الشباب.. والصين
بقلم: أسرار جوهر حيات
النشرة الدولية –
صورة جميلة لأب يستقبل أبناءه وبناته، يحتضنهم، ويقدم لهم الرعاية والدعم، هذه المشاعر التي نقلتها لنا صور استقبال سمو ولي العهد الشيخ مشعل الصباح، حفظه الله، لأبنائه وبناته المشاركين في دورة الألعاب الأولمبية الآسيوية التاسعة عشرة في الصين، بل زيادة على ذلك، حضوره للصين بحد ذاته، للمشاركة في افتتاح هذه الدورة، هو أكبر دعم واحتضان للشباب ورعايتهم، ودافع كبير لهم لينجزوا ويحققوا البطولات، ويحققوا الفخر للكويت ولقيادتها وشعبها.
وجميعنا بلا شك يتمنى أن تكون هذه اللفتة الأبوية في احتضان الشباب ودعمهم، من القيادة السياسية، قدوة لقطاعات الدولة المختلفة لتقدم الدعم والرعاية لشبابنا.
فنحن نملك ميزة غير مستغلة، وثروة لا نلتفت إليها إلا في الحدود الدنيا، فنحن مجتمع شاب، على عكس مجتمعات كثيرة في العالم، حيث يشكل الشباب نحو %70 من الكويتيين، ومرجح أن ترتفع نسبتهم، كون نسبة الأطفال كذلك مرتفعة، لكننا وللأسف الشديد، لا نحتضنهم، أو لأكون دقيقة لا نجيد احتضانهم واستغلال طاقاتهم ومهاراتهم، فأغلب دول العالم المتقدم تعاني من انها مجتمعات شاخت بسبب قلة عدد الشباب فيها، بل لجأ العديد منها إلى احتضان اللاجئين ليشكلوا قوة عمل وإنجاز في هذه المجتمعات تعويضاً عن نقص الشباب، بينما نحن لدينا هذه الطاقة الخفية، ولا نجيد استخدامها في دفع عجلة التنمية، الاقتصاد، الرياضة، وغيرها.
ولا أنكر أن الدولة تحاول جاهدة تقديم الرعاية للشباب، فأنشأت الهيئات والجهات المعنية بذلك، لكن مازالت علتنا في ادارة هذه الجهات، فعلى سبيل المثال الصندوق الوطني للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، الذي أسس بالأصل لدعم الشباب الراغبين بفتح مشاريعهم الخاصة، لم يموّل مشروعاً واحداً منذ ما قبل «كورونا»، أي نحو ٣ أعوام بلا أي مشروع جديد يحتضنه الصندوق لشاب كويتي!
ولن أتحدث عن الرياضة التي شبعت نقاشاً، وصراعاً، وتمزيقاً، حتى أصبحنا في آخر الترتيب العربي والخليجي بعد أن كنا الاوائل، بالرغم من وجود هيئة للشباب والرياضة، وأندية وميزانيات تصرف.
في المقابل، وبالرغم من اننا مدركون تماماً ان الشباب هم عماد المستقبل، وقادة التنمية، وهم أساس استمرار التقدم، وبالرغم من صرف المليارات على التعليم المدرسي، ومن ثم الجامعي، والبعثات، وغيرها، تأتي بعض الادارات السيئة لقطاعات التعليم وتكدّس أبناءنا الطلبة في تخصصات بالية، وما عادت مطروحة في السوق، بينما تضيّق عليهم في تخصصات مرغوبة ومطلوبة!
وكل ذلك لا يمكن اعتباره سوى هدر في ثروة بشرية تمتلكها الكويت، بالإمكان أن تكون ذات عائد أكبر بكثير من النفط، لو تم استثمارها بشكل جيد، استثمروا في الشباب فهم الطاقة الحقيقية لنا.