تنافس أطراف خارجية على ساحة الصراع الدائر في طرابلس ليبيا والأسلحة أمريكية

في الوقت الذي هدد فيه المشير خليفة حفتر قائد ما يسمى بـ “الجيش الوطني الليبي” بمهاجمة المصالح التركية، متهما أنقرة بتقديم الدعم العسكري لخصومه في حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا، اتهمت الأخيرة قوات حفتر باستخدام أسلحة أميركية مصدرها الإمارات.

ليبيا أصبحت “ساحة صراع إقليمي”، حسب ما يرى حافظ الغويل وهو زميل أول في معهد الدراسات الدولية في جامعة جون هوبكنز، أو “مكانا لجمع النقاط وأوراق الضغط”، وفقا للباحث عبد الستار حتيتة.

قوات حفتر لم تتوقف عند التهديدات، بل نفّذت تهديداتها بتوقيف ستة من الرعايا الأتراك، لكنها عادت وأفرجت عنهم الاثنين غداة تلويح تركيا برد انتقامي.

كيف تتدخل تركيا والإمارات؟

زاد من التوترات بين تركيا وليبيا، إعلان قوات حفتر الأحد أنها دمّرت “طائرة تركية مسيّرة” في مطار طرابلس الدولي.

وجاءت تهديدات حفر لتركيا غداة إعلان القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني استعادتها مدينة غريان التي تبعد نحو مئة كيلومتر عن طرابلس.

المعارك في جنوب طرابلس
المعارك في جنوب طرابلس

وكان حفتر قد اتخذ هذه المدينة مركز عمليات للهجوم الذي يشنّه على طرابلس، الواقعة على بعد أكثر من ألف كيلومتر من معقله بنغازي في الشرق الليبي.

وتنقل وكالة الصحافة الفرنسية عن أرنو دولالاند الاختصاصي في الشؤون الدفاعية إن تركيا تزوّد حكومة الوفاق الوطني بـ”سيارات وطائرات مسيّرة مسلّحة وغير مسلّحة، وبمؤازرة تقنية (خاصة التدريب) وإنها تتدخل أيضا بشكل مباشر خاصة في قيادة الطائرات المسيرة “بيرقدار تي بي 2″، بانتظار أن يصبح (المقاتلون) الليبيون قادرين على ذلك”.

ويضيف أن أنقرة سلّمت حكومة الوفاق الوطني أربع طائرات مسيّرة، وإن الأخيرة طلبت أربع طائرات أخرى بعد فقدان اثنتين، يؤكد أن طائرات إماراتية دمّرتهما.

وذكر تقرير لصحيفة “المرصد” الليبية نقلا عن مسؤول استخباراتي ليبي أن هذه الطائرات قصف خطين أماميين لـ”الجيش الوطني الليبي”، وأن الخبراء العسكريين الأتراك يديرون المعارك على الأرض من خلال توفير المعلومات الاستخباراتية وتنفيذ مهمات الاستطلاع.

نفى منسق شؤون مكافحة الإرهاب في حكومة الوفاق العميد محمد بشير، خلال اتصال هاتفي مع “موقع الحرة”، “صحة أي أنباء عن وجود فريق عسكري تركي يعمل من طرابلس”.

الباحث في جامعة جون هوبكنز حافظ الغويل يقول لـ”موقع الحرة” إنه “ليس هناك دليل على تدخل تركي او تقديم أسلحة أو طائرات مسيرة كما يزعم حفتر، فيما هناك دلائل على تدخل إماراتي لصالح حفتر”.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز الجمعة أن قوات تابعة لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا اكتشفت أربعة صواريخ “غافلين” في قاعدة استخدمها مقاتلون تحت قيادة حفتر.

وقالت الصحيفة إن الكتابة على الصواريخ الأميركية الصنع تشير إلى أنه قد تم بيعها إلى الإمارات في 2008.

