السفاح نتنياهو.. خطاب يفسر تدخل “الأيباك” فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية
بقلم: حسين دعسة

النشرة الدولية

الدستور المصرية –

ما سبق خطاب السفاح نتنياهو في الكونجرس الأمريكي، تلك المؤشرات والأسرار السياسية التي اجتاحت عدة عواصم: بكين، واشنطن، القاهرة، عمان، الدوحة، بيروت… !

.. ليس الأمر بهذه الدهشة؛ فالعواصم هذه، هي، بعد واشنطن العاصمة الأمريكية، ستكون- وهذا ما تسرب من معلومات دبلوماسية لـ”الدستور” واسعة الاطلاع، كشفت عن طبيعة حراك السفاح نتنياهو، الذي صممت له “الأيباك”؛ لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية، اختصارًا “أيباك”-

زيارة تغيرت أجندتها، لتصبح أهداف منها “التدخل المرتقب للمنظمات اليهودية في الانتخابات الرئاسية”.

.. وقد تناول موقع middle east eye، في مقال، اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والسفاح نتنياهو في واشنطن، رغم حالة بايدن الصحية، وأثر الخلافات الدبلوماسية والأمنية بينهما منذ الحرب العدوانية الإسرائيلية العنصرية على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس والداخل المحتل، بما في ذلك الاقتحامات التي تمارسها الأحزاب التوراتية المتطرفة داخل المسجد الأقصى المبارك وكل القدس وجوار بيت المقدس.

 

* خطاب كاذب وكونجرس مغيب

 

.. ما ظهر أن موقف المجتمع الدولي، يؤكد أنه- بالذات بعد خطاب السفاح الكاذب المشتت- أنه لن يكون لزيارته أي تأثير كبير على العلاقة الفعلية بين الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وربما يدرك “والأيباك” أن لقاء بايدن والسفاح نتنياهو يحدث في وقت سياسي أمني، تباعد فيه كل أدوار العلاقة الأمريكية الإسرائيلية.

 

.. وجاء خطاب السفاح، في الوقت الحالي، بهدف خلخلة قاعدة الناخبين الديمقراطيين لحزب بايدن، الرئيس الذي فضل الانسحاب، حماية لمستقبل الحزب الديمقراطي وحظوظه  في المرحلة التي تلي ترشح كامالا هاريس، التي لم تستمع للسفاح، ويبدو أن لا توافق على نهج الرئيس بايدن تجاه دولة الاحتلال الإسرائيلي وحرب الإبادة على غزة ورفح والشجاعية والنصيرات وكل فلسطين المحتلة.

 

.. إشارات وتدخل الأيباك، التي تعد مجموعة ضغط تدافع عن السياسات المؤيدة لإسرائيل لدى السلطتين التشريعية والتنفيذية للولايات المتحدة، وهي إحدى منظمات الضغط العديدة المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة، هي التي أفرزت زيارة السفاح، لتقول- أيباك- إن لديها أكثر من 100.000 عضو و17 مكتبًا إقليميًا ومجموعة كبيرة من المانحين. بالإضافة إلى ذلك، المنظمة معروفة على نطاق واسع بأنها إحدى مجموعات الضغط الأكثر تأثيرًا في الولايات المتحدة.

 

* ما قبل الخطاب، ليس ما بعده!

 

عمليًا: ما قبل خطاب السفاح نتنياهو في الكونجرس، ليس ما بعده!، لقد شعرت الإدارة الأمريكية، والرئيس بايدن بالإحباط لأن كابينيت الحرب، الذي قاده نتنياهو، ذهب إلى حد القول علنًا بأنه لن تكون هناك دولة فلسطينية وإنهم لن يسمحوا للسلطة الفلسطينية بالدخول إلى غزة، ما أضعف من سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة والإقليم، عدا المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.

لهذا، يواصل السفاح نتنياهو، والقوى الداعمة له، تحدّيه للإدارة الأمريكية، بما في ذلك طبيعة الخطاب، التي أظهرت أن الولايات المتحدة تقف متفرجة على حجم الدمار والإبادة الجماعية والتهجير ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية، ما جعل صورة أمريكا فى الداخل والخارج تعاني من ملف الخلاص من الحكومة الإسرائيلية، إذ لاحظت بعمق، الإدارة الأمريكية،  ما تحقق الصين من اختراقات سياسية وأمنية في منطقة الشرق الأوسط. وهذه المرّة، من  خلال السلطة الفلسطينية، والفصائل وحركة حماس، إذ

نجحت- ربما بشكل صوري مؤقت- الصين في عقد اتفاق مصالحة بين مختلف الفصائل الفلسطينية، وأبرزها حركتا فتح وحماس، بالإضافة إلى حركة الجهاد الإسلامي، مع الاتفاق فيما بينها على تشكيل حكومة مصالحة وطنية مؤقتة، تهدف إلى إدارة قطاع غزة بعد الحرب، وهي مؤشرات رفضها السفاح، أبرزها في خطابه أمام الكونجرس.

