هؤلاء هم صُناع الجهل العربي ..!!* صالح الراشد

النشرة الدولية –

صناعة جديدة وهامة غرستها الدول الباحثة عن فرض سيطرتها على الشعوب المقهورة، ونجحت باقتدار في عملها فغيرت مفاهيم وقيم لتحرف المجتمعات عن مسارها وأهدافها الحقيقية، فجعلت من الدعارة في بعض الدول عمل وطني وصنعت الخيانات في دول أخرى، مستغلة وطأة الفقر الذي يعصف بالمجتمعات الباحثة عن النهوض واللحاق بالركب العالمي.

وحتى تزاول دول الغصب والقهر أنظمتها الفاشية على الشعوب، فقد غيرت طريقة الإستعباد من العسكري الى الفكري، عبر صنع جهل عام ، فحولت في عديد الدول العربية “محور الحديث” الخزعبلات الى بطولات و”الأراجوزات” الى رواد في الفكر، فخلت الساحة من أصحاب الفكر السليم القادرين على التغير والبناء القويم، لنجد انهم قد صنعوا للهزل قوانين وتركوا الجد بلا أنظمة وقوانين، فتاهت المجتمعات وضلت الطريق كون الدرب هلامية بلا عمد يمسكها، فغاص الكثيرون في وحل الخرافات والأكاذيب والدجل، وسقط الأبطال وأصحاب الفكر صرعى من لعنات الدهر وسوء الإدارات، وتراجع الفكر وذابت القيم مع الحداثة الأوروبية، فضاعت الشعوب بفعل القوى الضاغطة لقيادة الأمة صوب الخلف.

الجهل إنطلق بقوة بعد ان وصل الاستعمار و”الاستحمار” الثقافي الى كل بيت، حين أنشأوا لنا قنوات متخصصة بالغناء والرقص والطهي والرياضة، وجعلوا حلم أطفال وشباب الأمة بأن يصبحوا رياضيين او مطربين وحتى راقصين، ولزيادة التقرب من الجهل فقد خصصوا قنوات عديدة للرياضة وبرامج لأفضل مطرب وعابث ضمن ما يطلق عليها هوايات، فيما غابت قنوات الفكر والتنوير، وان تواجدت فقد تراجع دورها في ظل زيادة الحملات الإعلانية لقنوات العبث.

ولضمان الضياع الكلي للمجتمع وتغييب الفكر الراشد، خرجوا علينا ببرامج “التوك شو” لعدد من الجهلاء المُسيرين في محاولة لسيطرة الفكر الفردي على المجتمع وزراعة مفاهيم محددة يستقيها الإعلاميون من منابع ذات أهداف خاصة، سواء كانت في خدمة الدولة أو أفراد، لكنها في باطنها تهدف “لإستحمار” الشعوب، وتحويلهم الى مستقبلين، وبالتالي تكتمل أسس صناعة الجهل حتى لا تفكر الشعوب بالنهضة الحقيقية كونها تتعارض مع الفكر السائد فيصبح كل رائد فكري عدو لمجتمعات الجهل، وهنا تظل الأمم أسيرة لأي طرح استعماري كون الفكر الراشد لا مكان له في نفوس تربت على المفاهيم المستوردة والإعلام الزائف المعدوم الضمير الباحث عن الشهرة حتى ان حول الوطن الى خراب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى