العريان: صعود الأسواق المالية مؤخراً حدث نتيجة سوء فهم ناتج عن تعليقات الفيدرالي في يناير الماضي

النشرة الدولية –

يرى الاقتصادي محمد العريان أن نص محضر اجتماع الفيدرالي الأخير من المتحمل أن يساهم في الإبقاء على الأسواق المالية مستقرة نسبياً بعد صعود كبير في الفترة الماضية.

ويشير العريان في مقال عبر “بلومبرج أوبنيون” إلى أن صعود الأسواق المالية مؤخراً حدث نتيجة سوء فهم ناتج عن تعليقات الفيدرالي في يناير الماضي والتي أشارت إلى تحول نحو سياسة التحفيز بدلاً من التشديد.

ولكن المحضر الأخير للاحتياطي الفيدرالي أشار إلى التحدي الخاص بالتواصل مع الأسواق والذي يواجهه البنك في ظل الظروف الاقتصادية المتقلبة والمتناقضة في البلدان الخارجية البارزة.

وحدد العريان 4 أسباب وراء احتمالية مواجهة اختبار هذا التحدي بحلول اجتماع الفيدرالي المقبل في مارس.

أولاً: من بين العوامل الرئيسية الأربعة التي من المحتمل أن تكون أثرت على تحول سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في يناير الماضي، فإن عاملين مرتبطين بظروف الاقتصاد المحلي وهما، ضعف الاقتصاد الداخلي و(أو) التفاؤل الكبير بشأن استمرار وجود قدرة إنتاجية أكبر للاقتصاد

جنباً إلى جنب مع انتعاش وشيك بالإنتاجية لا يبدو أنه كان لهما أثراً كبيراً على دفع قرار المركزي أن يكون صبوراً تجاه زيادة معدل الفائدة مجدداً.

كما أنه البنك أظهر مرونة فيما يتعلق بالنهج التلقائي لتقليل الميزانية العمومية عبر التخلي عن السندات التي اشتراها عقب الأزمة العالمية.

وفي الواقع فإنه على الرغم أن محضر الفيدرالي تحدث عن مخاطر هبوطية فإنه من الصعب عدم ملاحظة أن صناع السياسة النقدية مستمرين في التطرق إلى ملاحظات إيجابية خاصة بالنشاط الاقتصادي الذي وصفوه بـ”يرتفع بوتيرة قوية” وسوق العمل “الذي يشهد مكاسب قوية” والتضخم “القريب من مستهدف المركزي عند 2%”.

ثانياً: في المقابل فإن العاملين الآخرين اللذان تطرقا نحو مخاوف تدهور ظروف الاقتصاد العالمي وإمكانية حدوث آثار جراء الاضطراب في الأسواق المالية في الربع الأخير من العام الماضي يبدو وأنهما حصلا على اهتمام غير معتاد من بنك الاحتياطي الفيدرالي.

وأشار مسؤولو البنك إلى أن أوروبا والصين بشكل خاص، مؤكدين الحاجة لمراقبة هياكل السوق المالي أو ممارساته والتي من المتحمل أن تكون ساهمت منذ شهور قليلة مضت في وجود أعباء في السيولة المالية.

ثالثاً: هذا يتناقض مع الميول السابقة الخاصة حينما كانت تهيمن الاعتبارات المحلية على اهتمامات البنك أو عندما كان مسؤوليه يترددون في إبراز العاملين السابقين خشية أن يعرضوا أنفسهم للانتقاد بأنهم يحاولون أن يكونوا بمثابة بنك مركزي للعالم أو يتصرفون وفقاً لرغبة الأسواق.

رابعاً: يكمن في هذه الأمور كلها التحدي المتمثل في تطبيع السياسة النقدية في سياق الظروف الاقتصادية العالمية المتغيرة والمتناقضة، إلى جانب المخاطر المرتبطة بالتوترات التجارية (والتي يشار إليها البنك في محضره الأخير على أنها تعدد أوجه عدم اليقين بما في ذلك المتعلقة بتطور سياسات الولايات المتحدة والحكومات الأجنبية).

والقوة الاقتصادية في الولايات المتحدة يقابلها ضعف دولي من المرجح أن يزداد، وليس هناك ما يشير إلى أنه يمكن الحفاظ على التوازن الصحيح على مستوى العالم.

كما أن الشركات في مؤشرات الأسهم الرئيسية معرضة بشكل حاد للضعف الدولي أكثر من الاقتصاد الحقيقي.

ولا توجد أي من دولة كبرى راغبة في أن ترى ارتفاع في قيمة عملتها، مما يعوق آلية السوق.

خامساً: ومع كل تلك العوامل فإن الفيدرالي سيجد نفسه مضطراً لأن يكون أكثر اعتماداً على البيانات، ولكن الأسواق فسرت بالفعل لهجة الفيدرالي في يناير الماضي على أنها اعتراف ضمني ليس فقط بوقف زيادة الفائدة طوال العام الحالي وخفضها في 2020 بل وإنهاء مبكر أيضاً لعملية خفض الميزانية العامة للبنك.

ويميل الكثيرون نحو توقع أن اجتماع الفيدرالي المقبل والذي يتضمن التحديثات الكمية الدورية الهامة سوف يظهر توقعات مستقرة ثم انخفاض في مسار توقعات الفائدة.

كما هناك توقعات بأن اجتماع الفيدرالي المقبل سيشتمل على توفير التفاصيل المتعلقة بوقفت وكيفية وقف صناع السياسة النقدية لعملية خفض حيازة أصول بنك الاحتياطي الفيدرالي في وقت لاحق من العام الجاري.

سادساً: ويجعل ذلك من تحدي التواصل لبنك الاحتياطي الفيدرالي أكثر حدة، فالفيدرالي الأمريكي تأرجح من التشدد المفرط للسياسة النقدية والمتجسد في 4 عمليات زيادة لمعدل الفائدة في العام الماضي وخفض تلقائي للميزانية العمومية للبنك إلى الدعوة بدلاً من ذلك إلى الصبر والمرونة تجاه زيادة الفائدة.

ومما لاشك فيه أن صناع السياسة النقدية سوف يرغبون في تحقيق استقرار في التوقعات، في الوقت الذي يستعدون فيه ويحتفظوا بخيارات السياسة العامة.

ولكن أي إشارة واضحة من شأنها إفساد تصور الأسواق بشأن سياسة الحذر من جانب الاحتياطي الفيدرالي قد تؤدي إلى تقلبات مالية وتثير المخاوف المتعلقة بتكرار ما حدث في الأسواق في الربع الأخير من العام الماضي.

وبنك الاحتياطي الفيدرالي يأمل أن تساهم التعليقات القادمة لصناع السياسة النقدية إلى جانب البيانات المتداخلة بما فيها تقرير الوظائف الشهري لفبراير الجاري في الحد من مخاطر فشل جديد في التواصل بين المركزي والأسواق.

وإذا فشلت هذه الاحتمالية، فإن البنك قد يقرر أن يترك تقديرات الأسواق تسير كما هي خشية أن تنتهي أي محاولة له لتوضيحها إلى التسبب في تجديد حالة عدم الاستقرار في الأسواق المالية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى