إغلاق الصحف اليومية: غصة دائمة في القلب

https://scontent.famm11-1.fna.fbcdn.net/v/t39.30808-6/279669009_5235859519770295_7592115275200027110_n.jpg?_nc_cat=106&ccb=1-7&_nc_sid=5f2048&_nc_ohc=QJabUwmtlrAQ7kNvgFMNRm-&_nc_ht=scontent.famm11-1.fna&oh=00_AYAuDW8Cef8Vh8GAfawo0sUfVyn7z7y8xc_IDv_tZDrXXg&oe=667AF03A

النشرة الدولية –

عند الحديث عن إغلاق الصحف اليومية، تنبعث في النفس غصة دائمة لا يمكن التغلب عليها بسهولة. إنها ذكريات سنوات مضت، تُعَدُّ من أجمل أيام العمر، حينما كانت الصحف اليومية مصدر الأخبار والتثقيف والتسلية، وكانت تشكل جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية.

لا شك بإن إغلاق صحيفة “نداء الوطن” اللبنانية يشكل خسارة كبيرة للساحة الإعلامية في لبنان. هذه الصحيفة كانت معروفة بمواقفها الجريئة ودفاعها عن الحريات العامة وقيم الديمقراطية، مما جعلها صوتًا مهمًا في مشهد الإعلام اللبناني.

إغلاق الصحيفة لا يمثل فقط خسارة لمصدر إخباري، بل هو ضربة للحرية الصحفية والتعبير في لبنان، في وقت يعاني فيه البلد من أزمات سياسية واقتصادية كبيرة. يشكل الإعلام الحر والمستقل ركنًا أساسيًا في بناء ديمقراطية قوية ومجتمع مدني نشط، وإغلاق مثل هذه المؤسسات يترك فراغًا يصعب ملؤه.

من الطبيعي أن يشعر القراء والعاملون في الصحيفة بالحسرة والغصة، خاصةً في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد. نأمل أن يتمكن الإعلام اللبناني من الاستمرار في القيام بدوره الحيوي، وأن يجد العاملون في “نداء الوطن” فرصًا جديدة تمكنهم من الاستمرار في تقديم صوت الحقيقة والحرية.

 

تعود بي الذكريات إلى عام 1995، عندما أغلقت صحيفة “صوت الشعب” الأردنية. كانت هذه الصحيفة منبرًا هامًا لصوت الشعب، تعبر عن قضاياه وهمومه، وتنقل الأخبار بحيادية ومهنية. كان لقراءها موعد يومي مع صفحاتها، حيث كانت ترافقهم مع فنجان القهوة في الصباح، أو تُقرأ في المساء بعد يوم طويل من العمل. إغلاق “صوت الشعب” كان بمثابة فقدان جزء من تاريخنا الإعلامي والثقافي، وترك فراغًا لم يستطع أي منبر آخر أن يسده.

في عام 2020، شهدنا إغلاق صحيفة أخرى عزيزة على قلوب الكثيرين، وهي صحيفة “الأسواق” الأردنية. التي شهدت  فيها نقلة نوعية تسجل في تاريخ الصحافة الأردنية، لكن هذه المرة، كان السبب مختلفًا. لم يكن نتيجة للأوضاع الاقتصادية الصعبة أو تقلص عدد القراء فحسب، بل كان نتيجة لطمع رئيس مجلس الإدارة. هذا الطمع أدى إلى إغلاق الصحيفة، ومعها انتهت كل الأيام والذكريات الجميلة المرتبطة بها. لقد كانت “الأسواق” تحمل في طياتها أخبار الأسواق والتجارة، وكانت مرجعًا مهمًا للمهتمين بالشأن الاقتصادي.

مع إغلاق هذه الصحف، انتهت حقبة زمنية جميلة، واندثرت معها الكثير من الذكريات. تلك الصحف التي كانت تملأ بيوتنا وتزين مكاتبنا، أصبحت الآن مجرد صور في ألبومات الذكريات. تلك اللحظات التي قضيناها في قراءة الأخبار وتحليل المقالات، وتبادل الآراء حول ما نقرأ، أصبحت الآن جزءًا من الماضي.

لكن رغم ذلك، تبقى هذه الذكريات حية في قلوبنا. تذكرنا بأهمية الصحافة المكتوبة، وكيف كانت جزءًا من حياتنا اليومية، تؤثر في ثقافتنا وفكرنا. ورغم تطور وسائل الإعلام وانتشار الصحافة الإلكترونية، إلا أن للصحف الورقية رونقًا خاصًا لا يمكن تعويضه.

إغلاق الصحف اليومية يشكل خسارة كبيرة للمجتمع.  ليست مجرد أوراق مطبوعة، بل هي جزء من تاريخنا وثقافتنا. تبقى الذكريات والصور شاهدة على أيام خلت، تذكرنا بقيمة الكلمة المطبوعة وأثرها في حياتنا. ورغم كل شيء، تبقى في القلب غصة دائمة على فقدان تلك الأيام الجميلة.

 

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى