويجولون في عالم افتراضي لا يحكمه ضابط او رابط. “الذباب الالكتروني يتغذى على فضلات العالم الافتراضي” هنالك الكثير من الحسابات الوهمية التي يديرها من يعيثون في الأرض فسادا، لتتحول الصراعات من استخدام الأسلحة الحربية بكل إمكاناتها، الى حرب الكترونية تتكون من ذباب الكتروني يرتدي زي الجنود المجهولين التي تلاحق المستخدمين، وتحاول السيطرة عليهم عن طريق الاغراء المالي، أو إقناعهم بأيديولوجية متطرفة، يروج لها بعض المدعين والمتاجرين بالدين، من خلف الشاشات الإلكترونية.

الإقليم العربي هش وتنافسي ومخترق، وهذا بدوره يفسر شيوع ثقافة الاستسهال لدى بعض المخربين في إطلاق العنان لذبابهم الالكتروني للبطش بمن يختلفون معهم كأشخاص، او البطش بالقيادة او الحكومة او أجهزة الدولة سواء العسكرية او المدنية، وهؤلاء في الاغلب هم أجندات ومعارضين خارجيين، لكن لا يعني ذلك ان لا ذباب داخل حدود الدولة، لكن الذباب الخارجي بات يؤثر على الذباب الداخلي والذي بدوره يؤثر على أبناء الشعب بشكل كبير في نشر الأكاذيب والشائعات التي من شأنها خلق حالة من عدم الاستقرار، او قلب نظام الحكم، او زعزعة الامن، او اشغال الناس عن القضية الرئيسية والمحورية.

زر الذهاب إلى الأعلى