لهذا السبب سيرسل ماكرون الفي جندي إلى أوكرانيا

النشرة الدولية –

كتب اكرم كمال سريوي في “الثائر”

أثارت التصريحات الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التي دعا فيها الدول الأوروبية إلى إرسال قوات عسكرية إلى أوكرانيا، تساؤلات عديدة، حول سبب هذه الإندفاعة المتهورة، التي هي بمثابة إعلان حرب على روسيا!!!

لا يوافق معظم القادة الأوروبيين على هذه الخطوة، وبعظهم اعتبرها بمثابة موقف عابر. خاصة بعد أن أعلن وزير خارجية ماكرون، أن فرنسا لن ترسل جنودها للموت في أوكرانيا، وعارض كبار ضباط القوات المسلحة الفرنسية، أي تدخل مباشر في الحرب.

ورغم المعارضة الواسعة لاقتراح ماكرون، من قِبَل الأمريكيين والأوروبيين وغالبية الفرنسيين، إلّا أن ماكرون قام بزيارة المانيا، وحاول إقناع المستشار الالماني أولاف شولتس، بوجهة نظره.
لكن مسعاه باء بالفشل، لأن الالمان لا يريدون الدخول في حرب مباشرة مع روسيا، وتكرار التجارب المأساوية التي خاضوها في الحرب العالمية الثانية.

من برلين تباهى ماكرون بأن فرنسا قوية، ودولة نووية، وهي ليست ضعيفة كالمانيا وغيرها من دول أوروبا. وأثار كلامه الجارح هذا، امتعاضاً كبيرًا لدى الألمان والأوروبيين.

في 15 و 16 شباط الماضي، زار الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، كلاً من المانيا وفرنسا، ووقع معهما اتفاقات عسكرية. تعهدت بموجبها المانيا بتقديم ما قيمته 1.1 مليار يورو من المساعدات العسكرية، من بينها 36 مدفع هاوتزر، و120 ألف طلقة مدفعية، ونظامين للدفاع الجوي.

ووصف شولتس الاتفاقية بأنها “خطوة تاريخية”.

وتضمنت الاتفاقية مع فرنسا، التزامات مالية لمدة عشر سنوات، وأكدت على تطوير التعاون بشكل كبير، في مجال المدفعية.

قدرات الجيش الفرنسي!!!

وفق تصريحات كبار الضباط الفرنسيين، فأن الجيش يشكو من الإهمال وقلة التمويل، وهم يأسفون لقلة المعدات وتقادُمِها في بعض الأحيان، هذا وفق ما أفاد به رئيس أركان الجيش الجنرال بيير شيل .

ورغم رصد مبلغ 450 مليار يورو لتطوير الجيش، في مشروع 2024-2030 ، يقدر الخبراء أن الجيش الفرنسي يبقى قزماً، بالمقارنة مع جيوش الدول الكبرى.

فعديد الجيش البري لا يتجاوز 124 الف جندي، أما التسليح فهو 138 طائرة مقاتلة و 76 طائرة قاذفة.

وقال رئيس أركان سلاح الجو والفضاء، الجنرال ستيفان ميل، أنه قلق بسبب أن مخزون الذخيرة “غير كاف”، إضافة إلى إغلاق قاعدة جوية سنويا منذ عام 1996.

ويملك الفرنسيون 257 دبابة قتال، وعدد قليل من قطع المدفعية.

وقال رئيس أركان القوات المسلحة الجنرال بوركار: “يجب أن نكون قادرين على مواجهة الخصم، وإلحاق أضرار كبيرة به من اللحظة الأولى، وذلك يتطلب مدفعية بعيدة المدى”.

أما سلاح البحرية، فيملك أربع غواصات تعمل بالطاقة النووية، وهي باتت تحتاج إلى إعادة تأهيل. وكذلك حاملة الطائرات “شارل ديغول” يلزمها تجديد، قبل أن تفقد صلاحيتها.

وأعرب رئيس أركان البحرية الأدميرال فاندييه، عن أسفه لتقليص البحرية بمقدار النصف منذ عام 1990، وقال: إنها اليوم تمتلك 19 سفينة سطحية كبيرة فقط.

وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا ما زالت لا تملك صواريخ فرط صوتية، وهي تخطط لتطوير سلاح الصواريخ مستقبلاً.

وصرح الجنرال شيل بأن جيشه قادر على الاشتراك في مهمة قتال خارج البلاد، وإرسال 20 الف جندي.

ومن المعروف أن الجيش الفرنسي يشارك حالياً في عدة مهمات؛ حفظ سلام، وقواعد عسكرية، في عدة دول من المستعمرات الفرنسية السابقة. وأرسلت فرنسا مؤخراً سفينتين حربيتين إلى البحر الأحمر.

ورغم هذا الواقع المتردي للقوات المسلحة الفرنسية، يفكر الرئيس ماكرون، بإرسال الفي جندي إلى أوكرانيا، لمنع روسيا من تحقيق النصر.

لم تشارك الولايات المتحدة الأمريكية في اجتماع باريس، الذي دعا إليه ماكرون، وذلك في إشارة واضحة، إلى أنها تعارض إرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا. وأعلن الرئيس بايدن: أنه لن يرسل جنوده للحرب في أوكرانيا.

فما الذي يجعل ماكرون مندفعاً للحرب بهذا الشكل، ويخاطر بإشعال حرب عالمية ثالثة؟؟؟

يعلم قادة العالم، أن إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا سيشعل فتيل الحرب العالمية الثالثة، التي لا بد أن يتم فيها استخدام الأسلحة النووية، مما يعني نهاية أوروبا، وربما العالم.

ولا يشك أي خبير عسكري، أن الفي جندي فرنسي، لن يغيروا مسار الحرب، وسيعودون جثثاً، ولا قدرة لفرنسا على إلحاق الهزيمة بروسيا، حتى لو أرسلت كل جيشها إلى أوكرانيا.

عندما اجتمع الرئيس الأوكراني زيلينسكي بالفرنسي ماكرون، أبلغه أن الجيش الأوكراني في موقف صعب على جبهات القتال، وأن قواته تتراجع على كافة المحاور، والروس يقضمون المزيد من الأراضي.

وقال زيلينسكي أن ضباطه يشكون من قلة الذخيرة، ولم يعد بإمكانهم اطلاق أكثر من الفي قذيفة يومياً، في حين يحتاجون إلى إطلاق ما بين 10 إلى 15 الف قذيفة في اليوم الواحد.

وشكى زيلينسكي من نوعية العتاد الذي يتم تقديمه لأوكرانيا، والذي هو سلاح قديم، تخلت عنه الجيوش الغربية، لأنه أصبح متهالكاً.

وأضاف زيلينسكي، أنه لا يمكن لجيشه تحقيق نصر على روسيا بهذه الأسلحة.

وأفادت بعض المعلومات أن الرئيس الأوكراني أعرب لماكرون، عن خشيته من تقلص الدعم الغربي لبلاده، وشح المساعدات، وأن أوكرانيا باتت غير قادرة على الصمود، وقد ينهار جيشه في أي لحظة، ويستسلم لروسيا.

هذا الوضع الأوكراني على جبهات القتال، دفع بالرئيس الفرنسي، إلى البحث عن سُبل، لتشجيع أوكرانيا على الاستمرار في القتال، ولم يجد أمامه شيء، سوى الخطاب العالي السقف، والتلويح بارسال قوات إلى أوكرانيا.

من جهة ثانية، يريد ماكرون استغلال هذا الموقف على الصعيد الداخلي، لتبرير زيادة الانفاق العسكري، وكسب ود قادة الجيش.

أما الهدف الثالث لماكرون، فهو قديم جديد، أي حلمه بتشكيل قوة عسكرية أوروبية، تقودها فرنسا، وتكون مستقلة عن أمريكا، وخارج حلف شمال الأطلسي، وهو يريد من هذه التصريحات حث الأوروبيين على تشكيل قوة مشتركة.

والسبب الرابع هو أنه لا شك أنه بعد تمرد مالي وبوركينا فاسو والنيجر، على الهيمنة الفرنسية التقليدية، بدأت المشاعر المناهضة للقوّة الاستعمارية السابقة، تسري كالنار في الهشيم عبر دول الساحل والصحراء. وهذا يهدد بسقوط مزيد من الأنظمة المقرّبة من الاليزيه، لتصعد مكانها قيادات جديدة مناهضة لفرنسا.

وأصبح ماكرون حاقداً على روسيا، بعد هذا الخروج المهين له من عدة دول أفريقية، كانت قد استعمرتها فرنسا لعشرات السنين.

وهو يرى أن كل ذلك حصل بدعم من روسيا لتلك الدول.

من ناحية أُخرى، بات جنرالات الغرب، على قناعة تامة، بأن روسيا نجحت في الصمود، وباتت أكثر قوة وخبرة في الحرب، وهي الآن تراكم ربحها كل يوم، ولا بد من وقف هذه الحرب، قبل أن تستولي روسيا على كامل أوكرانيا.

وفي ظل ما يصرح به المرشح للرئاسة في الولايات المتحدة الامريكية دونالد ترامب، المعروف عنه بأنه لا يدفع فلساً واحداً سُدًى، ففي حال فوزه، سيوقف المساعدات لأوكرانيا، وسيجبر الأوروبيين على دفع المزيد من الأموال للناتو، وعندها سيكون واضحاً، أن الغرب وأوكرانيا خسروا هذه الحرب.

والأسوأ من ذلك كله، أنه إذا كان يمكن في أمريكا، إلصاق هذه الهزيمة بسياسة بايدن، الذي قد يخرج من البيت الأبيض، لكن في أوروبا، سيلازم هذا العار، قادة أوروبا؛ من ماكرون، وشولتس، و سوناك ،و ناروتوفيتش، ورينكيفيتش، وغيرهم ممن دعا إلى تجاوز الخطوط الحمر، والقضاء على روسيا.

لقد أشعل جنون هتلر حرباً عالمية، راح ضحيتها الملايين من سكان أوروبا والعالم. وانتهت باستخدام الولايات المتحدة الأمريكية للسلاح النووي، وإبادة مدينتين يابانيتين عن بكرة ابيهما. وقضى هتلر في نهاية الحرب منتحراً، بعد أن استسلمت المانيا أمام السوفيات.
هل محت الأيام تلك الذكريات الأليمة، وجاء إلى أوروبا هتلر آخر، ليشعل حرباً عالمية جديدة، ستكون أكثر فتكاً ودماراً هذه المرة؟؟؟!!!

Back to top button