بومبيو يقدم في اجتماع مغلق مع قادة يهود عرضًا لـ ”صفقة القرن“
النشرة الدولية –
قدم وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، تقييماً عملياً لآفاق خطة السلام في الشرق الأوسط التي طال انتظارها لإدارة الرئيس ترامب خلال اجتماع مغلق مع زعماء يهود ، قائلاً ”ربما يجادل البعض بأن الخطة غير قابلة للتنفيذ وربما يقولون إنها لا تحظى بقبول“، معرباً عن أمله في ألا يتم رفض الصفقة بشكل يخرج عن نطاق السيطرة“.
وقال بومبيو في تسجيل صوتي من اللقاء الخاص، والذي حصلت عليه صحيفة واشنطن بوست الأمريكية: ”ربما يتم رفض الخطة، وربما في نهاية المطاف يحدث انقسام، وقد يقول البعض إن الخطة ليست أصلية في حد ذاتها. هذا لن يجدي بالنسبة لي، والأمر ينطوي على شيئين جيدين وتسعة أشياء سيئة، أنا خارج كل هذا اللغط“.
وأضاف: ”السؤال الذي يطرح نفسه هو هل يمكن أن نحصل على مساحة كافية يمكننا من خلالها إجراء نقاش حقيقي حول كيفية بناء ذلك“.
كانت تلك هي أكثر التعليقات التي لم تصدر حتى الآن من مسؤول أمريكي حول ”صفقة القرن“ الخاصة بالرئيس ترامب ، وهي محاولة لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المتأزم والتي كلف بها صهره جاريد كوشنر ، والمحامي السابق جيسون جرينبلات.
ولفت بومبيو إلى أن الكشف عن الخطة قد تأخر مرارًا وتكرارًا.
وقال في اجتماع عقد يوم الثلاثاء على هامش مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى ، وهي مجموعة مقرها نيويورك وتعمل على إبراز مخاوف الجالية اليهودية: ”لقد استغرقنا وقتًاً طويلاً لطرح خطتنا أكثر مما اعتقدت، وذلك لأجل الترويج لها تدريجيًا ”.
وفي محاولة لإدارة التوقعات ، قال إنه ”لا توجد ضمانات بأننا سنكون من يكسر الجمود ”، في إشارة إلى الصراع المتجمد، وأضاف ”آمل أن يشارك الجميع بطريقة جادة.“
وأشار إلى إدراكه المفهوم الشائع بأن الاتفاقية ستكون من جانب واحد لصالح الحكومة الإسرائيلية، قائلاً ”لقد أدركت لماذا يعتقد الناس بأن هذه ستكون صفقة ستسير على هوى الإسرائيليين فحسب. وإنني أدرك المحرك الرئيس لتلك الرؤية. وآمل أن يمنح الجميع مساحة للاستماع والسماح للأمور بالاستقرار قليلاً. ”
منذ إعلان الرئيس الأمريكي عن خططه لحل النزاع المستمر منذ عقود ، اتخذت الولايات المتحدة إجراءات قوبلت بمعارضة شديدة من قبل الفلسطينيين، بما في ذلك الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، وقطع التمويل عن السلطة الفلسطينية ووكالة اللاجئين الأممية، مما اضطرها لإغلاق مكتبها الدبلوماسي لدى واشنطن، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان.
وقال اثنان من الحاضرين إنهما تكون لديهما انطباع بأن بومبيو ليس متفائلاً بخصوص نجاح الخطة. وقال أحد الحاضرين اللذين تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما لأن أحداث الاجتماع غير مسموح بنشرها: ”لم يكن بومبيو واثقًا إطلاقاً من أن العملية ستصل إلى خاتمة ناجحة“.
من جانبه، عبر إيلان كار، المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الأمريكية لمناهضة معاداة السامية الذي حضر الاجتماع أيضًا، عن وجهة نظر مختلفة، مشيرًا إلى أنه يعتقد أن بومبيو ”قدم تقييماً مفعمًا بالأمل حول إمكانية التوصل لاتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين“.
وقال في بيان أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية: ”كان موجزًا إعلاميًا ممتازًا تم استقباله بشكل جيد في المؤتمر“.
فيما قال آرون ديفيد ميلر، المفاوض والمحلل السابق المتخصص في قضايا الشرق الأوسط والذي عمل لحساب كل من الإدارات الجمهورية والديمقراطية المتعاقبة، إن هذه التصريحات ”هي التقييم الأكثر وضوحًا وواقعية للخطة التي علمت بتفاصيلها مؤخرًا“.
وأضاف: ”أن حقيقة أن بومبيو سلّم بسهولة بأن الخطة منظمة بشكل قوي ومنحازة للإسرائيليين هو أمر مذهل في حد ذاته“.
فيما قال مالكولم هوينلين، المدير التنفيذي للمجموعة التي استضافت الحدث، إنه يعتقد أن تصريحات بومبيو تعبر عن وعيه بشأن الادعاءات بتحيز الخطة لإسرائيل، ولكنها لا تعبر عن وجهة نظر الوزير الخاصة بشأن الخطة. وقال ”كان يقول إنه من السهل للغاية السقوط في فخ تلك التقييمات السلبية“.
بومبيو، خلافاً لوزراء الخارجية السابقين ، لا يتولى الإشراف على جهود السلام، لكنه أخبر المجموعة أنه على دراية تامة بالعرض الأمريكي، بما في ذلك خطة سيناريوهات ما يجب فعله إذا شرعت إسرائيل في ضم أراض في الضفة الغربية. وقال: ”لقد رأيت ما أعتقد أنه كل تفاصيل ما نحن بصدد طرحه“.
كوشنر ، إمبراطور العقارات من نيوجيرسي ، وجرينبلات كبير المسؤولين القانونيين السابقين بمجموعة ومنظمة ترامب ، قادا المبادرة منذ وصول الرئيس لسدة الحكم. ولا يمتلك الرجلان، وكلاهما من اليهود الأرثوذكس، خبرة سياسية، لكنهما شريكان في العمل لمصلحة إسرائيل وصلتهما بها.
وقال بومبيو إن الإدارة الأمريكية لم تعتقد قط أن الوصول إلى اتفاق سلام نهائي سيكون أمرًا سهلاً. وأضاف: ”نحن لا نتوهم أننا سنطرح هذه المبادرة وسيقول لنا الجميع: أين سيمكننا حضور حفل التوقيع. الأمور لا تسير على هذا المنوال.“
إذا كانت خطة السلام تبدو كمعركة شاقة وفقاً لتصريحات بومبيو ليلة الثلاثاء، فإن تلك الخطة واجهت عقبة كبيرة أخرى بعد يوم واحد فقط من فشل رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في تشكيل ائتلاف حاكم كما صوت الكنيست على حل نفسه لتعود البلاد لانتخابات الإعادة في سبتمبر.
والآن ، إذا كان البيت الأبيض يريد تفادي طرح خطة سلام خلال فترة الحملة الانتخابية الحساسة لنتنياهو ، فإن تلك الخطة يجب أن تنتظر حتى نوفمبر على الأقل، حيث من المتوقع تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة. وفي تلك الأثناء، ستكثف إدارة ترامب حملتها لإعادة الترويج للخطة.
وبحسب بومبيو فإن وزارة الخارجية أعطت ”قدرًا كبيرًا من الاهتمام“ لما ستفعله إذا لم تحقق الخطة ”شعبية.“
وأضاف ”لا أريد تسميتها بالفاشلة. ومهما كان المسمى، فإنني فشلت كثيرًا في حياتي، لذلك لا يتعلق الأمر بعدم استخدام مثل تلك الكلمة. ”
ويشمل التخطيط للمستجدات الطارئة كيفية الرد إذا قررت الحكومة الإسرائيلية ضم أراضي في الضفة الغربية، وهي خطوة يعتقد الكثيرون أنها ستكون بمثابة الموت النهائي لحل الدولتين.
وقال بومبيو: إذا واصلت إسرائيل عملية الضم ، ستعيد الإدارة الأمريكية النظر في ”ما هي أفضل الطرق لتحقيق النتائج التي نعتقد أنها في مصلحة أمريكا وإسرائيل“.
بعدما سأل أحد المشاركين عما إذا كان هناك أي جهد لعودة الفلسطينيين، أجاب بومبيو بأن ”كل الأطراف سيجدون شيئًا لا يريدونه في تلك الخطة، لكن الجميع، بمن فيهم الفلسطينيون سيجدون شيئًا يمكنهم البناء عليه ”.
ويرى المسؤولون الفلسطينيون أن خطة البيت الأبيض منحازة ضدهم. ففي خطاب بثه التلفزيون الفلسطيني مؤخرًا، قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ”فلتذهب إلى الجحيم صفقة القرن والقمة الاقتصادية القادمة لإدارة ترامب في البحرين“.
إن الهدف من قمة البحرين هو حشد تأييد للمكون الاقتصادي لخطة السلام للإدارة الأمريكية دون الخوض في القضايا الإقليمية الأكثر إثارة للجدل.
وقد أكد عباس أن المسؤولين الفلسطينيين سيقاطعون تلك القمة.
وبحسب بومبيو، فإنه إذا اشتركت الكويت، سيكون هناك تمثيل لجميع دول الخليج في البحرين ”على الأقل للحضور كمستمعين“. وقال إنه من الصعب توقع الدعم الكامل من قبل دول الخليج للعملية بينما لم يروا الخطة بأكملها.
فيما لفت منتقدو خطة إدارة ترامب إلى أن القمة الاقتصادية لا تعقد بالتوازي مع المباحثات السياسية.
وقال ميلر ”لا يمكنك قيادة تنمية اقتصادية حقيقية دون حل القضايا الأمنية والسياسية، والذي سيجذب المستثمرين ويحقق النمو الاقتصادي الداخلي وفرص العمل“.