الولي الفقيه والخليج العربي
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –

الجريدة –

رسالة ماجستير في العلوم السياسية تدور حول السياسة الخارجية الإيرانية في عهد الخميني تجاه الخليج العربي للباحث العراقي د. ظافر العاني، عضو مجلس النواب لثلاث دورات (2006-2021) رئيس اللجنة السياسية في البرلمان العربي (2018-2021).

يعترف في مقدمة الكتاب بعدم قدرته على أن يكون حيادياً مهما حاول التزام المعايير الأكاديمية، وهي «سقطة» تحسب عليه.

توزعت الدراسة على ثلاثة فصول: الأول يستعرض فيه «بعض مقومات القوة الوطنية المؤثرة في السياسة الخارجية الإيرانية»، والثاني حاول فيه انتقاء أهم المتغيرات المؤثرة في عملية صنع القرار السياسي الخارجي، والثالث دراسة نماذج من السلوك الإيراني الخارجي تجاه الخليج العربي والآثار التي ترتبت على أمنه واستقراره.

 

أهم الاستنتاجات التي توصل إليها الباحث العراقي ذو الخلفية العسكرية وخدمته في القوات المسلحة هي:

1 – العامل الجيوبوليتيكي هيأ لصانع القرار السياسي حرية أكبر في اختيار السلوك الذي يجده منسجماً مع أهدافه، وموقع إيران الجغرافي حررها من ضغوط القوى الكبرى، إضافة إلى احتمائها بمظلة نووية.

2 – من عوامل ضعف الجسد السياسي الإيراني هو التكوين القومي، نظراً لافتقاره إلى خاصية الاندماج والانسجام وتشويش الهوية الوطنية، وبسبب ذلك كانت وما زالت مسرحاً للعديد من النزاعات الداخلية بين السلطة والحركات القومية، ولذلك يعتقد المؤلف أن هاجس التفتت القومي سيبقى واحداً من القيود التي تحد من حرية الحركة الخارجية لصانع القرار.

3 – من العناصر الداعمة لسياسة إيران الخارجية القدرة العسكرية التي تتفوق بها نسبياً على باقي الأقطار الخليجية (لم يلحظ المؤلف التغيرات التي حصلت في العشرين سنة الأخيرة على صعيد مقارنة القوى العسكرية في المنطقة)، لا سيما العقيدة القتالية المعتمدة على الولاء الصارم للنظام وتلقين قيم الموت والجهاد.

4 – وحدة اتخاذ القرار تتشكل أساساً من مجموعة رجال دين، وهي من العوامل الفاعلة في عملية صنع القرار السياسي، وإن كانت «وحدة ظاهرية».

5 – صانع القرار السياسي هو الإمام الخميني، لما يتمتع به من مزايا شخصية ومنزلة دينية وصلاحيات دستورية واسعة.

6 – الأيديولوجية الضبابية (آنذاك) تصور إيران أنها مركز الحكم الحقيقي للإسلام، وأن لها «مهمة إلهية» تتمثل في إسقاط الحكومات الجائرة! أو تنصيب حكومات تدين بالولاء للفقيه الخميني باستخدام الوسيلة العسكرية أو مبدأ تتابع الأزمات، وتبدو الأقطار الخليجية لأسباب عدة أنها المجال الحيوي الأول الذي تسعى إلى تصدير نموذجها السياسي إليها… لكن بالتجربة تراجعت إيران عن المبادئ أمام المصلحة السياسية.

7 – زاد حجم نفوذها العسكري والمباشر في الخليج العربي بعد أن أحدثت جملة من التغيرات على صعيد الوضع الأمني في المنطقة.

8 – عملت إيران على استثارة الأزمات الداخلية للنظم السياسية الخليجية، بهدف تقويض شرعيتها وترتيب أوضاع مقلقة من شأنها أن تهيئ بيئة ملائمة لقبول النموذج الإيراني. وإن انحسر هذا الدور والنموذج ولم يعد للمخاوف ما يبررها على حد قوله.

ما يستدعي الإشارة إليه أن الكاتب مغتبط مع نفسه لأن «أغلب نبوآته» في رسالة الماجستير تحققت، إنما ما فشل في توقعه هو نجاح إيران في تصدير ثورتها إلى العالم العربي!

أما سياسة إيران الخليجية فقد أصبحت أدواتها أوسع وسقوفها أعلى، وإمكانياتها أكبر… وهي تتحايل على موازين القوى الدولية، وتستثمر الخلل في علاقات القوة الدولية لتنفذ من خلالها، متحصنة بموقع استراتيجي فريد وعقيدة مرنة وقدرات عسكرية محاطة بالمبالغة والغموض.

إيران عادت للشغب السياسي في سلوكها الخارجي ومن جديد في هذا العقد من القرن الواحد والعشرين.

زر الذهاب إلى الأعلى