العالم إلى أين .. وهل هناك طرق فكرية للإتفاق ..؟!!
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

خلافات متعددة تُشغل العالم وتذهب به في اتجاهات مختلفة، فتصنع حرب هنا ومجاعة هناك وتنشر الأمراض في مواقع أخرى، ليعتقد الجميع أنه لا يوجد نقاط التقاء على هذه الأرض، فالغرب متمترس خلف غطرسته التي امتدت على مدار خمسة عقود، مارس فيها شتى طرق القتل والتدمير والنهب، والشرق الأقصى انشغل في حروب لا طائل منها، وعبودية شبه مطلقة إلى أن لجأ للعلم ليصل لمرحلة الانفجار الفكري، لتتغير المعادلة إلى انشغال عملي أنتج منافسات شرسة في شتى مجالات الحياة، فيما الشرق الأوسط يكتفي بخيرات الأرض التي لم يتم الاستفادة منها في الارتقاء بالإنسان وبالذات في مجالي الفكر والإبداع، وتبقى القارة السمراء على حالها تفتقد للرؤى كونها كانت أرض خصبة منهوبة وفي الحاضر أرض قاحلة يتقاتل عليها قراصنة.

واختلفت مناطق العالم في التعامل مع الفكر والفهم كل حسب معتقدة وتطوره، فانتقل الغرب والشرق الاقصى من مرحلة الفهم بالصورة إلى مرحلة متطورة من الفهم في عصر نهضة الاتصالات، ليصبح العالم أصغر حتى بلغت مساحته كف اليد بهاتف مرتبط بالدول جمعاء، وهنا تبرز القدرة على التفكير الايجابي من السلبي، والنهضوي إلى العشوائي، ليأخذ الفكر منحنى جديد في ظل توحد الأدوات، مما ساهم في توفير نقاط متعددة لشعوب العالم للتقارب فكريا لكن ليس بالمواقف، فسكان الغرب يعتمدون في نهجهم الفكري على التصنيف النوعي والبشري والعلمي وهو ما يجعلهم يعملون بشكل آلي، فيما العرب يعتمدون على نظريات متعددة اسوئها بأنهم ما خُلقوا للعمل، وهو ما روج له عدد من رجال الدين.

وفي ظل التطور وتقارب الشعوب لسهولة الاتصال، فقد توقع العديد من العلماء أن يتجاوز العالم اختلاف المواقف والأفضليات كنتيجة للتطور العلمي والجوء إليه كعنصر جامع للبشرية، لكن ما حصل غير ذلك فقد تمترست الشعوب خلف معتقداتها وتوجهاتها وقيمها واستخدمت أساليب مختلفة لفهم العالم والآخرين، لذا لم تتحقق النتيجة المرجوة في تحسين التفاهم العالمي رغم الجهود المبذولة، والتي شعر الكثيرون بأنها وُجدت لفرض المزيد من سيطرة القوي على الضعيف وعدم التعامل بمساواة، وظهر الأمر بشكل فاضح في الأمم المتحدة وأذرعها التي تستخدم عدة مقاييس مختلفة لقياس قضايا متشابهة.

ويقوم الصراع المعرفي على عملية البناء للطفل ثم على ما يتم فرضه من واقع سياسي اجتماعي سياسي، فأطفال الغرب يتعلمون الاسماء قبل الأفعال فيما في الشرق الأقصى يتعلمون الأفعال أسرع من الاسماء، وهنا يبرز الفارق بأن أطفال العرب يتعلمون الأمرين سوياً، وهذه نقطة ايجابية ما تلبث أن تختفي بفعل العوامل الطاردة للتطور الذاتي والجماعي، ففي الغرب ومنطقة الشرق الأقصى يوجد العدل في التعامل والتركيز على الأفضل وصناعة العلماء، وهي أمور تختفي في المنطقة العربية التي تركز على صناعة الجهل، بالتركيز على أبناء الذوات حتى لو كانوا جهلاء لتصنيعهم بما يتناسب مع طريقة حكم الدولة وآلية توزيع المناصب فيها، والغريب ان هذه الطريقة تحظى بدعم الغرب، لعلها تفرز لهم قيادات تكون تحت السيطرة بفضل ضعف معرفتهم وبالتالي تصبح هذه الدول جزء من منظومة عالمية مركبة على طريقة “الليجو” في ظل الفارق المعرفي بين الطرفين.

آخر الكلام:

يبقى السؤال الذي يحتاج لإجابة واضحة تُسهل من عملية اتفاق العالم، وهو من هي الجهات التي ترفض التقارب الفكري وتعول على زيادة مساحة الوجع بين سكان العالم؟، فهل هم رجال الاقتصاد الذين يربحون من الحروب والنزاعات الاقتصادية أم هم من يطلق عليهم قادة العالم السفلي؟، ولا يعلم حقيقتهم بصورة جلية أحد في هذا الكوكب، وهل هم أفراد أو مؤسسات؟، أم هم رجال الدين الذين يجدون في الاختلاف طريقة للارتقاء؟، هو السؤال الأصعب الذي يجوب عقول عقلاء البشرية ويبحثون عن إجابة شافية، وهي الإجابة التي لن يراها أحد إلا باتفاق العالم على طرق الفكر وليس على نتائجها.

زر الذهاب إلى الأعلى