انسحاب بطريرك الكلدان الكاثوليك احتجاجا على مرسوم الرئيس العراقي

النشرة الدولية –

قرر بطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق الكاردينال لويس روفائيل ساكو الانسحاب من المقر البطريركي في بغداد والتوجه إلى أحد الأديرة في إقليم كردستان، في فصل جديد من التوتر بينه وبين رئيس الجمهورية عبداللطيف رشيد الذي سبق أن سحب مرسوما يمنح أنشطة الكردينال وضعا قانونيا.

وأثار سحب المرسوم جدلا واسعا بين المسيحيين الذين رأوا فيه استهدافا ليس فقط لساكو ولكن لهم جميعا.

يأتي هذا فيما يقول مراقبون للشأن العراقي إن الضغوط التي تمارس على ساكو هدفها إزاحته ومنح السلطة الدينية لريان الكلداني المنضوي في الحشد الشعبي، وهو ما يعني وضع هذه الفئة من المسيحيين في خدمة الميليشيات التي تسيطر على العراق ومن ورائها إيران.

ويعدّ الكاردينال ساكو الذي كان عراب زيارة البابا فرنسيس التاريخية إلى العراق في 2021، شخصية عامة هامة بالنسبة إلى الأقلية المسيحية، وللمسؤولين السياسيين في البلاد.

ومنذ أشهر، اشتدّ الخلاف بين ساكو وريان الكلداني، قائد قوات الكتيبة المسيحية المسلحة التابعة للحشد الشعبي والممثّلة في البرلمان والحكومة.

ويشر مراقبون إلى أن خلافات ساكو والكلداني هي صراع نفوذ بين المؤسسة الدينية المسيحية التي يمثلها ساكو، وبين الجناح العسكري المسيحي الذي يمثله الكلداني، وأن الأول يريد المحافظة على استقلال القرار المسيحي فيما الثاني يريد رهنه لأجندته السياسية.

وفي يوليو، اتخذت الأحداث منحى آخر مع سحب رئيس الجمهورية مرسوما يحمل الرقم 147 لعام 2013 يمنح وظائف الكاردينال كرئيس للكنيسة الكلدانية وضعاً قانونياً.

وانتقد وزير النقل والاتصالات في حكومة إقليم كوردستان آنو جوهر عبدالمسيح قرار الرئيس العراقي بسحب المرسوم، واصفاً القرار بـ”غير المبرر”، مؤكّداً أن قرار السحب “عكس بوضوح الورطة التي وضعت مؤسسة الرئاسة في العراق نفسها فيها”.

وأكّد الوزير عن المكون المسيحي في حكومة الإقليم أن “العداء غير المبرر ضد البطريركية الكلدانية والشكوى والمحاولات اليائسة لبعض النواب المحسوبين جزافاً وظلماً وبهتاناً على المسيحيين بعد اختطافهم مقاعد الكوتا ومحاولات قائد لمليشيا، لا تمثل المسيحيين”.

وأشار إلى أن تلك الميليشيا، التي لم يسمّها، “تحتل جزءاً كبيراً من سهل نينوى عنوة ودخول رئيس هذه الميليشيا في تحالف مع حزب ينتمي له رئيس الجمهورية ويدين له بالولاء”

ونظّم المئات من المسيحيين في مدينة عنكاوا بمحافظة أربيل الجمعة وقفة احتجاجية أمام كاتدرائية مار يوسف للكلدان الكاثوليك، للتنديد بقرار رشيد، واصفين القرار بأنه خطوة «لإهانة وإذلال» المسيحيين في العراق، محذرين من تبعات «لا تُحمد عُقباها».

في غضون ذلك، أصدر رئيس الجمهورية عبداللطيف رشيد الجمعة توضيحاً حول سحب المرسوم الجمهوري الخاص بالكاردينال البطريرك لويس روفائيل ساكو.

وقال في بيانٍ له إن “سحب المرسوم الجمهوري ليس من شأنه المساس بالوضع الديني أو القانوني للكاردينال لويس ساكو، كونه معيناً من قبل الكرسي البابوي بطريركا للكنيسة الكلدانية في العراق والعالم”.

وأشار إلى أن “سحب المرسوم جاء لتصحيح وضع دستوري، إذ صدر المرسوم رقم (147) لسنة 2013 دون سند دستوري أو قانوني، فضلاً عن مطالبة رؤساء كنائس وطوائف أخرى بإصدار مراسيم جمهورية مماثلة ودون سند دستوري”.

وأكد رشيد أن البطريرك لويس ساكو “يحظى باحترام وتقدير رئاسة الجمهورية باعتباره بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم”.

وفي مقابلة مؤخراً مع قناة محلية أوضح الكاردينال ساكو أن وجود المرسوم (قبل سحبه) كان ضرورياً له من الناحية الإدارية ليتيح له إدارة أملاك وأوقاف الكنيسة.

لكن رئاسة الجمهورية العراقية بررت سحب المرسوم بغياب “سند دستوري وقانوني” له. وفي بيان آخر أوضحت الرئاسة أنه “لا تصدر المراسيم الجمهورية بالتعيين إلا للعاملين في المؤسسات والرئاسات والوزارات والهيئات الحكومية”.

وأضافت “بالتأكيد لا تُعد المؤسسة الدينية دائرة حكومية ولا يُعد رجل الدين القائم عليها موظفا في الدولة كي يصدر مرسوم بتعيينه”.

 

زر الذهاب إلى الأعلى