اغتيال ابراهيم رئيسي! كيف؟ ولماذا؟
بقلم: اكرم كمال سريوي
النشرة الدولية –
“الثائر” –
بانتظار إعلان السلطات الإيرانية البيان الرسمي، حول تفاصيل ونتائج الحادث المؤسف، الذي تعرضت له المروحية التي كانت تقل الرئيس الايراني، والوفد المرافق له، المؤلف من ثمانية أشخاص، بينهم وزير الخارجية حسين امير بعد اللهيان.
بات واضحاً بأن الرئيس الإيراني، والوفد المرافق له على متن المروحية، قد قضوا نحبهم، في هذه الحادثة المأساوية.
الطقس كان المتهم الأول بسقوط المروحية، التي كانت تقل الرئيس ابراهيم رئيسي، لكن من ناحية علمية عسكرية منطقية، كل المؤشرات تدل على وجود فرضية اغتيال، تم تنفيذها بشكل دقيق ومحترف.
تُظهر الصور الأخيرة التي بثتها وكالة “إرنا” الايرانية لطائرة الرئيس عند إقلاعها، أنها من نوع بيل 212 أمريكية الصنع.
وكانت قد حصلت عليها ايران قبل سقوط الشاه، واستُخدمت يومها كطائرة رئاسية.
من حيث المبدأ يبلغ عمر المروحيات 20 عاماً، وتحتاج بعد ذلك إلى تجديد شامل، وليس فقط إلى عمليات صيانة معتادة، لكن من الواضح أن الطائرات الايرانية لم يتم تجديدها بسبب العقوبات الأمريكية على ايران، وكان يُكتفى بأعمال صيانة دورية لهذه الطائرات القديمة، والتي خرجت من الخدمة في عدة دول في العالم، بينها أمريكا.
المروحية كان من المقرر أن تصل من منطقة السد على الحدود مع اذربيجان، إلى مدينة تبريز على بعد 144 كلم، لكنها سقطت (او هبطت اضطرارياً) بعد ان قطعت حوالي 88 كلم.
الموكب كان يتألف من ثلاث مروحيات، وهذا إجراء عادي عندما يقوم الجيش بنقل شخصية مهمة. فلا بد من مواكبة الطائرة الرئاسية، تحسباً لأي طارئ، وغالباً تكون طائرة الرئيس في الوسط، ويتم الحفاظ على اتصال بالنظر بين المروحيات.
النقطة الثانية المهمة هي أن هذه المروحية، تستطيع الهبوط في أي مكان من الارض، بمساحة بقطر 20 متراً على الاقل، شرط أن يكون مستوياً وخالياً من الاشجار.
وهذه هي أهم ميزة في المروحيات، بحيث أنها لا تحتاج إلى مدرج أو مهبط خاص.
وتستطيع المروحيات الهبوط أحياناً، حتى في حال توقف المحرك عن العمل.
لكن المنطقة التي سقطت بها المروحية، منطقة جبلية، تكسوها الغابات الكثيفة، وهذا يجعل الهبوط الآمن صعباً للغاية وربما مستحيلاً.
كما أن صور حطام الطائرة، أظهرت أنها هبطت على سفح تلة وعرة، وشب حريق في مكان سقوطها.
وصلت المروحيتان اللتان كانتا ترافقان طائرة الرئيس، لكن السؤال البارز هو كيف لم يلاحظ الطيارون تعرض المروحية، التي كانت تقل الرئيس الإيراني، إلى حادث ما؟؟؟
لا يمكن استبعاد فرضية حصول الخلل الفني، خاصة أن المروحية أمريكية قديمة، ولم يتم تجديدها بسبب العقوبات على إيران.
كما أن الصور التي أظهرت وجود حريق على الأرض، في مكان سقوط المروحية، قد يعزز فرضية الخلل الفني، او الهبوط العنيف للطائرة.
لكن من ناحية ثانية، فإن الحريق لا ينفي فرضية حصول عملية استهداف للمروحية.
وهناك حوادث عديدة حصلت في العالم للمروحيات.
وغالباً تعرض الطاقم للوفاة، باستثناء حالات قليلة، ففي عام 2003 سقطت طائرة مروحية بولندية من نوع مي 171 سوفياتية الصنع، كان على متنها رئيس الوزراء البولندي، ولكن نجا كل من كان على متنها.
لكن في حالة وجود خلل فني في المروحية، كان على الطيار أن يبلغ عن العطل، إلى مركز القيادة، ويُرسل نداء استغاثة، أو يُعلم الطائرات المرافقة بذلك.
لكن الاتصال من قبل الطيار لم يحصل، ولا يوجد تسجيل لنداء استغاثة، وبالتالي هذا المؤشر يُضعف فرضية الخلل الفني.
كل هذه المعطيات تزيد احتمال حصول عملية اغتيال، وهي قد تكون تمت عن بُعد بالتأثير على الأجهزة الالكترونية، وجهاز توجيه المروحية.
أو عن طريق الاستهداف بطاقة الليزر السينية، أو ربما بمسيرة أو صاروخ من الأرض.
قد تكون كثافة الضباب وسوء الرؤية منعت الاتصال بالنظر بين المروحيات الثلاث، لكن هذا لا يعني انقطاع الاتصال اللاسلكي بينهم، وهذه نقطة مهمة، سيركّز عليها التحقيق الإيراني في الحادثة طبعاً.
وبالرغم من أن إيران كدولة لا يرتبط مصيرها بوفاة الرئيس، لكن المهم هو هل ما حصل حادث عرضي أم عملية اغتال ؟ وإذا كان اغتيالاً فمن الذي فعل ذلك وكيف؟
تتوجه اصابع الاتهام طبعاً إلى إسرائيل، خاصة من باب علاقتها الجيدة مع اذربيجان، وقدرة جهاز الموساد على التحرك في تلك الدولة، القريبة من منطقة الحادث.
لكن من ناحية ثانية، كان الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي يمثل خط الانفتاح في العلاقات مع الولايات المتحدة الامريكية، بعكس نائبه المتشدد الدكتور محمد مخبر.
لا شك أن إسرائيل منزعجة من أي تقارب إيراني مع الولايات المتحدة الامريكية، أو حتى مع الدول العربية، خاصة المملكة العربية السعودية.
وبالتالي من مصلحتها وجود رئيس متشدد في إيران، وهي حاولت مراراً منع اتمام مفاوضات الاتفاق النووي.
و قد تكون نجحت في توجيه ضربة مزدوجة:
أولاً بالانتقام من إيران وإظهار قدرتها على الوصول إلى العمق الإيراني، وتنفيذ عملية بهذا الحجم.
وثانياً بتوجيه ضربة لاي احتمال بتحسن العلاقات الأمريكية الايرانية، أو العربية الإيرانية.
قد تبقى حقيقة ما جرى غامضة إلى أمد طويل، وربما ستكشف التحقيقات لاحقاً الحقيقة الكاملة.
وكل الفرضيات الآن، هي من قبيل التكهن والتحليل، الذي يحتاج إلى قرائن إثبات.
لكن ليس من الصعب فهم وتحليل مجريات ما حدث، ومعرفة المستفيد الاكبر، من كل ذلك.