قوات حكومة الوفاق تستعرض عددا من الصواريخ التي تركتها قوات حفتر في غريان
قوات حكومة الوفاق تستعرض عددا من الصواريخ التي تركتها قوات حفتر في غريان

ويقول الغويل إن هذه أدلة مباشرة على تورط الإمارات ومخالفتها للقانون الأميركي وأيضا لقرارات أممية بحظر بيع السلاح إلى ليبيا.

وفي رسالة إلى وزير الخارجية مايك بومبيو، طالب السناتور روبرت منينديز، الديمقراطي البارز في لجنة العلاقات الخارجية، بإجراء تحقيق وطلب توضيحات بخصوص اتفاقيات الأسلحة مع الإمارات بحلول 15 يوليو.

واشنطن تحقق في “صواريخ حفتر”.. ورسالة من سيناتور بشأن الإمارات

ونفت دولة الإمارات، من جهتها، الثلاثاء ملكية الأسلحة الأميركية التي عثر عليها في مخازن تركها مقاتلون موالون لخليفة حفتر في العاصمة الليبية طرابلس.

وتشير تقارير أن الإمارات ومصر والسعودية أبرز الدول الداعمة لحفتر في المنطقة.

ويقول الغويل إن “ليبيا والسودان هي منطقة نفوذ مصري تاريخيا وحتى الشعوب ربما تقبل هذا من مصر، لأنها امتداد استراتيجي وأمني لها، وهناك تأثير عليها مما يحدث في الداخل الليبي، لكن كيف سمحت مصر بتدخل الإمارات في ليبيا خاصة وأنه ليس هناك أي تأثير لما يحدث في ليبيا على الإمارات”.

أما عن الجانب التركي فيذكر الغويل أن أردوغان هدد بالتدخل إذا تدخلت الإمارات، “وأصبحت القوات الموالية لحكومة الوفاق تواجه أسلحة إماراتية متطورة بالفعل ولذا التدخل التركي سيكون لحماية الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا ولحماية مصالحه”.

وأضاف أن “هناك أسبابا تاريخية واجتماعية واقتصادية تدعو تركيا للتدخل، فهناك مجموعات وقبائل لها عرق تركي، كما أن الأتراك والليبيين يسافرون إلى البلدين بدون تأشيرات، وهناك تجارة ومشاريع تركية من عهد القذافي، كما أن تركيا تحصل على النفط الليبي، وتقدر المصالح الاقتصادية بين البلدين بحوالي 30 مليار دولار”.

في المقابل يرى الخبير في الشؤون الليبية عبد الستار حتيتة لـ”موقع الحرة أن “كل طرف إقليمي يريد أن يستغل الحالة الليبية لصالحه، الأتراك يريدون أن يستخدمون ورقة ليبيا مع الأوروبيين، أما محور مصر والإمارات والسعودية، فهم يريدون أن تكون ورقة ضغط في تفاوضاتهم مع أوروبا وأميركا فضلا عن مواجهة تركيا التي تدعم بقوة دولة قطر المتخاصمين معها”.

ويتهم حتيتة قطر وتركيا بأنهما تريدان جعل ليبيا مركزا للمجاهدين لشن هجمات على مصر”.

لكن الغويل يقول إن “الإمارات تريد أن توقف أي مد للإخوان أو الإسلاميين وهذا غير عقلاني لأنها أحزاب سياسية موجودة ومعترف بها حتى في دول أخرى مثل المغرب وتونس”.

مناطق السيطرة في ليبيا

مناطق السيطرة في ليبيا

وتقول جنى جبور المتخصصة في السياسة الخارجية التركية في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، إن النزاع الليبي تحوّل إلى “حرب بالوكالة بين محورين إقليميين: من جهة المحور التركي القطري (…) ومن جهة أخرى المحور السعودي المصري الإماراتي الذي يقاتل القوات الإسلامية بدعمه عودة الأنظمة الاستبدادية”.

وتضيف أن تركيا بانخراطها في النزاع الليبي تريد “أن تلقي بثقلها في ميزان القوى الإقليمية وأن توجد نظاما يحمي مصالحها في مواجهة تزايد نفوذ مصر والسعودية والإمارات”.

 

نقلا عن موقع الحرة الأمريكية/ مصطفى هاشم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button