استراتيجيات تخفيض الدين العام
بقلم: د. أسمهان ماجد الطاهر
النشرة الدولية –
يشكل الدين العام عبئاً ثقيلاً، عندما ينمو بشكل كبير جداً أو بسرعة كبيرة جداً. وهذا ما يحدث اليوم في الأردن والكثير من دول العالم.
لقد وصل الدين العام إلى مستويات غير مسبوقة. وارتفعت احتياجات التمويل، وعلى الرغم من الجهود الذي تبذلها الحكومة للتقليل من تأثير الأزمات المتتالية على الاقتصاد. والتي تشمل تحديات جائحة كوفيد- 19، وأزمة تكلفة المعيشة، والبطالة.
إن البنية المالية والاقتصادية للمملكة جعلت عملية الوصول إلى التمويل غير كافية ومكلفة، وبات ثقل الديون يعيق التنمية.
الدين العام عبء كبير على الاقتصاد الأردني بسبب محدودية فرص الحصول على التمويل، وارتفاع تكاليف الاقتراض، وتباطؤ النمو، مما ترتب عليه إضعاف قدرة الاقتصاد على الاستجابة لحالات الطوارئ، والتصدي للفقر والبطالة، مما انعكس سلبيًا على الاستثمار في المشاريع التنموية التي تخلق فرص العمل للشباب والقوى العاملة.
وهو ما دفع الحكومة لوضع خريطة طريق واستراتيجية جديدة تتضمن إصلاحات الهيكل المالي والاقتصادي وتحفيز أهداف التنمية المستدامة.
اقترح هنا، التركيز على ثلاثة مجالات أولها معالجة التكلفة المرتفعة للديون، والمخاطر المترتبة عليها.
ثانيا: التوسع بشكل كبير في التمويل طويل الأجل وبأسعار معقولة من أجل التنمية، وأخيرا وضع خطة متكاملة لزيادة التمويل الخارجي من خلال مشاريع استثمارية مشتركة تنعش الاقتصاد الوطني.
إن تنفيذ هذه الإجراءات له أهمية بالغة لإطلاق العنان للتمويل اللازم لبناء اقتصاد أكثر فاعلية وازدهارا وشمولا واستدامة.
إن خفض الدين العام في الأردن مهمة صعبة. ومع ذلك، هناك العديد من الاستراتيجيات التي يمكن استخدامها لمعالجة هذه المشكلة بشكل فعال، على رأسها ضبط الأوضاع المالية من خلال تطبيق الانضباط المالي الصارم وخفض الإنفاق الحكومي، من خلال خفض النفقات غير الضرورية، وتحسين كفاءة عملية إعداد الميزانية العامة. والعمل على زيادة الإيرادات.
إن تعزيز مصادر الإيرادات أمر ضروري لخفض الدين العام. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تدابير مثل توسيع القاعدة الضريبية التصاعدية، وتحسين آليات تحصيل الضرائب، وتنفيذ سياسات ضريبية عادلة وفعالة.
بالإضافة إلى ضرورة العمل على استكشاف مصادر دخل بديلة مثل جذب الاستثمار الأجنبي المباشر أو تشجيع الصادرات، للمساعدة على توليد أموال إضافية.
ومن الأهمية أن تركز أي استراتيجية لتخفيض الدين العام على إعطاء الأولوية لسداد الديون الأكثر تكلفة وتحديد أولويات السداد، ويمكن أن يشمل ذلك إعادة التفاوض على الشروط وأسعار الفائدة، أو البحث عن خيارات لتخفيف عبء الديون من المؤسسات المالية الدولية.
كما يجب عمل الإصلاحات الهيكلية اللازمة، والتي يجب أن تشمل تحسين الخدمات الحكومية، والحد من الفساد، وتعزيز بيئة الأعمال، وتشجيع السياسات الصديقة للاستثمار، وتشجيع ريادة الأعمال.
ويجب عدم إغفال أهمية المساعدات الدولية، والذي قد تزيد من خلال تصميم برامج فنية ومشاريع مصممة خصيصا لخدمة مصالح المواطنين واللاجئين، مما يسهل عملية الحصول على دعم من المؤسسات المالية الدولية المانحة.
إن جودة البرامج هو ما يضمن الحصول على القروض الميسرة أو المنح أو الحصول على المساعدة الفنية المصممة خصيصا لخفض الديون.
وأخيرا لا بد من الإشارة إلى أهمية خلق الوعي العام والمشاركة الفاعلة، بين المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة، لوضع تصور واضح حول أهمية تخفيض الديون والمشاركة في عملية صنع القرار بما يساعد في حشد الدعم وضمان تنفيذ التدابير اللازمة.
ومن المهم أن نلاحظ أن الأردن بلد قادر وفريد من نوعه، وأن الاستراتيجيات المستقبلية التي تسعى لخفض الدين العام لا بد من أن تكون مصممة وفقا لظروفه الخاصة. ومن الممكن أن يوفر التشاور مع الخبراء الاقتصاديين والمؤسسات المالية الدولية إرشادات قيمة في تصميم خطة فعالة لخفض الدين العام.
حمى الله الأردن أرضا وقيادة وشعبا..