الفوضى السياسية والأمنية.. شعار الأحداث المتسارعة فى لبنان
بقلم: حسين دعسة

النشرة الدولية –

الدستور المصرية –

الفوضى السياسية والأمنية باتت شعار الأحداث المتسارعة فى لبنان، مع تغييب واضح لخطورة الحرب العدوانية الإسرائيلية على جنوب لبنان ووسط بيروت، والضاحية الجنوبية وعديد القرى فى البقاع.

هناك مواقف مضاربة داخل وخارج لبنان من طبيعة الحراك السياسى فى مختلف اطياف القوى السياسية الحزبية، والطوائف كافة.

ومع الجهود التى تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض الدول الأوروبية ودول المنطقة، بشأن إيقاف الحرب فى لبنان، وغياب حقائق أو نتائج زيارة المبعوث الأمريكى هوكستين بين بيروت وتل أبيب، التى انتهت دون مؤشرات معلنه، هناك خوف على لبنان والمنطقة.

 

*غياب المبعوث الأمريكى هوكشتاين عن الشاشة.

.. فى هذا السياق السياسى الأمني، بكل إبعاده العسكرية، إذ تأخذ الهجمات ومحاولات جيش الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى، فى استمرار مراحل اجتياحها البرى لجنوب لبنان نحو حدود نهر الليطاني، وضربات ومجازر فى وسط بيروت، تشدد بشكل ملحوظ بعد غياب المبعوث الأمريكى آموس هوكشتاين عن الشاشة.

بالطبع، بيانات قوات حزب الله، تعلن استمراره فى المقاومة وضرب المدن الإسرائيلية، بالذات المناطق والمستوطنات التى تعد مناطق عسكرية أو صناعات عسكرية، أو مصادر للطاقة.

من جانبها قالت هيئة البث الإسرائيلية «كان»، فى متابعة إعلامية أن هناك «ضوءًا أخضر إسرائيليًا لتوقيع اتفاق مع لبنان»، وأن السفاح  نتنياهو، والكابنيت: «ناقش مع مقربين منه كيفية تسويق الاتفاق فى ظل معارضة اليمين»، متناسيًا أنه رئيس وزراء حكومة اليمين المتطرف التوراتى فى دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية.

.. وكانت القناة 14، الإسرائيلية المقربة من السفاح نتنياهو، نقلت عن مصدر  إسرائيلى كبير-لم تعلن عن اسمه أو موقعه- إن دولة الاحتلال الإسرائيلى؛ ذاهبة إلى إنهاء الحرب مع لبنان ربما خلال الأيام القريبة المقبلة.

.. القناة أشارت ان الاتفاق قد يوقع مع الولايات المتحدة الأمريكية، لذا سيكون هناك وقف قتال مؤقت وبعدها سيتم بحث الاتفاق الشامل مع لبنان.

.. نقلًا عن مصدر أمنى، تقول القناة 14 أن: إسرائيل «ستنقل القوات- المتواجدة فى جنوب لبنان وشمال الأراضى الفلسطينية المحتلة- إلى غزة والضفة الغربية».

ويتابع الإعلام الإسرائيلي، القول، نقلًا عن موريا أسرف المراسلة السياسية للقناة 13، إن المبعوث الأمريكى آموس هوكشتاين لوح بتخليه عن مهامه فى جهود ومفاوضات التوصل إلى اتفاق، ما لم يتم التوصل إليه بالفعل خلال أيام قليلة، وعن هذه الحالة، أكدت أن رسالة تنتقل من كبار المسئولين فى واشنطن إلى نظرائهم فى إسرائيل بخصوص ذلك، فيما لم يتضح بعد ما إذا كانت تمثل موقفا أمريكيًا رسميًا أم أنها للضغط على إسرائيل ولبنان.

.. ويأتى ذلك فى ظل سكون وصمت سياسى لبناني، وعربي، وأوروبى.

*متى سيُوقف نتنياهو «حرب لبنان»؟ تقريرٌ إسرائيلى يكشف

السؤال الذى يصطدم معع استمرار الحرب العدوانية الإسرائيلية على جنوب لبنان، ووسط بيروت، مع ضربات جوية شكلت عشرات المجازر التى مست وأنت حياة الشعب اللبنانى، فى سيناريو حرب يكرر سياق الحرب على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس،.. وسؤال صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، كان مقدمة لتقاريرها التى ترجمته منصة «لبنان 24»، كشفت فيه، محددات الوضع فى لبنان ودولة الاحتلال، وفق:

 

*أولًا: أساس لعودة السكان الإسرائيليين إلى المستوطنات.

إن إتفاق وقف إطلاق النار المُتوقع توقيعه بين لبنان وإسرائيل قد يكون بمثابة أساسٍ لعودة آلاف السكان الإسرائيليين إلى المستوطنات الشمالية المحاذية للحدود مع لبنان.

 

*ثانيًا: هل ستكونُ هناك آلية رقابية لحزب الله؟

أنَّ الجميع يريد معرفة تفاصيل بنود الإتفاقيّة بين لبنان وإسرائيل، وأضافت: «هل ستكونُ هناك آلية رقابية لحزب الله؟ هل سيأتى الضباط الأمريكيون لحراسة أمن الإسرائيليين؟ هل سيُرسل جيشا الأردن ومصر قواتٍ إلى جنوب لبنان والانتشار إلى جانب جنود الجيش اللبنانى؟».

 

*ثالثًا: بنود الاتفاقية طى الكتمان.

أنّ بنود الإتفاق الذى أبرمه الموفد الأمريكى آموس هوكشتاين ظلّت طى الكتمان، وأضافت: «فى الوضع الحالي، فإنّ الإتفاق المُنتظر سيُعطى إسرائيل ولبنان حبلًا للنزول من الشجرة التى تم الصعود إليها، كما سيضعُ مراقبة للوضع عند الجانبين من خلال لجنة عادية من الضباط الأجانب الذين سيكونون بمثابة هيئة إشراف صارمة».

 

*رابعًا: هل سيُطلقون النار على عناصر الحزب؟.

أن «أفضل اتفاق سيواجه صعوبة فى الرّد على المبادرات العدوانية على الأرض»، وإذا قام بعض مقاتلى حزب الله بدوريات على بعد بضع مئات من الأمتار فقط من الحدود، أو إذا اكتشف الجيش الإسرائيلى أنه تم حفر نفق فى إحدى القرى المقابلة للمطلة، فماذا سيفعل المفتشون؟ هل سيُطلقون النار على عناصر الحزب؟».

 

*خامسًا: طبول الحرب.

«المهم بشأن الإتفاقية هو كيف ستوجه حكومات إسرائيل العلاقات مع لبنان وما هى السياسة التى سيتمّ اتباعها فى السنوات المُقبلة، يكتمل التحرك العسكرى بمبادرة سياسية واسعة. فإذا اكتفينا بتدمير لبنان وعدنا إلى الحياة الطبيعية، فإن طبول الحرب قد تقرع أبوابنا فى المستقبل القريب».

 

*سادسًا: إسرائيل تبحثُ عن الأمن وليس السّلام.

أنَّ إسرائيل تركت أعداءها يُسلّحون أنفسهم وقد نهضت فى أحد الأيام لتتفاجأ بعدم ردعهم، قال الباحث فى شؤون لبنان أورين باراك إن إسرائيل تبحثُ عن الأمن وليس السَّلام. اقترح أن تبدأ الحكومة الإسرائيلية بنفسها عملية سلام مع لبنان، وحتى لو رفضت بيروت ذلك إلا أن هذا الأمر سيرفع أسهم تل أبيب لأنه فى المنطقة يُعتقد أن إسرائيل تريدُ فقط قتل العرب»، وفق مزاعم باراك.

 

*سابعًا: منح «هدية إنهاء الحرب» للرئيس الأمريكى المُنتخب ترامب.

أن هناك كلامًا فى تل أبيب يُوحى بأن- السفاح- نتنياهو سيُؤخر التسوية فى لبنان من أجل منح «هدية إنهاء الحرب» للرئيس الأمريكى المُنتخب دونالد ترامب وليس للرئيس الأمريكىّ الحالى جو بايدن، وأضاف: «هذا يعنى أنَّ وقف إطلاق النار على الجبهة الشمالية قد لا يتم التوقيع عليه قبل 20 كانون الثانى، أى تاريخ دخول ترامب إلى البيت الأبيض».

 

*ثامنًا: حزب الله ليس هو الهدف من الحرب.

أن «الجيش الإسرائيلى حقق الكثير من الأمور العسكرية فى جنوب لبنان ضد حزب الله»، زاعمًا أن «إسرائيل تمكنت من إفقاد حزب الله رصيده الأساس وهو الرّدع ضد إسرائيل»، وتابع: «ها هى بيروت تتعرّض للقصف ولا رادع. لكن مع هذا، فإن تدمير حزب الله ليس هو الهدف من الحرب وهذا ما قررته الحكومة الإسرائيلية. ما يحصل هو أن الهجوم العسكرى يهدف إلى معاقبة الحزب وجعل قتالهم غير مربحٍ له من دون القضاء عليه».