 

* العواطف الكاذبة

 

السفاح نتنياهو اتخذ الكذب السياسي والأمني في مخاطبته للكونجرس، قال: لدينا أيضا عائلات الرهائن الأمريكيين، إن الألم الذي تحملته هذه العائلات يفوق الكلمات، لن أرتاح حتى يعود جميع أحبائهم إلى منازلهم.

 

.. وتلفت وكالات الأنباء والإعلام العالمي إلى أن أكاذيب السفاح جعلت، خلال خطابه، انسحاب عدد من أقارب الرهائن المحتجزين في غزة من خطاب نتنياهو، لإدراكهم أنه من أحبط جولات المفاوضات، ومبادرة الرئيس بايدن لإتمام هدنة توقف الحرب على غزة ورفح.

 

المجتمع الدولي رفض أنه قال: واثق من أن الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق يمكن أن تنجح.

.. وقد تكون كلمة الشكر للرئيس بايدن على دعمه بعد 7 أكتوبر، وعلى وصفه حماس بـ”الشر المطلق”، وعلى إرساله حاملتي طائرات إلى المنطقة، وعلى زيارته “التي لن تُنسى أبدا”، وأشار إلى أن بايدن يطلق على نفسه اسم “صهيوني أيرلندي- أمريكي فخور”، مجرد تدخل في حيثيات الانتخابات من خلال تعرية الموقف الأمريكي في الانتخابات الرئاسية.

 

وفي المؤشر الإعلامي الواضح ما برز عن بيان  أصدرته عائلات الرهائن الأمريكيين الثمانية، تحث السفاح نتنياهو على عدم التحدث؛ إلا إذا كان للإعلان عن صفقة، وأدركوا أنه لن يفعل ذلك بعد لقائهم به هذا الأسبوع.

 

الخطاب الذي أدخل السفاح في متاهة سياسية أشار فيه إلى أن الجنود “اليهود والمسلمين والمسيحيين والدروز” قاتلوا معا بشجاعة هائلة، وقال: هؤلاء هم جنود إسرائيل، وإن جنود الجيش الإسرائيلي يأتون من كل عرق ودين وتوجه سياسي، متباهيا بالإبادة الجماعية والتهجير ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية، التي قادها عبر الكابينيت والعنصرية والكراهية.

 

* إيران ضد العنصرية الإسرائيلية.. وتهدد أمريكا

 

خطاب السفاح نتنياهو كان لا بد أن يقترب من فزاعة إيران، وقال إن إيران تقف وراء كل الاضطرابات في المنطقة وخارجها. وشاملا في أكاذيبه أن أمريكا- حامية الحضارة الغربية- تقف في وجه خطة إيران لفرض الإسلام المتطرف على العالم.

 

وقال في توجيه غريب: إن إيران تعتبر أمريكا أكبر عدو لها، مقتبسا من تصريحات سابقة لوزير الخارجية الإيراني من أن: إسرائيل مجرد أداة والحرب الرئيسية، الحرب الحقيقية، هي مع أمريكا، وأن إيران ترى أنه لكي تتحدى أمريكا حقا، يجب عليها أولًا أن تغزو الشرق الأوسط.

.. وتابع التحريض، ليقول إن دولة الاحتلال الإسرائيلي العنصرية: بالنسبة لإيران، إسرائيل هي الأولى، وأمريكا هي التالية. عندما تحارب إسرائيل حماس، فإننا نحارب إيران. عندما تحارب إسرائيل حزب الله، فإننا نحارب إيران. عندما نحارب الحوثيين، فإننا نحارب إيران.

.. ولعل أعضاء الكونجرس استمعوا بحذر عندما قال إنه: عندما تعمل إسرائيل على منع إيران من الحصول على سلاح نووي، فإن ذلك لا يحمي إسرائيل فحسب، بل نحن نحميكم.

 

* .. وعن حماس.. الحرب والموقف من النتيجة

 

السفاح قال إن النصر على حماس قريب.. وإنه بالانتقال إلى حزب الله في لبنان، فإن “إسرائيل ستفعل كل ما يجب عليها فعله” لإعادة الأمن إلى الحدود الشمالية ومواطنيها إلى منازلهم.

 

ووصف هجوم الحوثيين اليمنيين بمسيّرة الأسبوع الماضي والضربة الإسرائيلية ردا على ذلك، وأضاف: “أولئك الذين يهاجمون إسرائيل سيدفعون ثمنا باهظا للغاية”.

 

وقال عن الموقف من نتيجة ومراحل الحرب: أعلم أن أمريكا تدعمنا.

