إسرائيل تضع ثلاث خيارات أمام الفلسطينيين
بقلم: اكرم كمال سريوي
النشرة الدولية –
أبدت حماس ليونة في المفاوضات الأخيرة، بغية التوصل إلى اتفاق يُنهي الحرب على غزة، لكن نتنياهو تراجع خطوة إلى الوراء، وفرض شروطاً جديدة، وزاد من التصلب في مواقف حكومته، بهدف دفع حماس للرضوخ إلى شروطه، فيظهر بصورة البطل المنتصر، أو ترفض حماس الصفقة، فيلقي عليها باللائمة، ويحملها مسؤولية استمرار الحرب، الذي لا يريد وقفها اطلاقاً، وما انفكّ يُعلن ذلك مراراً وتكراراً.
يذهب نتنياهو إلى واشنطن، متسلحاً بقرار من الكنيست، جرى التصويت عليه فجر الخميس 18 تموز الحالي، ينص على رفض إقامة دولة فلسطينة، ويعتبرها خطراً وجودياً على إسرائيل.
لقد قطعت إسرائيل على الإدارة الاميركية، مجال البحث في مشروع حل الدولتين، وحصرت مواضيع طاولة المفاوضات المقبلة، بترتيبات أمنية فقط، لإدارة الضفة والقطاع.
يقول الإسرائيليون: أن هذه الحرب فُرضت عليهم، وأن لإسرائيل الحق بالدفاع عن نفسها، وتجاريها دول عديدة في هذا الإدعاء.
لكن إسرائيل تتجاهل أنها قوة احتلال. فهي وفق قرارات الشرعية الدولية تحتل الأراضي الفلسطينية، وتصادر الاراضي، وتقيم عليها المستوطنات، وتعتقل وتقتل وتُهجّر الفلسطينيين من ديارهم منذ 75 عاماً.
قطعت إسرائيل الطريق أيضاً على كل مبادرات السلام العالمية والعربية، واسقطت بشكل نهائي اتفاق أوسلو، وأقفلت الطريق على كل من راهن ويراهن على الشرعية الدولية، واستعادة الحقوق بالطرق السلمية والدبلوماسية.
بقرارها الأخير، الذي جاء بعد سن قانون يهودية الدولة، وضعت إسرائيل الفلسطينيين، أما ثلاث خيارات أحلاها مُر.
الأول هو البقاء تحت حكم السلطة الإسرائيلية، مع إعطائهم إدارة محلية محدودة، شرط عدم اعتراضهم على قرارات إسرائيل بمصادرة الأراضي وبناء المزيد من المستوطنات، وعلى أن تكون السلطة الفلسطينية المحلية في خدمة إسرائيل وتنفذ أوامرها.
بمعنى آخر على الفلسطينيين القبول بسلطة الاحتلال وبحياة العبودية الابدية، دون الحد الأدنى من حقوق الإنسان، أو تقرير المصير، والبقاء مجرد خدم لشعب إسرائيل المختار.
الخيار الثاني لمن لا يعجبه من الفلسطينين العيش في هذا السجن الكبير، والإذلال والقهر اليومي الذي يمارسه الاحتلال بحقهم، هو الرحيل عن فلسطين، وترك أرضها ليتنعم بها الغزاة.
أما الخيار الثالث فهو المقاومة، ومواجهة آلة القتل والدمار الإسرائيلية، المدعومة بكل الأسلحة والذخائر، فائقة التطور والفتك والدمار، المقدمة من أمريكا وبريطانيا ودول عديدة في العالم.
ثلاث خيارات لم ولن يختار منها الشعب الفلسطيني سوى طريق المقاومة.
فلا يوجد شعب في العالم، سيقبل بأن يبقى محتلاً ومهاناً في أرضه.
ومن الواضح أن الفلسطيني يملك الإرادة والعزيمة على النضال، وهو متمسك بأرضه، ولن يغادرها مهما كلّف الثمن.
وهذا ما لا يفهمه بعض الإسرائيليين، الذين ما زالوا يراهنون على كسر روح المقاومة، لدى الفلسطينيين والشعوب العربية.
إنها معركة الإرادات، بين شعب فلسطيني يعيش في هذه الأرض منذ آلاف السنين، ومستوطن جاء من شتى أصقاع الأرض، طمعاً بمنزل وبعض المال والتقديمات، التي تم إغراؤه بها. ووعدوه بالنعيم، فإذا به يرى أنه رمى نفسه وعائلته في آتون النار.
إنها حرب أبدية، وها هي إسرائيل ترفض كل مبادرات السلام العادل، وتصرّ على تهجير الفلسطينيين وطردهم من أرضهم، واغتصاب حقوقهم.
ها هي إسرائيل تختار طريق الحرب، والصراع الدائم، مع شعب يزداد قناعة كل يوم، بأن لا خيار أمامه سوى المقاومة والتضحية والنضال والقتال لطرد المحتل.
إنها معركة الحق في وجه الباطل، ومعركة الفلسطينين أصحاب الأرض الحقيقيين، الذين لن يرحلوا عنها، في مواجهة غزاة ومستعمرين اسرائليين، جاؤوا من كل حدب وصوب، لا تربطهم بفلسطين أية صلة، سوى خرافات واهية، تم تسويقها لهم، ليكونوا وقوداً لهذه الحرب، خدمةً لمصالح بريطانيا، وأمريكا ودول الغرب.
ثم يُتركون هشيماً، يحترق في آتون نار، لن يستطيع أحد في العالم، أن يقيهم من لهيبها، لأنها نار الحق، حق شعب سُلبت أرضه، واغتصبت حقوقه، وأُهينت كرامته، لكنه شعب لا يقبل الظلم، ولا يرضى الإهانة، ولا يطيق الذلة، ولا يستكين.
فشعب فلسطين، لن يكون سوى حراً سيداً مستقلاً. “ولا تحسبنّ اللهَ غافِلاً عمّا يعملُ الظالمون