 

*قبل وهم إيقاف الحرب، كيف حدث  الاجتياح البرى إلى لبنان؟.

تتباين نتائج الحرب على لبنان، بكل المقاييس، فقد دخلت البلاد، من الجنوب وحتى الشمال ووسط بيروت حالة حرب قاسية ومجازر مدمرة، وهى تكرار لحرب الإبادة اليومية فى غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، وحسب تقرير موسع نشرته منصة “بلينكس” الإماراتية- وهى منصة محتوى تطمح إلى تقديم قصص تلهم الشباب العربى-، خلصت إلى بعض التنبيهات والآراء، وقالت المنصة:

 

كان التقدم البرى الإسرائيلى السريع داخل جنوب لبنان، لافتًا خلال اليومين الماضيين، إذ وصلت القوات الإسرائيلية إلى منطقة دير ميماس ومحيطها ليتم قطع الطريق هناك وتحديدًا تلك التى تربط منطقة النبطية بالخط الحدودى بين لبنان وإسرائيل.

 

ما حصل لم يكن عاديًا من الناحية الميدانية، فمشاهد الدبابات الإسرائيلية التى رُصدت على الطريق المؤدية من دير ميماس إلى نهر الليطانى تكشف أن هناك جدية إسرائيلية بالوصول إلى مجرى النهر، وهو الخط الذى أرادت تل أبيب العبور إليه بهدف إبعاد حزب الله إلى شماله.

 

.. المنصة، اعتبرت أن التوغل الحاصل يطرح تساؤلات أساسية عدة، منها، هل سحبت إسرائيل عبر توغلها فى جنوب لبنان ورقة الميدان من حزب الله؟ ما هو مخطط إسرائيل من هذا التوغل البرى البعيد نسبيًا عن الحدود؟ ماذا يقول الخبراء عن التكتيكات التى يعتمدها الجيش الإسرائيلى داخل الأراضى اللبنانية وإلى أى مدى يتأثر حزب الله بها؟

 

.. ووفق ما أجمع خبراء عسكريون، للمنصة، من أنّ العملية التى ينفذها الجيش الإسرائيلى فى لبنان «غير تقليدية»، فهى تشملُ أساليب جديدة من الهجمات البرية مرتبطة بتكتيكات عسكريّة مختلفة، وللخبراء بعض ما يلخص كيف يمكن أن نخاف من الفوضى السياسية والأمنية والعسكرية فى لبنان، فى ظلال سردية حرب مفتوحة على كل النتائج:

 

*1: الخبير الاستراتيجى والمحلل العسكرىّ هشام جابر:

إن إسرائيل لا تقوم بعملية اجتياح بري، بل هى تمارس التوغل وتسعى لإحداث خرق ميدانى.

 

*2: الخبير العسكرىّ اللبنانى عبدالرحمن شحيتلى:

أن الجيش الإسرائيلى ينفذ عملية «استخباراتية» بالدرجة الأولى، فعملياته التى يقوم بها تستند إلى المعلومات المقدمة إليه من الاستخبارات العسكرية.

 

*3: الخبير العسكرى خالد حماده:

وصول القوات الإسرائيلية إلى منطقة الخردلى يمثل تقدمًا ملحوظًا والهدف منه هو فصل قضاء النبطية عن قضاء مرجعيين، لأن أفق المرحلة الحالية تشير إلى وجود رغبة إسرائيلية للسيطرة على مجرى نهر الليطانى.

 

*ما هى تكتيكات التوغل الإسرائيلى داخل لبنان؟

جيش الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى سعى للدخول إلى لبنان من 3 محاور أساسية، حسب منصة بلينكس:

 

* *المحور الأول:

هو فى القطاع الشرقى من جنوب لبنان، وضمنه دخلت القوات الإسرائيلية من جانب منطقة الخيام ووصلت إلى منطقتى برج الملوك والقليعة حتى دير ميماس.

*المحور الثاني:

وهو فى القطاع الأوسط، حيث تحاول إسرائيل دخول مدينة بنت جبيل انطلاقًا من منطقة مارون الراس المرتفعة، لكن الوصول إلى المدينة المذكورة صعب جدًا، وهناك تجارب عسكرية عدة تشير إلى ذلك.

