«هآرتس».. وشجاعة الشجعان!
بقلم: رجا طلب

النشرة الدولية –

 

لم تعد هذه الصحيفة التى توصف باليسارية حينا والليبرالية احيانا، لم تعد في نظر الجمهور اليميني المتطرف وخاصة الحريدي منه في دولة الاحتلال مجرد صحيفة تنقل خبرا او تنشر تقريرا او تجري مقابلة او تكشف عن فضيحة سياسية، بل باتت من الناحية العملية بمثابة الحزب المعارض رقم «1» بعد ان تحولت الحالة السياسية في اسرائيل بعد عام 2009 وكأنها لوحة واحدة او لون سياسي واحد بعد ازدياد الانزياح المجتمعي نحو اليمين وتحول الاحزاب اليسارية المعارضة امثال العمل ولاحقا حزب ميرتس الى احزاب ضعيفة قليلة التأثير وقليلة الجمهور.

لا يمر يوم على صحيفة هآرتس التى تاسست عام 1919 في فلسطين على يد المهاجرين اليهود الاوائل الالمان في الهجرة الاولى من الهجرات الصهيونية الا وتتصدى لموضوع او قضية تتعلق بفلسطين والشعب الفللسطيني والاحتلال الاسرائيلي وما نتج وينتج عنه علاوة على معالجتها الدائمة لموضوع التمييز ضد العرب داخل دولة الاحتلال والحريات بشكل عام بالاضافة الى فتحها الملفات الحساسة الامنية والعسكرية ومن ابرزها على سبيل المثال ملف ما جرى في صبيحة السابع من اكتوبر وتفنيدها الشامل لرواية الاحتلال عما جرى في السابع من اكتوبر وتكذيب القصص ا?مختلقة بشأن اغتصاب النساء وقطع الرؤوس واحراق جثث الاطفال وهي الرواية التى حاول نتنياهو بيعها للعالم من اجل تبرير ما جرى ويجرى في قطاع غزة من ابادة جماعية وهي الاكثر وحشية من «الهولوكوست» ذاته والذي اتخذه الصهاينة غطاء لكل جرائمهم ضد الشعب الفلسطيني الذي لم يكن له اي علاقة به لا من قريب ولا من بعيد.

يوم الثلاثاء الماضي عقدت الصحيفة مؤتمرا في لندن تحدث فيه ناشر الصحيفة عاموس كوشين ففجر في كلمته هذه العديد من القنابل وازعج فيها اغلبية مجتمع «الايليت» الاسرائيلي والطبقة السياسية والعسكرية ومن ابرز ما جاء في كلمة اموس شوكين ما يلي ونقلا عن ملخص لقناة «سكاي نيوز عربية”:

  • خلال المؤتمر، دافع شوكين عن حل الدولتين لكنه قال إن هذا لم يحدث لأن «إسرائيل لديها حكومة تعارض إنشاء دولة فلسطينية».
  • أوضح: «بدلا من ذلك، تريد حكومة نتنياهو مواصلة وتكثيف الاستيطان غير القانوني في الأراضي التي كانت مخصصة لدولة فلسطينية».
  • أكد أن الحكومة تفرض نظام فصل عنصري قاسيا على الفلسطينيين.
  • اعتبر شوكين أن إسرائيل تتجاهل قرارات الأمم المتحدة التي تعلن أن المستوطنات غير قانونية.
  • تابع: «لم يستمروا في بناء المستوطنات فحسب، بل تدعم الحكومة الحالية أيضا التطهير العرقي للفلسطينيين من أجزاء من الأراضي المحتلة».
  • اعتبر أن «ما يحدث الآن في الأراضي المحتلة وفي جزء من قطاع غزة نكبة ثانية».
  • أضاف أنه «يجب إقامة دولة فلسطينية، والطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك، هي فرض عقوبات على رئيس وزراء إسرائيل والمسؤولين الذين يعارضون ذلك، وضد المستوطنين الذين يتواجدون في الأراضي المحتلة في انتهاك للقانون الدولي».
  • وصف المقاومين الفلسطينيين «مقاومين من اجل الحرية» ثم تراجع عن هذا الوصف وقال لقد أعدت النظر فيما قلته، ولتجنب الشك حماس ليست مقاتلة من أجل الحرية، لقد كان يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) حدثا صادما» واستخدام الإرهاب امر غير شرعي، لقد كنت مخطئا عندما لم أقل ذلك.. كما هو الحال دائما في إسرائيل، كلامي يمثل موقفي الشخصي وليس موقف الصحيفة”

لقد تسببت تصريحات عاموس كوشين السابقة في حالة من الضجة الكبرى لدي المجتمع اليميني المتطرف ولدى الحكومة التى بدأت بالضغط على الشركات في القطاع الخاص لمقاطعة الصحيفة ومنع الاعلان فيها بعد ان اوعزت للوزارات باتخاذ مثل هذا الاجراء، ومن المصادفة ان كل هذا يأتي في الوقت الذي كشفت فيه الصحيفة عن ان تسريبات امنية ووثائق خطيرة تسربت من مكتب نتنياهو تتعلق بالحرب على غزة وتم اتهام شخصية قريبة من نتنياهو لم يذكر اسمه «بمثابة مستشار له» هو من قام بالتسريب وان هذا الشخص تم تعيينه في مكتب نتنياهو متجاوزا حلقة التدقيق الا?ني المتبعة في مثل هذه التعيينات، وهي الفضيحة التى ستنشر تفاصيلها ربما مع نشر هذا المقال او بعده بايام ليس اكثر.

يقول الكاتب اليساري الناقد اللاذع لحكومة نتنياهو جدعون ليفي (إذا اختفت «يديعوت أحرونوت»، ستظل إسرائيل كما هي. أما إذا اختفت”هآرتس»، لن يكون هناك من يتحدث عن الأراضي الفلسطينية، أو المخاطر البيئية أو القمع الذي يطال النساء). وفي نفس الإطار، يضيف ألوف بن رئيس تحرير هآرتس: «هل أصبحنا قطب المعارضة الوحيد في البلاد؟ ويجيب على سؤاله قائلا بشكلٍ ما نعم».

… دولة لا يوجد بها معارضة سياسية حرة ومؤثرة او صحافة حرة تعبر عن الناس يمكن وصفها باي شيء الا انها دولة حرة.

زر الذهاب إلى الأعلى