جُرحنا بفرقتنا .. وصبرنا لا يعني موتنا !!* صالح الراشد

النشرة الدولية –

تحول العرب من سادة العالم الى شعوب تعيش على هامش الحياة وأصبحوا خارج التاريخ, هذا التحول حصل بالتدريج حتى غدونا أتباع بعد أن كنا قادة, ولضمان الوصول الى هذه المرحلة من التراجع العربي فقد وضع أعداء الأمة الضوابط والأتظمة والقوانين التي لا تسمح بنقطة الرجوع صوب المكانة السابقة للأمة العربية الإسلامية, ومنها التوزيع الجغرافي والمناطقي حسب اتفاقية “سايس بيكو” التي هلل لها بعض العرب أكثر من الدولتين الفرنسية والبريطانبية وربيبتهما الكيان الصهيوني, كونها منحتهم دولاً يحكمونها, فتحولت بلاد الشام الى أربع دول والحجاز على خمس دول وشمال افريقيا الى دول عدة, وبالتالي نجحت الخطة الأولى بتحويل الجسد الواحد الى أجزاء متفرقة.

 

لم يكفتي الغرب الباحث عن إستعباد الشعوب العربية بالتقسيم الجغرافي, فلجأ الى التقسيم الديني والعرقي والعشائري بل ذهب الى ما هو أخطر من ذلك بخلق توزيع جغرافي داخل كل دولة, فتحول الوطن العربي من دولة موحدة آمنة الى دويلات ترتعب من جيرانها العرب , وتخشى داخلياً من شعوبها, ولضمان السيطرة على الشعوب العربية فقد كانت القسوة هي الشعار الأبرز في التعامل مع مواطنيها, والتركيز على الصراعات العشارية و الدينية وهي الأعنف كونها لا تنتهي الى بفناء الآخر.

 

وبدأت العديد من الدول العربية في ظل الظروف الجديدة التي صنعت أغنياء وفقراء الى فقدان معنى العروبة, وركزت الدول الغنية على جعل شعوبها ينسون ويتناسون معاني القومية, ويركزون على مصطلح ” الأنا”, وهذا المصطلح هو الأخطر حيث يُبيح لهذه الدول استخدام جميع الطرق المشروعة وغيرها لأجل زيادة قوة تلك الدولة, دون الإهتمام بزوال دول عربية أخرى أو قتل شعوبها, وحتى يتم “تبليد” الشعوب وفقدان الأمل بالمستقبل, فقد قامت بعض الدول بقتل قضية القدس والتنازل عنها لصالح الكيان الغاصب, لذا فان الشعوب تحولت الى دمية خشبية بيد هذه القيادات, فبعد القدس أصبح لا شيء في الكون يشكل صدمة للشعب العربي.

 

واشتبك العرب في حروب لا تنتهي, منها الداخلية بعد الخريف الدموي والخارجية من خلال إيجاد عدو جديد وإعلان الحرب عليه وقتل العرب من ابناء جلدتنا, إضافة الى محاولات بعض الدول التدخل في شؤون الأخرى بطرق سلبية, الغاية منها زيادة أعباء تلك الدول لإجبارها على الركوع الإقتصادي, وتمرير الإتفاقيات التي تريدها الدول المُسيرة من الخارج, فالحروب العربية قد تتخذ طابع ديني أو طابع سياسي لكنها في نهاية الأمر حروب إقتصادية بإمتياز, كون متعبوا الأديان أو الإتجاهات عاشوا سويا لمئات السنين ولم يحصل بينهم إقتتال, فلماذا الآن, وهل يسيل الدم العربي لإرضاء الولايات المتحدة وأوروبا الموحدة؟, وهل تعرض أبناء الأمة للموت من البرد حتى يتدفأ أبناء أوروبا؟.

 

لقد وصلت الأمة الى أسوء نقطة من الإحتقان في العصر الحديث, حتى أن الدول في القارتين لا يتفقون على أي قرار وفي شتى المجالات, فيكفي أن نعرف أن العديد من الدول العربية منحت صوتها للولايات المتحدة والكندا والمكسيك لإستضافة كاس العالم ولم تمنح صوتها للمغرب, كما صوتت بعض الدول ضد مرشح عربي لمنصب الأمين العام لهيئة الأمم, وينسحب الأمر على شتى أمور الحياة, فالصت العربي في غالبيته ممنوع على العرب.

 

ان بعض الدول تسعى الى زيادة الفرقة العربية العربية, وصنع وحدة جديدة تحمل شعار عربية صهيونية, لكنهم لا يدركون ان الشعب العربي الواحد قد يغفو لكنه لا يموت, فكم مرحلة ضياع مرت بها الأمة ثم استفاقت من سباتها وعادت لتصبح سيدة العالم, وهذا ما يُرعب العالم الغربي لذا فقد زرع الكيان الصهيوني لمنع عودة الأمة, لكن هذا لا يفيد, كون الكيان الصهيوني ليس بقوة التتار ولا المغول ولا حتى الحملات الصليبية, لذا فان بقاء الحال من المُحال, وسنعود سادة العالم بعد أن نداوي جرحنا المتمثل بفرقتنا ونعود أمة واحدة, كون صبر الشعوب على ما يجري لا يعني موتها.

 

لذا فمهما حصل من تغريب للفكر العربي, ومن محاولات لطمس عروبتنا فان الشعب العربي لا زال يؤمن, بأننا كلنا فلسطينيون حتى تتحرر فلسطين, وكلنا سورييون حتى تستقر سوريا, وكلنا عراقيون حتى ينجو العراق وكلنا يمنيون حتى تسعد اليمن, وكلنا مصريون حتى تعود خير أجناد الأرض, وكلنا تونسيون حتى تعود حاضنة العلم, وكلنا جزائريون نستظل بدماء مليون شهيد, وكلنا عرب حتى نعود سادة الأمم, وسنعود نهتف بلاد العرب أوطاني, فمن يُريد إسقاط هذا الشعار سيسقط هو مستقبلاً وتاريخاً, فنحن عرب تجمعنا الأهداف والطموح والأحلام مهما حاولوا تغيرنا وزرع الفرقة فينا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى