كون الرجل وملكوته* لمياء المقدم
النشرة الدولية –
السباق من أجل امتلاك أكبر عدد من النساء هو سباق الفاشلين. السباق الحقيقي، والرهان الذي لا يجب أن يخسر فيه أي رجل هو في امتلاك قلب واحد امتلاكا حرا، والحفاظ عليه.
الأذكياء فقط، والذين خبروا الحياة جيدا وفهموا مغزاها وصلوا إلى هذه النتيجة. امرأة واحدة تحبك حبا لا مشروطا، تغنيك عن نساء الكون، بل هي كونك وملكوتك الذي يجب أن تحافظ عليه بكل جهدك وصبرك.
يعرف الرجل نساء كثيرات قبل أن يستقر مع إحداهن، وهو استقرار البيت لا استقرار الحب، في معظم الحالات. البعض لا يستقر أبدا، ويفضل أن يظل متنقلا بين هذه وتلك، في ما يشبه الرغبة في امتلاك كل نساء الكون وعدم تفويت أي واحدة جميلة تمر من أمامه.
والحقيقة أن هذه قد تكون مرحلة أساسية من مراحل حياة أي شاب، لكنها بهدف، وهدفها هو العثور على المرأة التي ستمتلك قلبه ويمتلك قلبها إلى الأبد، أي أنها رحلة بحث هدفها “الوصول” إلى الشخص المناسب، وأي شيء عدا ذلك هو فراغ وتخبط.
هناك بالتأكيد فرق بين أن نربي رجلا على فكرة أنه صياد وعليه أن يصطاد أكبر عدد من النساء ليثبت مهارته في الصيد، وبين أن نربيه على أن مهارته لا تتمثل في العودة آخر النهار بجواب مليء بالأرانب والعصافير الصغيرة المسكينة المرتجفة وإنما بملاك شارد وحيد يأنسه ويألفه.
فكرة الصيد نفسها فكرة مغلوطة، فالرجل لا يجب أن يخرج في رحلة صيد من أساسه، لأنه في الغالب لا يصطاد ليأكل كما كان يفعل في أول الخلق، ولكنه يصطاد ليتسلى، والتسلية هنا لا يجب أن تكون على حساب قلوب ضعيفة ومسكينة.
الأمر من كل هذا هو أن أغلب الرجال لا يولون أهمية كبرى لمشاعر نسائهم تجاههم، وفي الغالب لا يفرقُ لديهم كثيرا إن كانت المرأة تتزوجهم من أجل مالهم أو اسمهم أو مكانتهم أو علمهم أو وسامتهم أو أي شيء آخر. الأمور متساوية حتما وليس مهما ما تشعر به المرأة تجاههم. المهم ما يريدونه هم، وهم يريدون امرأة بمواصفات معينة لتكميل مشهد معين أو سد حاجة معينة.
لكن ماذا يعرف الرجل عن الحب؟ ولا أقصد حبه للمرأة، وإنما حبها هي له، الذي يجب أن يكون من أهم أولوياته وشروطه في أي علاقة جادة.
رجال كثيرون لا يعرفون كيف يكسبون قلوب نسائهم، ولا يسعون لذلك، وقد يعتبرون الأمر ترفا ومن الكماليات الزائدة، طالما أنها تعيش معه برضا وتلبي رغباته، لكن امتلاك قلب امرأة أمر عظيم لو تعلمون، والحفاظ عليه هو التحدي الأكبر لأي رجل، والمهمة الأصعب التي يجب أن يكرس لها حياته.
علينا قبل أي شيء أن نعلّم أولادنا أن كسب حب المرأة لهم عمل شاق يتطلب منهم الكثير من الجهد والسعي والاجتهاد. شيء يشبه الحصول على الشهادة الدراسية، ولا يقل أهمية عنها، وإذا كانت الشهادة العلمية ستؤمن لهم الخبز فإن كسب قلب امرأة بعينها والحفاظ عليه سيؤمن لهم البيت السعيد والأمن النفسي.
الأمر نفسه ينطبق على المرأة، قطعا، فهي أيضا مطالبة بكسب قلب الرجل والحفاظ عليه، لأن قلبه وحده، لا الأولاد ولا العائلة ولا المسؤوليات، يستطيع أن يحصنه ويحصن البيت والأسرة. ولتتذكر كل امرأة: تستطيع أي امرأة جميلة أن تأخذ منك زوجك ببساطة شديدة وقليل من الجهد، لكن أجمل نساء الكون، وإن فعلت ما فعلت، لا تستطيع أن تأخذ منك قلبا يحبك حبا حقيقيا لا مشروطا.
العرب اللندنية