* المحور الثالث:

وهو فى القطاع الغربى، وفيه تحاول إسرائيل الوصول إلى البياضة قرب منطقة الناقورة الساحلية بعد السيطرة على منطقة شمع.

 

عمليًا وفى ظل استمرار الحرب، فالكابنيت الإسرائيلى، يهدف للوصول إلى حدود نهر الليطانى وذلك لإظهار انتصار معنوى يفيد بأنها وصلت إلى المنطقة التى تريد إبعاد حزب الله إليها.

 

.. وفى ذات التقرير، هناك هدف صهيونى يراه الخبراء: «الوصول إلى دير ميماس على سبيل المثال يعنى أن إسرائيل باتت قريبة من منطقة الخردلى التى يمر عبرها نهر الليطانى، لكنها فى الوقت نفسه لن تستطيع التقدم أكثر لأن القوات ستُصبح مكشوفة لعناصر حزب الله من التلال المحيطة وستتعرض للقصف والتدمير خاصة من قلعة الشقيف التاريخية».

.. فى حين أن الدخول إلى مناطق» بنت جبيل» فله، حسب خبراء بلينكس؛ قيمة استراتيجية لدى إسرائيل خاصة أن المنطقة هناك تعتبر قلعة حصينة لحزب الله وتريد إسرائيل الثأر لنفسها بعد ضربات موجعة تلقتها هناك خلال عام 2006.

مجموعات تُقاتل مجموعات

 

أمام كل ما يجرى ميدانيا، فإن ما يتبين بحسب الخبراء الذين تحدّثت معهم بلينكس، هو أن القوات الإسرائيلية تعتمد تكتيكات عسكرية أساسها العمليات السريعة والخاطفة للسيطرة على مناطق معينة تؤمن لهم حرية التحرك، كما أن ما ظهر أيضًا هو أن إسرائيل تتجنب إقامة مواقع ثابتة فى المناطق التى تدخل إليها كى لا تكون عرضة للاستهداف من قبل حزب الله.

 

يوضح شحيلتى أن إسرائيل حاولت التمركز فى نقاط تُسيطر على المحاور القتالية، كما أنها هدفت للعمل «خلف خطوط العدو»، كما يُقال فى العلم العسكرى، مشيرا إلى أن القوات الإسرائيلية لا تعمل ضمن «سرايا أو كتائب»، بل عبر مجموعات تقاتل بشكل مستقل.

 

وذكر شحيتلى أن إسرائيل تتجنب «الالتحام المباشر» مع حزب الله لسبب أساسى وهو أن مجموعات الجيش الإسرائيلى مكشوفة بالنسبة لمقاتلى حزب الله الذين يعملون كجماعات مستقلة أيضًا، ما يعنى أن المواجهة الميدانية قائمة بين مجموعات تقاتل مجموعات أخرى.

 

إلى ذلك، يقول حماده إن «إسرائيل لم تعد تلجأ إلى تكتيك نقل المعركة إلى أرض الخصم، فهى لا تزجّ بوحدات مدرعة فى الميدان كما أنها لا تستخدم قوة الصدم والنار للتوغل»، مضيفًا «الجيش الإسرائيلى اعتمد تكتيكات السيطرة على نقاط جغرافية حاسمة، كما أنه يقوم بمناورة بطيئة كى لا تتعرض قواته للخطر».

 

دوليًا وأمميًا وعربيًا وأوروبا، عدا الولايات المتحدة الأمريكية، لبنان تحتاج الآن إلى رؤية سياسية وأمنية جامعة، ذلك أن المجتمع الدولى، بات يرى إن «العودة الصامتة» للموفد الأمريكى آموس هوكشتاين إلى الولايات المتحدة قلّلت من منسوب التفاؤل بإحرازه أى تقدم، أو إيقاف الحرب، وفى المحصلة الجيوسياسية الأمنية فإن عودة الإدارة الأمريكية، مجددًا إلى لبنان، أو دولة الاحتلال الإسرائيلى؛ لن تحصل إذا ما قدرنا طبيعة مواقيت الحالة السياسية فى واشنطن التى تنتظر دخول الرئيس الأمريكى الجديد ترامب إلى البيت الأبيض.

.. فى الأفق تكهنات، لا حقائق، أسرار تؤكد أنه ليس هناك فرصة حقيقية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لا فى غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، ولا فى لبنان.

زر الذهاب إلى الأعلى