 

وشكر الولايات المتحدة على المساعدة العسكرية السخية، وأشار إلى المعلومات الاستخباراتية المهمة التي ساعدت في حماية البلدين، وقال: نحن نساعد في إبقاء القوات الأمريكية بعيدة عن الأرض.

 

.. وفي موقف أمني، سياسي، مربك لما تقف عليه الإدارة الأمريكية من الحرب، قال: إنني أقدر بشدة دعم أمريكا، مضيفا أن المساعدات الأمريكية السريعة يمكن أن تضع نهاية سريعة للحرب.

 

واقتبس السفاح مقولة ونستون تشرشل: أعطونا الأدوات وسننهي المهمة.

 

.. الإعلام الأمريكي لاحظ أنه “وسط تصفيق الجمهوريين” تابع السفاح: أعطونا الأدوات بشكل أسرع، وسننهي المهمة بشكل أسرع.

.. داعيا إلى رؤيته لتحالف إقليمي مناهض لإيران، قائلا إن هناك لمحة أمنية سياسية عن هذا التحالف في 14 أبريل عندما شنت إيران هجومها بالصواريخ والمسيّرات ضد إسرائيل.

وأضاف، حسب الخطلب: أعتقد أننا يجب أن نسميه تحالف أبراهام. وهو الأمر الذي فتح الطريق للسفاح

لشكر الرئيس الأمريكي السابق ترامب على التوسط في اتفاقات أبراهام، وسط تصفيق نواب الحزب الجمهوري، وهو ما شكل نقطة تحول، يبدو من خلالها أن السفاح يميل إلى منافسة ترامب في الانتخابات الرئاسية بعد أشهر.

 

.. وكان لافتا أن السفاح شكر ترامب على اعترافه بالسيطرة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان وعلى نقل السفارة إلى القدس، مضيفا أن القدس هي عاصمة إسرائيل الأبدية، التي لا يمكن تقسيمها أبدا، قائلا سنقاتل، مضيفا أن دولة الاحتلال الإسرائيلي العنصرية ستحقق: نصر الحرية على الطغيان، أن إسرائيل ستظل دائما صديقة أمريكا في المنطقة. معا سنضمن مستقبلا باهرا لبلدينا.

 

واختتم خطابه بالقول “فليبارك الله أمريكا وليبارك إسرائيل”.

 

ورصد الإعلام الأميريكي أنه: وسط تصفيق حار، تزامن مع خروج نواب ديمقراطيين مسرعين من القاعة، بينما وقف الجمهوريون ونحو نصف الديمقراطيين للتصفيق له، ما ترك انطباعات بأن التوجيهات التي حملها بسرية من “الأيباك” الداعمة قد خرقت مسارات خطرة عن واقع الانتخابات الرئاسية، وهو ما قد يؤثر في الشارع الأمريكي، خصوصا تزامن الحدث مع قوى من المتظاهرين، الذين رفعوا راية حركة حماس وصورة أبوعبيدة، ويهتفون ضد نتنياهو قرب الكونجرس الأمريكي، تزامنًا مع بدء خطاب  السفاح نتنياهو.

.. فكان يقول عنهم: كثير من المتظاهرين ضد إسرائيل اختاروا أن يقفوا مع الشر ومع حماس، ويجب أن يشعروا بالعار.

لافتا: ما نعلمه أن إيران تمول المظاهرات التي تحدث الآن خارج الكونجرس، ووصفهم: لقد أصبحتم رسميا لعبة في يد إيران، نحن على مفترق طرق تاريخي والشرق الأوسط يغلي والصراع ليس بين حضارات وإنما بين “البربرية والتحضير”. وهي العنصرية التي أرادها السفاح، مترقبا فشل الزيارة الأمريكية: داعيا بصلافة أكاذيب تعود عليها: الولايات المتحدة ستكون الهدف التالي إذا تم تقييد يد إسرائيل.

 

*.. القادم بكل الحيرة واستمرار الحرب

 

هناك دهشة تلوح في الأفق من دلالات الزيارة وما قد يرافقها من مواقف سياسية وأمنية من ازدياد نقاط التوتر، مع اختلاط المعلومات عن محاولات المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي احتواء مساعي إتمام دور الدول التي تتوسط في جولات المفاوضات المكوكية للهدنة التي أفشلها كذب وتعنت السفاح نتنياهو، عدا عن الصراع العسكري والأمني لحكومة دولة الاحتلال التي فقدت بوصلتها وتدعو لاستمرار حرب الإبادة الجماعية والتهجير ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية، دون رادع أو تحول حقيقي يترك اثرا، ما يترك الحرب قائمة، ربما تتجاوز أشهر الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهذا يزيد من اضطراب مواقف وصبر العواصم المعنية في المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى