مسرحية عسكرية وهؤلاء الرابحون والخاسرون
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

تسابقت القنوات الفضائية لاستقبال المحللين لتوضيح ما جرى من رد إيراني على قيام القوات الصهيونية بقصف قنصليتهم في سوريا، وتحدثوا بإسهاب على الردع المتبادل وتكافؤ القوة والقدرات على التهديد وأنه لا أحد في أمان، وخرجت الصواريخ من إيران وسقط ما سقط في السماء فيما لم يلحق أي من الصواريخ أضراراً بالكيان الغاصب، وهو ما أشار إليه السياسيون في الولايات المتحدة بأنهم يتقبلون عملية رد تسقط بعض الصواريخ في مناطق مفتوحة في الكيان وهذا ما جرى، فللمرة الأولى في تاريخ الحروب يتم تحديد موعد وطريقة إطلاق الصواريخ والمسيرات والإعلان عن طريقها لتنتظرها القوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية وتدمرها، لتكمل القبة الحديدية الصهيونية على ما بقي من صواريخ قد تسقط في مناطف هامة، ولإكمال عملية التخدير استمر التهديد عبر تصريحات العسكريين في طهران والكيان، واستمرت القنوات الفضائية بالبعث بالفكر العربي.

وبعد العملية يجب وضع النقاط على الحروف لتحديد المكاسب والخسائر من هذه العملية الإعلامية، وهي مكاسب ليست عسكرية إلا بالمسمى كونها تتعارض مع التخطيط العسكري المعتمد دوماً على السرية، فتعتبر إيران الرابح الأول كونها استعادت صورتها كقوة مؤثرة تستطيع الوصول حيث تشاء في المنطقة بفضل صواريخها والطائراتها المسيرة، وهذا أمر سيرعب الدول التي تعارض عواصم التاج الفارسي، إضافة لعودة الاتفاق النووي من جديد بين طهران وواشنطن، وهنا يظهر الرابح الثاني وهي الولايات المتحدة وشركات الأسلحة التابعة لها، حيث ستُسارع دول المنطقة إلى إبرام صفقات بمليارات الدولارات لشراء الأسلحة، وتوقيع اتفاقيات عسكرية مع الولايات المتحدة ومطالبتها بزيادة قواعدها العسكرية، بل سيذهب البعض لشراء القبة الحديدة الصهيونية لحماية العواصم التي تعارض السياسة الإيرانية، كما سيتم تمرير صفقة الأسلحة الأمريكية الصهيونية التي أوقفها الكونغرس.

أما الرابح الثالث فكان رئيس الكيان الصهيوني نتنياهو والذي استعاد الغطاء الأمريكي الغربي، لتقوم هذه الدول بالدفاع عن الكيان بالتصدي للصواريخ في سماء الدول العربية قبل ان تصل فلسطين المحتلة، وبالتالي عاد المنبوذ من السياسيين الغربيين إلى مكانته بينهم حسب شروطهم وسيتقبل طروحاتهم وآرائهم بطريقة أفضل، بعد أن قاموا بتأديبه بالسماح لإيران بإرسال الصواريخ والطائرات للكيان الصهيوني ليدرك مكانته وأنه وكيانه دون الغرب لا يستطيع البقاء ليوم واحد في المنطقة، لذا سنجد تغيير في طريقة تعامله مع الغرب لا سيما في ظل زيادة الغضب الشعبي ضد حكومته العنصرية، وهو غضب سيتزايد في الايام القادمة بعد أن ثبت للجميع أنه سياسي جاهل حوله مجموعة من المتعصبن الخطرين على الكيان وسيقود هؤلاء الكيان للمزيد من المواجهات الخطرة.

وإذا ذهبنا للخاسرين فسنجد فلسطين وقضيتها وغزة في المقدمة، حيث نجح الهجوم في جعل نتنياهو يجلع ثوب المجرم أمام العالم وارتداء ثوب المدافع عن شعبه، وأصبح العدوان الصهيوني على غزة في تصنيف متأخر لعملية لم تتسبب في جرح صهيوني واحد، فيما تجاوز عدد الشهداء والمفقودين في غزة أكثر من اربعين ألف، كما ستخسر لبنان حيث تواصل القصف الصهيوني لعديد المواقع في العمق اللبناني ولن تجد من يقف معها، كما خسرت العديد من الشعوب العربية احترامها لذاتها وقادتها كونها كانت عُرضة للهجمات الصهيونية على مدار عقود، ولكنها لم تقم بالرد فيما ردت إيران على قصف قنصليتها بعملية مسرحية عسكرية تم إخراجها بصورة منمقة بقوة الإعلام والتصريحات والتهديدات، لنجد ان ما جرى مجرد عاصفة في فنجان قهوة باردة

Back to top button