دراسة أممية توصي بتدابير لمعالجة التأثير الاجتماعي والاقتصادي لتداعيات حرب غزة على مصر
نيويورك – عائشة دسوقي – أخبار الأمم المتحدة –
أعلنت دراسة تقييمة أممية صادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عن تداعيات إنمائية وضغوطات تشهدها في مختلف المجالات الإجتماعية والإقتصادية نتيجة الحرب الدائرة في غزة، والتي تسببت بشكل أو بآخر في تراجع التنمية البشرية لخمس سنوات، بما في ذلك تضرر إيراداتها من السياحة وقناة السويس.
ولفتت الدراسة إلى الإعتماد الاقتصاد المصري الكبير على السياحة والتحويلات المالية وعائدات قناة السويس والديون الخارجية وتدفقات رأس المال، مؤكدة على أن تداعيات الحرب على غزة تضغط على مسار الإصلاح الاقتصادي والتنمية في مصر.
وتوضح الدراسة تفاصيل أشكال الأثر الاجتماعي والاقتصادي المحتمل للحرب في غزة على الاقتصاد والمجتمع المصري وتقدم رؤى لصانعي السياسات وأصحاب المصلحة للتخفيف من المخاطر.
وتستعرض الدراسة توقعات لسيناريوهات تأثيرات الحرب على غزة على مصرخلال الستة أشهر (سيناريو الشدة المنخفضة)، وتسعة أشهر (سيناريو الشدة المتوسطة)، وعام (سيناريو الشدة العالية).
وتقدر الدراسة معدل انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لمصر نسب تتراوح بين 2.6% و3.0% وفق السيناريو المتوقع، مع ارتفاع معدل البطالة من 7.8% إلى 8.7% في سيناريو الشدة المتوسطة و9.1% في سيناريو الشدة العالية.
كما سلطت الضوء على التحديات الاقتصادية العميقة التي تواجه مصر، حيث تضررت مصادر الإيرادات الرئيسية للبلاد من السياحة وقناة السويس بشدة نتيجة للهجمات في منطقة البحر الأحمر، وما تلاها من تداعيات على النقل البحري مما أدى إلى تفاقم الضائقة الاقتصادية واستلزم اتخاذ تدابير انتعاش سريعة.
ويقدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي انخفاض إيرادات السياحة وقناة السويس في السنتين الماليتين الحالية والمقبلة بحوالي 9.9 مليار دولار (سيناريو الشدة المتوسطة)، و13.7 مليار دولار إذا اشتدت الحرب بمشاركة دول إقليمية أخرى وجهات فاعلة (سيناريو الشدة العالية).
بالإضافة إلى ذلك، تشير التوقعات إلى تراجع محتمل في مؤشر التنمية البشرية في مصر، قد يصل إلى المستوى المسجل عام 2018، وهو ما يمثل خسارة تصل إلى خمس سنوات في المكاسب التنموية.
ونوصي الدراسة باتخاذ تدابير مستهدفة وإصلاحات سياسية لضمان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في مصر.
وأشارت البرنامج إلى أن الحكومة المصرية وقعت بالفعل العديد من الاتفاقيات الجديدة التي أدت إلى زيادة تدفق العملات الأجنبية ورأس المال.
كما إقترح البرنامج بعض التوصيات السياسية الاقتصادية، بما في ذلك تعزيز آليات دعم الفئات السكانية الأكثر احتياجا، وتنفيذ إصلاحات سوق العمل وتعزيز التعاون الاقتصادي الإقليمي.
وفي تصريحات أدلى بها الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر أليساندرو فراكاسيتي، أكد على أن الحرب على غزة تختبر قدرة مصر على الصمود والتعامل مع هذه الأوقات المضطربة، وخاصة التحديات المرتبطة بالصدمات الخارجية.
وشدد على الحاجة الملحة لمعالجة التأثير الاجتماعي والاقتصادي للحرب، وذلك عبر بذل جهود منسقة للتخفيف من الآثار السلبية على الاقتصاد المصري وضمان التعافي المستدام.
هذا وحسب تحليل سابق نشره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أكد على أن الحرب الإسرائيلية على غزة، والتوترات في البحر الأحمر جراء التصعيد الحوثي ضد الناقلات التجارية والنفطية، أثر بشكل شديد على الاقتصاد في ثلاثة بلدان عربية، وهي مصر والأردن ولبنان التي تعاني أصلا ظروفا اقتصادية صعبة.
ويقدر التحليل، تكلفة الحرب الإسرائيلية على غزة في هذه الدول الثلاث 10.3 مليار دولار، أو 2.3 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي مجتمعة. ووفقا للتقييم، من المتوقع أيضا أن يقع 230 ألف شخص إضافي في هذه الدول في براثن الفقر.
وحذر التحليل من أن «التنمية يمكن أن تتراجع لمدة سنتين إلى ثلاث سنوات على الأقل في مصر والأردن ولبنان»، مشيرا إلى أزمات أخرى تواجه اقتصادات هذه الدول أبرزها يكمن في تدفقات اللاجئين، وارتفاع الدين العام، وانخفاض التجارة والسياحة، وهي مصدر حيوي للإيرادات والعملات الأجنبية والتوظيف.
وفي تصريحات سابقة كان قد أدلى بها مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما الأمريكية جوشوا لانديس، أكد على أن هذه «اللكمات الاقتصادية» لهذه الدول الثلاث إنما تأتي في وقت سيئ إقتصاديا في هذه البلدان الثلاث بشكل خاص، وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل عام.
وذكر بأن عدم اليقين بشأن مسار الحرب في الأردن ولبنان ومصر، من شأنه أن يؤدي إلى تآكل ثقة المستهلكين والشركات مما يؤدي إلى انخفاض الإنفاق والاستثمار في هذه الدول.
وأكد لانديس على قناعته بأن «مصر أكبر من أن تفشل»، ونوه إلأى أنه من غير المرجح أن تسمح الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي لمصر بالتخلف عن سداد قروضها الأجنبية البالغة 165 مليار دولار نظرا لأهميتها الاستراتيجية والسياسية، ذلك رغم إرتفاع تكلفة الواردات الأساسية مثل القمح والوقود، وهبوط عائدات السياحة، وانخفاض الاستثمار الأجنبي الناجم عن جائحة فيروس كورونا والحرب في أوكرانيا.