ما قاله الأمير الحسن عن السوريين
بقلم: ماهر أبو طير
النشرة الدولية –
يكتب الأمير الحسن مقالة يحذر فيها من “المنعطف الحرج” الذي يواجهه الأشقاء السوريون في الأردن جراء تقليص المساعدات، بما يشكل خطراً شديداً على سلامتهم وصحتهم وكرامتهم.
المقالة المنشورة عبر الموقع الإلكتروني للمعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، عقدت مقارنة ضمنية مع كرم عواصم العالم هذه الأيام مع اللاجئين الأوكرانيين، مقارنة بملف السوريين، حيث أشار الأمير إلى أنه لا ينبغي تطبيق مبدأ تقاسم الأعباء بشكل انتقائي، مع تفضيل مجموعة واحدة من اللاجئين مع تقليل الدعم للآخرين، مؤكدا أن عدد اللاجئين الذين شردتهم الحرب في أوكرانيا مذهل، ولا يمكن تجاهل حاجتهم الماسة إلى المساعدة، وأن استجابة دول مختلفة لمحنة اللاجئين الأوكرانيين شديدة وسريعة، مما يدل على ما يمكن أن يحققه العالم عندما يتصرف بشكل حاسم ومسؤول، أمام أي أزمات إنسانية على صعيد ضحايا الحروب.
في كل الأحوال يعرف كل المراقبين أن عواصم العالم الغربي، تمارس سياسات منافقة، فهي التي أشادت مرارا بدعم الأردن للأشقاء السوريين، ثم بدأت بالتخلي التدريجي عن هؤلاء، وانتقل اهتمام هذه العواصم إلى مواقع ثانية، وتحديدا الصراع بين روسيا وأوكرانيا، وهذا يعني بشكل واضح ومحدد تحويل ملف اللاجئين السوريين من أزمة عالمية، إلى أزمة محلية أردنية.
تحويل أزمة اللجوء السوري من أزمة عالمية إلى أزمة محلية أردنية، يعني كارثة كبرى لا يمكن التهوين من كلفتها، على صعيد فرص العمل، والموارد، وكلفة إدامة الأمن الاجتماعي، كما أن استمرار اللجوء دون تغطية من عواصم العالم، والمؤسسات المانحة يعني بالضرورة ومن حيث النتيجة تصنيع مشاكل لا تعد ولا تحصى بين السوريين في الأردن، بسبب الفقر والحاجة، وصولا إلى الجريمة كسلوك إنساني يضطر إليه الإنسان في حالات الفاقة والاحتياج، وهذا سلوك ليس حكرا على كتل اللاجئين، بل نراه أيضا بين مواطني أي دولة حين تتفشى بينهم أمراض الفقر والبطالة، حتى لا نتورط هنا في التحريض الضمني على الأشقاء السوريين.
ما يمكن قوله صراحة إن الدولة الأردنية خلال آخر عامين تحولت من إدارة محكمة وحصيفة للملف السوري في الأردن، إلى مجرد إطلاق الاستغاثات والنداءات لدعم هؤلاء، وإدارة هذا الملف من خلال إطلاق الاستغاثات، لن يؤدي إلى أي نتيجة، باستثناء مساعدات قليلة.
الأردن يواجه إغلاقات في هذا الملف، من حيث رفض السوريين العودة إلى بلادهم، وتردي الوضع الاقتصادي والأمني داخل سورية بما يجعله طاردا لهؤلاء وغير جاذب لعودتهم، فيما يبتز نظام دمشق دول الجوار، من خلال اشتراط رفع عقوبات قيصر عن دمشق، وإطلاق مشاريع لإعادة الإعمار المقدرة بأربعمائة مليار دولار في الحد الأدنى، من أجل التعاون والشراكة في إعادة الأشقاء السوريين إلى بلادهم، وبدون ذلك تواصل دمشق توظيف هذه الورقة للضغط على عواصم الجوار، ومعاقبتها على ما تراه تدخلا في الأزمة السورية، فوق تحقيق أهداف “الإزاحة السكانية” المذهبية لكتلة من السوريين، في سياقات إعادة رسم خريطة سورية.
ربما أكثر مفردة قيلت حول استضافة الأردن للأشقاء السوريين، على ألسن مسؤولين عرب ودوليين ومحليين، كانت مفردة “الكرم” الأردني، وهكذا مصطلح لا مكان له في الإعراب السياسي، وخرائط المصالح، ومجرد تعبير عاطفي، يخفي خلفه التزامات ومسؤوليات كبرى، اقتصادية وصحية وتعليمية وأمنية، وما يمكن قوله صراحة أن الأردن اليوم بات مقيدا جدا فلا هو قادر على اتخاذ إجراءات ترحيل للسوريين، خوفا على سمعته الدولية، ولا هو قادر على إدامة وجود السوريين، اقتصاديا، ولا هو قادر على إقناع السوريين بالعودة الطوعية، ولا هو قادر على إقناع دمشق الرسمية بالوصول إلى حل وسط يشجع ولو ربع السوريين على العودة.
هذا يعني أن الأزمة باتت أردنية بحتة، بكل ما يعنيه هذا الاستخلاص، وأن كل النداءات والإستغاثات على مسمع العالم، لن تعيد تعريف الأزمة باعتبارها أزمة إقليمية، أو دولية.