قراءة جديدة لتاريخ جنوب فارس
بقلم: حمزة عليان
النشرة الدولية –
الجريدة الكويتية –
عرفت الكويت هجرات سكانية وفد المهاجرون إليها من دول مجاورة وفي فترات زمنية متفاوتة، من تلك الهجرات ما وفد إليها من «بر فارس» أي من «العجم» من السنّة والشيعة على حد سواء، لذلك كان الاهتمام منصباً على جغرافية تلك المنطقة وتوزيعها والتعرف على الأصول، وبالطبع هناك العديد من الأبحاث والكتب ذات القيمة التاريخية التي تناولت تلك المنطقة والمجموعات العرقية والسكانية التي سكنت فيها.
أحدث الكتب التي وصلت إلينا كتاب «تاريخ جنوب فارس… لارستان وبستك» المترجم إلى اللغة العربية والصادر عن «دار روافد للطباعة والنشر والتوزيع» عام 2023، والمؤلف اسمه «مهران كوفردي»، يلفت نظر القارئ إلى وجود «الكثير من الحقائق المغيّبة التي ظلت مجهولة حتى وقتنا الحاضر» عن تلك المنطقة.
تاريخيا كانت بلاد فارس تمتاز بالتعدديات الدينية والمذهبية، فيها المسيحيون، واليهود، والمسلمون من المذهبين السني والشيعي، كما تنتشر فيها الطرق الصوفية وأتباع البهائية، وفي العهد الصفوي تحول أهل فارس من المذهب السني إلى المذهب الشيعي، وأهل السنّة ما زالوا موجودين في محافظات خراسان وهرمز وفارس، أما الكتاب الذي نتطرق إليه فيركز على مناطق هرمز وجنوب فارس التي وفد إليها، «اللور» والأتراك، والأكراد والفرس والطاجيك والعرب، والهرمزيين.
سكان جنوب محافظة فارس، أي غرب «هرمز كان» في غالبيتهم من «اللاريين»، وكلمة «كندري» تستخدم للتعبير عن أي سنّي مهاجر من بلاد فارس بشكل عام، كما تستخدم لفظ «عجم» أو «عيم»، وفي الوقت الحاضر اسم عرب «الهولة» هو المستخدم في الخليج العربي للمهاجرين من ساحل إيران الجنوبي ومن أشهر القبائل العربية هناك «العباسية»، السادة الأنصار.
الكتاب يتحدث عن أشكنان بأنها منطقة يعبر بها نهر مهران، سكانها من المسلمين الشيعة، والشوافع، الغالبية منهم تتكلم بالأشمية الأشكنانية الخاصة، والبعض الآخر بالفارسية، تعود إلى 228 سنة قبل الميلاد، اتخذت اسمها من الملك الذي بناها وهو «أشك الأول الأشكناني»، وأول حاكم مسلم لها يعود إلى العام 298، ومن أهم مدنها ومناطقها: «أهل» و«باقلات» و«كال» و«زين الديني» و«يسي بند» و«كاويست».
أما جزيرة «قشم» فهي خليط من عدة أقوام، والجدد منهم عاصروا حقبة الإسكندر المقدوني، وأصولهم تعود إلى منطقة هرمز، وأقدم المجموعات العربية فيها، طائفة بني قيس وبني كعوان وجمع من الهاشميين والتميميين، والحرميين والبني ياس والخوالد.
تعرض الكتاب إلى بحث «مشروع الحمض النووي» لعرب الهولة، ونتائجه التي تفيد بوجود عشرة في المئة من سكانه في عموم إيران وبنسب مختلفة، وفيه تم عرض الأحماض النووية لـ938 شخصاً ينتمون إلى 15 سلالة من 14 محافظة.
حول «إقليم بوشهر» وارتباطه بإقليم فارس وكورة أرجان، تعاقب عليه العرب لحقب طويلة كحكومة آل مذكور وقبائل العتوب والخليفات، ثم فصلت محافظة بوشهر عن محافظة فارس بعدما كانت جزءاً منها.
أهم السكان: العرب، اللور، البهبهانيون، الفرس، اليهود الأفارقة، الجات والأشم والأتراك، وأكثر أهالي بوشهر يتحدثون الفارسية باللهجة البندرية أو السواحلية، كما أن العربية رائجة بين أكثر سكان مدينتي كنكان وعسلوية المرتبطتين بعرب سواحل «هرمزكان»، كما يوجد بعض العرب في كل من البنادر الشمالية، مثل الديلم، وكناوه، وجيرة شيف يعرفون باسم عرب السواحل الشمالية.
أصبحت بوشهر خلال القرن الثامن عشر، أهم ميناء في إقليم فارس، وكانت مقراً عربياً، ينتمي سكانها إلى «أبومهير» القبيلة العربية العمانية، التي انحدرت من ضواحي مسقط.
أقرب المناطق إلى الخليج العربي هو إقليم هرمز ويسمى بالفارسي «هرمزكان» وبالأخص «ميناب» وبندر عباس، وكرمان، وردت عنه معلومات مفصلة جاءت ثمرة أبحاث تناولت منطقة «لارستان» التي تشمل جنوب غرب فارس، وتتوزع على ثلاث محافظات «هرمزكان» و«فارس» و«بوشهر».
قراءة الهجرات السكانية وبلمحات جغرافية وتاريخية تساعد الباحث والمهتم في معرفة الأصول، وهذا جانب مهم في تاريخ العلاقات بين الشعوب المتجاورة.