نتنياهو ووصية «يشوع بن نون»!
بقلم: رجا طلب
النشرة الدولية –
يعمل نتنياهو بكامل طاقته على إدامة عمليات القتل الوحشية ضد أطفال ونساء غزة وإبادة كل إمكانات الحياة في القطاع، وهو يقوم بذلك بدافعين يعزز كل منهما الآخر، الدافع الأول هو ذاتي محض يريد من خلاله إدامة القتل ودغدغة عواطف جمهور دولة الاحتلال وارضاء غضب هذا الجمهور وتفريغ أحقاده العنصرية على الشعب الفلسطيني، وهو ما يعتقد أنه سيعزز رصيده ويعيد له «هيبته» المفقودة «كملك إسرائيل» أمام هذا الجمهور الذي كان يصفه بهذا الوصف وعلى مدى سنوات طويلة وبالتالي فهو يريد استثمار إطالة أمد الحرب وبهذه الوتيرة من الوحشية والتدم?ر لعله يجد في زاوية من زواياها ما يشكل انتصارا ما يخفف عليه آثار التهم التي يحاكم عليها كالاختلاس والفساد والرشوة، أما الدافع الثاني فهو نسخة من الدافع الأول ولكنه مغطى بغطاء ديني خبيث يمكن أن يؤسس إلى حرب دينية، وقد تورط بها نتنياهو بصورة واضحة لا لبس فيها في واحدة من خطبه لجمهور الاحتلال وبعد أيام من بدء معركة طوفان الاقصى، وهي الخطبة التي تحدث بها بالعبري وذكر فيها يشوع بن نون وعماليق والمواجهة بين يشوع بن نون وعماليق الذين كانوا يسكنون جنوب فلسطين والأردن ومناطق في سيناء.
وبالعودة الى هذا الاستشهاد وتفسيره دينيا وإسقاطاته السياسية والواقعية الأن نستطيع القول أن نتنياهو يقوم بحرب إبادة كاملة ضد سكان قطاع غزة بشكل خاص والفلسطينيين بصورة عامة عن سبق إصرار وعلى خلفية عقائدية، وبالرجوع إلى «الكتاب المقدس» سفر التثنية 25/ 17 يقول الرب (أذكر ما فعل بك عماليق في الطريق عند خروجك من مصر)
كما يقول النص الوارد في الكتاب المقدس (ازاحك الرب الهك من جميع اعدائك حولك في الأرض التي نعطيك الرب، الهك نصيبا لكي تمتلكها، تمحو ذكر عماليق من تحت السماء، لا تنسى)..
وتفسير هذه الوصية هي دعوة لإبادة عماليق الذين كانوا سكان فلسطين الأصليين، وهذا الكلام لنتنياهو والموجهه لجمهور حريدي يهودي متعصب يريد منه ليس أخذ الاذن بممارسة الإبادة بحق «عماليق» غزة، بل يريد القول انا يشوع بن نون الذي كلفني الرب بهذا العمل لإبادة ومحو عماليق من تحت السماء.
لذلك نجد نتنياهو يصر على أمرين أساسيين يعملان معا على إدامة العدوان على سكان غزة وممارسة الإبادة الجماعية ضد غزة وأهلها باعتبارهم عماليق وهما:
الأول: رفض أي صيغة من صيغ وقف إطلاق النار وربط ذلك بالإفراج عن الاسرى لدى المقاومة.
الثاني: رفض إدخال الحياة لقطاع غزة وأقصد هنا الغذاء والدواء والبنزين والسولار والماء.
ما يريده نتنياهو هو غسل وسخه السياسي وتلوثه السلوكي من رشوة وفساد بدماء عماليق غزة الابرياء من أطفال ونساء وشيوخ، ويريد أن يتقمص شخصية البطولة التي يراها اليهود بيشوع بن نون الذي قاد خروج النبي موسى وقومه من مصر إلى فلسطين والأردن.
والسؤال هنا هل ينجح هذا المخادع في إنقاذ نفسه عبر الرواية الدينية رغم أنه وكما هو معروف أنه شخص علماني غير متدين إلا أنه يمارس السياسية كحاوي أو ساحر أو لاعب قمار، يملك مقدرة عجيبة على تحويل أزماته إلى فرص، حتى وإن كانت على حساب دماء من هم من ابناء جلدته.