ما وراء حاملي البندقية الإسرائيلية؟
بقلم: حمزة عليان
النشرة الدولية
الجريدة –
عندما يطرح موضوع علاقة الطائفة الدرزية الكريمة بإسرائيل يثار عدد من الأسئلة المصاحبة للتشكيك والمصبوغة بالرواية التي تعتمد على مصادر وكتابات صهيونية، فكان تعليق الصحافي والزميل محمد أمين رداً على «المفكر الكبير» د. يوسف زيدان لافتاً للانتباه، وهو ما دفعني للسؤال هل حقاً ما نسب إليه مختلق أم فيه شيء من الحقيقة؟
لم أترك الموضوع أو أتجاهله بل رحت أبحث وأتقصى إلى أن عثرت على ما أريد في كتاب صادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، وهذه مؤسسة فكرية لا أحد يشكك في مصداقيتها ونهجها البحثي والتزامها بالدفاع عن قضيتها ألا وهي القضية الفلسطينية، وبالأساس أنشئت لخدمة رسالة نبيلة وبغرض تقديم جرعات من الدراسات المختصة بإسرائيل وفلسطين والصراع القائم بينهما، منذ تأسيس الكيان قبله وبعده.
في مناظرة تلفزيونية ينقل الزميل محمد أمين عن زيدان في مقارنة جدلية القول «إن الأكراد لا يدخلون برلمانات تركيا والعراق وسورية، كما يدخل فلسطينيو 1948 الكنيست في إسرائيل!!»، والحقيقة أن المعلومة غير صحيحة بما يخص الأكراد، فهذه الأقلية لها تمثيل وعدد من المقاعد في مجالس الشعب المنتخبة، إنما الرد كان حول فلسطينيي 1948 والمسألة لم تكن بدخولهم الكنيست أو عدمه بل كيف أن إسرائيل جعلت وزن الوجود العربي في هذا المحفل صفراً، ثم يوجه أسئلته إلى «المفكر الكبير» المثير للجدل يوسف زيدان: هل تعلم أن الدرزي قد يكون ضابطاً في الجيش الإسرائيلي ولا يستطيع بناء غرفة ليتزوج فيها، وأنه إذا لم يؤد الخدمة العسكرية لا يستطيع الحصول على جواز سفر أو السفر أو دخول الجامعة أو تولي وظيفة رسمية؟
في هذا الإطار ذهبت إلى كتاب المؤرخ الفلسطيني الراحل «قيس ماضي فرُّو» والمعنون باسم «دروز في زمن الغفلة» والصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، وصل إلى استنتاج مفاده أن الدروز وقعوا ضحية سياسات الحركة الصهيونية، مستغلة عزلتهم وشعورهم بالخوف من المستقبل، وقوله إن دمج الدروز في الجيش والمؤسسة الأمنية لم يحمهم من سياسات مصادرة أراضيهم، وتهميش بلداتهم، وأن المجهود الصهيوني لم يمنع من ظهور حالة رفض درزية لحمل البندقية الإسرائيلية وتهجين الهوية.
ناقش المؤلف الخطاب الصهيوني الإعلامي والأكاديمي حول الدروز، ليؤكد أن تاريخهم المعاصر شهد بروز نخب تبنَّت هويات جماعية عابرة للطوائف، ونادت بإسلامية المذهب الدرزي وأصل الدروز العربي وانتمائهم إلى الوطنية السورية، أما دروز فلسطين فظلوا برأيه ملتصقين بهويتهم الطائفية قبل نكبة 1948 وبعدها، وأظهر الكتاب أن نجاح عمليات التجنيد في الوسط الدرزي لم تؤد إلى حماية ممتلكاتهم فقد خسروا ما نسبته 68 في المئة من أراضيهم.
حاول المؤرخ الفلسطيني، فهم ما جرى لهم واضعاً تصوره عن تاريخهم في إطار الصراع في فلسطين، ومحطاته المتعددة وأزال الكثير من الغموض حول مشاركتهم في النضال ضد المشروع الصهيوني منذ ثورة 1936 معترفاً بإنكساراتهم.
في المحصلة قدم مساهمة رصينة على طريق تحرير تاريخ الدروز من هيمنة الأكاديمية الصهيونية.