بعد انتهاء مرحلة حاكم مصرف لبنان… هل تنجح سياسات منصوري النقدية؟

النشرة الدولية –

لبنان 24 – هتاف دهام –

انتهت مرحلة حاكم المصرف المركزي رياض سلامة بسلاسة بعد أن أمضى ثلاثين عاماً في الحاكمية وجدد له أربع مرات بالتعيين، وفي عهود بدأت مع الرئيس الراحل الياس الهراوي وإنتهت مع الرئيس السابق ميشال عون. عقود ثلاث مرت وحاكم المصرف المركزي المنتهية ولايته يحظى بتأييد وإجماع معظم القوى السياسية في أي لحظة كان يطرح فيها التجديد له أو التعيين من جديد.

طيلة ولاياته الخمس حصل سلامة على جوائز عالمية وعلى تصنيفات جودة وإبداع وتم اختياره مرة كأفضل حاكم مصرف مركزي عالمياً.

طيلة العقود الثلاث بقي سلامة الرجل المدلل، وكان محسوبا وبقوة على المنظومة السياسية او ما يعرف بالحريرية السياسية وهو الذي استطاع رغم فداحة أخطاء بعض من كانوا في الحكم أن يتماهى معهم وأن يؤمن للدولة تمويل عجزها ومصاريفها التشغيلية رغم أنه كان دائم الإعتراض على السياسات التي تنتهجها السلطة السياسية في لبنان، وأهم ما في هذا التمويل كان تمويل وزارة الطاقة بملياري دولار سنوياً تقريباً بسلف خزينة كانت تذهب بمعظمها إلى المنافع والمصالح للفئة التي تدير هذه الوزارة وطبعاً من دون أن تعمد هذه الوزارة إلى تسديد أي سلفة من السلف المذكورة حتى اضطر الحاكم السابق إلى إيقاف هذا السيناريو في عام 2020 ، عندها قامت قيامة الجهة المتحكمة بوزارة الطاقة وبدأت تكيل لسلامة الإتهامات بالتزوير وتبييض الأموال وغيرها من تهم سيقت عبر بعض الإعلام وأدوات الظن المدفوعة في لبنان والخارج، وفق ما يقول الخبير المالي والاقتصادي بلال علامة ل لبنان24.

من الأزمة المالية العالمية التي أصابت معظم دول العالم وبالأخص الولايات المتحدة الأميركية عام 2008 إلى تبعات الأزمة السورية مع اندلاع الحرب في سوريا عام 2012 نجح سلامة في إبقاء لبنان بمنأى عن أي خطر في حينه. لكن الأكيد، بحسب علامة، أن التحدي الأكبر الذي واجهه كان في تلقف كرة النار المتمثلة بالانهيار الذي أصاب القطاع المصرفي اللبناني عقب الازمة التي بدأت عقب إندلاع ثورة 17تشرين.

هذه التحديات كانت الأصعب على لبنان ككل وليس فقط على الحاكم السابق، إذ شهد البلد، وفق علامة، تغييرات بنيوية في الإقتصاد اللبناني الذي تحول إلى إقتصاد الكاش إضافة إلى إنهيار منظم لمؤسسات القطاع العام وتعثر كبير للنظام المصرفي وتدهور غير مسبوق في سعر صرف الليرة مقابل الدولار.

للحقيقة، قد يكون الحاكم السابق، بحسب علامة، نجح في مكان ما بإبقاء المصرف المركزي عاملاً ومقرراً ومؤثراً في الحالة اللبنانية رغم كل التحديات التي ذكرت، وقد أكد هذا الموضوع في الكلمة الوداعية أمام حشد من موظفي المركزي الذين اجتمعوا في حفلة وداعه لدى مغادرته المصرف المركزي يوم الاثنين.

أما وقد أنهى سلامة ولايته الخامسة وغادر إلى دياره من دون تمكن الحكومة من تعيين بديل عنه نتيجة رفض القوى المسيحية أي تعيين في غياب رئيس للجمهورية، أتى القانون ليفرض حاله بعد غياب طويل لتحل المادة 25 من قانون النقد والتسليف مشكلة شغور منصب الحاكم بوجود أربعة نواب لحاكم المصرف المركزي حيث حل النائب الأول وسيم منصوري ليستلم مهام الحاكم الفعلي.

عند استلامه أطل منصوري بخطة عمل قوامها أن المصرف المركزي لن يستمر في تمويل الدولة إلا إذا حصل على غطاء قانوني وتشريعي من السلطتين التنفيذية والتشريعية بالإستمرار بالتمويل، وذلك لإعفاء نفسه من أية مسؤولية لاحقة. وطالب بتنفيذ سلسلة القوانين الإصلاحية في فترة ستة أشهر فخطة منصوري ونواب الحاكم الثلاثة تقول بضرورة اقرار موازنة العامين 2023/2024، و الكابيتال كونترول وإعادة هيكلة المصارف، و الانتظام المالي.

يريد الحاكم المكلف بالوكالة تحرير سعر الصرف وتوحيده، بقوله يجب أن يتم ذلك بالتدرج حفاظاً على الاستقرار، وهنا يسأل علامة، لماذا لم يشرح منصوري كيف يتم تحرير سعر الصرف ولماذا، خاصة أن سعر الصرف في لبنان هو محرر بالأساس وإلا لما كان وصل الى ما وصل إليه، علما أن المنصوري، بحسب مصادر مصرفية. يستند في طرحه الى تراجع الكتلة النقدية بالليرة في السوق في الآونة الاخيرة بنسبة 25 في المئة، فضلا عن التحركات الأخيرة والمستمرة من القوى الأمنية والقضائية لوقف المضاربين ووضع حد لمسألة التلاعب بسعر الصرف.

من المتوقع أن تتعاون السلطتان التنفيذية والتشريعية مع منصوري (الذي يشدد على أن ما يطالب به لا يتعارض مع قانون النقد والتسليف)، هذا فضلا عن أهمية التنسيق بين السياستين النقدية والمالية وضرورة رفع الإيرادات لتغطي المزيد من الإنفاق على القطاعات الأساسية بعيدا عن العشوائية.

فهل ستنجح سياسات منصوري النقدية التي أعلن عنها في إحياء دور المركزي لإرساء الاستقرار المالي؟ الأسئلة كثيرة والإجابات عليها تبقى رهن كيفية تعاطي القوى السياسية مع شروط منصوري الذي أكد عدم توقيعه أي صرف للتمويل خارج القانون، وليكن الصرف بتعاون متكامل بين البرلمان والحكومة والمصرف المركزي، وذلك بموجب قانون صادر عن المجلس وخاضع لرقابته.

وبالتالي، فإن الترقب سيكون سيد الموقف لمآل جلسات مجلس النواب، فعدم انعقاد الجلسة التشريعية المنتظرة، خاصة وأن “التيار الوطني الحر” يشترط حضور أي جلسة بإقرار الكابيتال كونترول، وموازنة العامين 2023 و2024 والانتظام المالي وإعادة هيكلة المصارف، سيؤدي من دون أي شك إلى الاستمرار بسياسات الحاكم السابق المتصلة بصيرفة وغيرها تجنبا لأي فوضى نقدية.

Back to top button