اقتصاد متين.. لكن من دون شحوم
بقلم: أسرار جوهر حيات

النشرة الدولية –

بينما كان ينتظر الشعب إقرار زيادات مالية مستحقة على الرواتب، التي لم تشهد تغييراً وارتفاعاً منذ سنوات، بالرغم من غلاء المعيشة، خرج وزير المالية فهد الجارالله مبشراً شريحة بسيطة جداً من المتقاعدين، بل حتى بشارته للمتقاعدين لم تكن حتمية، بل أعلن فقط عن توافق حكومي نيابي بشأن زيادة الحد الأدنى للمعاشات التقاعدية، في جلسة مجلس الأمة المقبلة، مستخدماً عبارة «اعتقد أن هناك توافقاً»، فحتى التوافق لم يكن حتمياً!

لكن ما استوقفني في بيان وزير المالية لم يكن إعلان زيادة المتقاعدين، بل بيانه لحالة الدولة الاقتصادية، فالوزير بدا لي، وصححوا لي إن كنت مخطئة، متناقضاً، فيقول ان اقتصادنا متين، لكن لا نملك سيولة!

ولا أعي ما الذي يقصده الوزير بهذه العبارة، التي تبدو متناقضة، لكن أي اقتصاد متين بالتبعية يدر أموالاً وسيولة، وإلّا ما جدوى متانته؟! بالتالي فإما معلومة الوزير الأولى خاطئة، وإما الثانية.

ولا أخفيكم سرّاً، بأنني كنت متفائلة بوجود وزير شاب، ابن وزارة المالية، والقطاع المالي الكويتي، فكنت أتصوّر منه، على الأقل أن يقدم، وخلال بدايات توزيره، تصوراً لتنويع مصادر الدخل، فالدول من حولنا تبني اقتصادات كبيرة، وما عادت معتمدة كلياً، كما نحن، على النفط، بينما مازلنا نحن في الكويت، نبيع النفط، ونعود لنوزع عائداته على شكل رواتب وأجور ومكافآت.

وربما أكون قلتها مراراً، لكن سأظل أكررها، النفط كان، ومازال، في قمة ازدهاره، خلال السنتين الماضيتين بسبب الارتفاع الذي شهدته أسعار البرميل بعد أحداث أوكرانيا وروسيا، وكان علينا أن نعي وقتها أن هذه العائدات يجب أن تستثمر باتجاهات تضمن لنا تنويع مصادر الدخل، لكن لم نكن على قدر الطموح، وأخفقنا في بناء اقتصاد متين فعلياً، لا الاقتصاد المتين الذي يعنيه الوزير الجارالله، بلا سيولة!

وإن كنا نعاني من أزمة سيولة، في ظل هذه الأسعار للنفط، وفي ظل اقتصاد متين، إذاً كيف سيكون الحال في الوقت الذي تعود فيه أسعار برميل النفط للانخفاض، وهو أمر مرجح، كون الارتفاع كان بسبب حرب روسيا وأوكرانيا؟!

الوزير، للأسف اكتفى ببشارة المتقاعدين، وألقى بمعلومة من شأنها أن «تعفس» حكومة كاملة، وهي أزمة السيولة، لكنه لم يقل كيف يمكن أن تحل هذه الأزمة، فهل الوزير لا يملك حلاً لها؟!

فليس الانجاز ان يتم الاعلان عن زيادة قد لا تتعدى بضعة دنانير لمعظم المتقاعدين، بل الانجاز أن نتخطى أزمة السيولة، فلا يمكن أن يكون اقتصادنا متيناً ولا يدر أموالاً، وكأنه اقتصاد بوزن زائد، لكن بلا شحم ولا لحم!

وللوزير الشاب، الذي ما زلنا نتوسّم به خيراً أقول إن أمامك فرصة لتثبت رؤية الشباب، وتعمل على تنويع مصادر الدخل، مستفيداً من الإيرادات النفطية، شدّ الهمة.. وسجّل إنجازاً للأجيال.

 

زر الذهاب إلى الأعلى