بكرةٍ تتقاذفها الأقدام..العروبة تتقزم
بقلم: صالح الراشد
انتشر الفرح على الوجوه العربية، والله يعلم ما في القلوب ليكثر العرب من الحمد، وكان حديثهم الحمد لله نهائي كأس آسيا بكرة القدم عربي خالص، نعم فالعرب سعداء أننا نلتقي في قمة مما يعطي مؤشر إلى أن جميع القمم لم تكن عربية خالصة، وان كانت بحضورها إلا أنها لم تكن عربية بقرارتها، نعم، لقد تغنى العرب من الخليج للمحيط بالشعور بالقومية العربية بكرة القدم متناسين ان المطلوب قومية عربية شمولية ليكتمل الفرح والغناء، فالعروبة وقوميتها ليست كلمة تقال بل فعل يحقق المُراد.
واختفت القومية العربية عندما شن الكيان الصهيوني عدوانه على غزة ولم نسمع كلمة العروبة إلا في أضيق الأماكن، واختفت عن شاشات الفضائيات وأصبحت من المحرمات بل أصبحت المقاومة عند البعض ليست عربية، فخلعوا ردائها وألبسوها رداءً آخر ليتخلصوا منها ومن واجباتهم بالدفاع عن فلسطين معلنين برائتهم من حمايتها، بل ذهبوا لأبعد من ذلك وتركوا جنوب أفريقيا غير العربية تقوم بدورهم في مخاطبة العالم لمحاسبة الصهيوني المُحتل.
ولم يكن نكوص القومية العربية على عقبيها بالأمر الجديد فقد سبق وأدارت ظهرها للعراق، وتركته لسنوات طوال يعاني القتل ونهب الثروات والتدمير وحيداً دون سند بل أقلعت طائرات الموت الأمريكية من قواعد عربية لقتل أطفال العراق، وحين مدت العروبة يدها لاشقائها العرب كانت يد ملوثة، فدمرت سوريا واليمن وليبيا والسودان وكانت نصيراً لاعداء الأمة تحت شعار التغيير ، وأمدت الأعداء بالسلاح والمال والدعم الإعلامي، كما عملت على مساعدة كل من يُريد قتل أخيه، لتموت العروبة بيد العرب وليتم اغتيال الحلم العربية بحقيقته وأغنيته بأياد عربية.
وحين جاعت شعوب الصومال والسودان وأهل غزة اختفى مصطلح العروبة ولم نسمع به كالعادة، وفي الوقت الذي تضرر فيه اقتصاد تونس ومصر والأردن ولبنان أصبحت العروبة في خبر كان، ولم نسمع بالقومية العربية حين تزايدت نسبة البطالة في عديد الدول العربية، وارتقت حينها القومية الهندية والباكستانية والبنغالية ليتم التعاقد مع مواطنيها للعمل في بعض الدول العربية لتخف نسبة البطالة في تلك الدول فيما شباب العرب المؤهلين يبحثون عن فرصة للهجرة للغرب الذي يقدر علمهم وخبراتهم ليشتموا القومية وكذبها ونفاقها.
لذا لم نجد العرب يجتمعون إلا للتغني بعروبة القدم، تاركين عروبة الفكر والمصير المشترك وراء ظهورهم، لتسقط القومية الحقيقية وتنمو قومية طفيلية وظيفتها إشعار الشعوب المغلوبة بأن الأمة واحدة وأن الشعور المشترك متواجد، فيما الحقيقية أن العروبة نُحرت من الوريد للوريد ولم يبقى منها إلا كرة قدم لا تسمن ولا تُغني من جوع، وهي الكرة ذاتها التي تسببت في تراجع علاقات بعض الدول، لنعيش في زمن قومية السراب الذي يعمل الباحثون عن صناعة الخداع بكل جد حتى تحسبه الشعوب ماء.
آخر الكلام:
رحم من قال “جعلوا للهزل قوانين وتركوا الجد بلا قوانين”، فماتت القومية لأنها خارج حسابات الشعوب الغنية وارتقى في الشعوب تجار الشعارات الفارغة وأصحاب الثقافات الكاسدة، فعفى الله عن أمة مصيرها بقدمها لا بعملها وفكرها وعلمها، فعندما يفوز فريق نقول كلنا عرب وحين دمرت العراق واعتدى الصهاينة على غزة وضع العرب رأسهم في الرمال وتحولوا لشعوب من النعام، فعندما تصحو القومية في الأمور الثانوية وتختفي في القضايا المصيرية فاعلم أننا محتلون حتى النخاع