هل نحن على أعتاب شرق أوسط جديد يخلو من أذرع النفوذ الايراني !؟

* السبايلة: سقوط النظام السوري قد يؤدي إلى تشكيل شرق أوسط جديد؛ وفكرة “وحدة الساحات” التي تبنتها إيران في المنطقة “انتهت”

* المدانات: المشروع الأميركي يهدف لتقسيم المنطقة وهذا ما قد يحدث في سوريا؛ وتركيا لعبت دورًا محوريًا في “الشرق الأوسط الكبير”

النشرة الدولية –

نخبة بوست –

تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولات متسارعة منذ انطلاق عملية “طوفان الأقصى”  في 7 أكتوبر 2023، والتي شكلت نقطة تحول محورية في طبيعة المقاومة الفلسطينية.

وعلى الرغم من انطلاقتها ضمن حدود فلسطين، فقد امتدت تداعياتها إلى اشتباكات متفرقة بين إسرائيل ولبنان، مع تصاعد الأحداث على الساحة السورية، حيث برزت مساعٍ لإنهاء الوجود الإيراني والروسي هناك.

هذه التحولات قد تُعيد رسم ملامح المنطقة بشكل جذري؛ فالواقع العربي اليوم يشهد تغيرات ملحوظة قد تؤدي إلى شرق أوسط جديد يخلو من نفوذ إيران وأذرعها ومن تأثير روسيا؛ ويبقى السؤال الأبرز: هل نحن على أعتاب مشهد إقليمي غير مألوف؟

وهنا؛ لا يمكن تجاهل المشاهد التي استحضرها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال خطابه الأخير في الأمم المتحدة، حين رفع خريطتين: الأولى تمثل “محور النعمة”، منطقة خالية من النفوذ الإيراني وأذرعه، والثانية “محور النقمة”، الذي تهيمن عليه إيران وحلفاؤها؛ فهل ما يجري في سوريا اليوم يمثل خطوة نحو تحقيق رؤية نتنياهو؟ لاسيما وأن تصريحاته الأخيرة تزيد من هذا التساؤل، حيث قال:

“أمس فُتح فصل جديد في تاريخ الشرق الأوسط؛ نظام الأسد انهار بعد 54 عامًا من الحكم، وهضبة الجولان ستبقى إلى الأبد جزءًا لا يتجزأ من إسرائيل”

نتنياهو

هل نحن على أعتاب شرق أوسط جديد يخلو من أذرع النفوذ الايراني !؟
رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة

السبايلة: فكرة “وحدة الساحات”.. انتهت

ضمن هذا المحور؛ قال الخبير الاستراتيجي الدكتور عامر السبايلة في تصريح خاص لـ “نخبة بوست” إن سقوط النظام السوري يعد التحدي الأكبر في الوقت الحالي، لأنه قد يؤدي إلى تشكيل شرق أوسط جديد.

وهذا من وجهة نظر السبايلة سيبلور سؤالًا حول قدرة سوريا على البقاء كدولة واحدة متماسكة أو تحوّلها إلى كيانات متعددة.

وتابع السبايلة أنه في حال تحولت سوريا إلى كيانات وقُسّمت، سيكون هذا النموذج قابلًا للانتقال إلى العراق ولبنان في المرحلة الأولى، ويبقى هذا الاحتمال قائمًا.

أما فيما يتعلق بتراجع النفوذ الإيراني في سوريا، قال السبايلة إنه من الصعب عليها استعادة النفوذ الذي كان لها سابقًا؛ أما فيما يخص العراق، أشار السبايلة إلى أن تمسك إيران بالبقاء فيه قد يعني انتقال الأزمة إليه في المستقبل.

فكرة “وحدة الساحات” التي تبنتها إيران في المنطقة انتهت مع تفكيك تلك الساحات؛مما يجعل إيران الخاسر الرئيسي في هذه المعادلة

السبايلة

هل نحن على أعتاب شرق أوسط جديد يخلو من أذرع النفوذ الايراني !؟
حدود النفوذ العسكري الإيراني سابقاً في سوريا وفقاً للقوى التشغيلية على المستوى العسكري

المدانات: المشروع الأميركي يهدف لتقسيم المنطقة وهذا ما قد يحدث في سوريا

بدوره؛ أكد المحلل السياسي شادي المدانات أن التطورات الأخيرة في سوريا تأتي ضمن مسار طويل بدأ منذ سنوات، وقد تكون بمثابة الحلقة الأخيرة في سلسلة أحداث بدأت مع غزو العراق عام 2003.

وأوضح أن الرئيس الأمريكي جورج بوش طرح حينها مشروع “الشرق الأوسط الكبير” في 4 أبريل 2003، بهدف إعادة تشكيل المنطقة إلى كيانات طائفية ضعيفة، تخضع للنظام الرئاسي العالمي.

هل نحن على أعتاب شرق أوسط جديد يخلو من أذرع النفوذ الايراني !؟
مشروع الشرق الأوسط الكبير – خريطة الشرق الأوسط والدول المستهدفة

وأشار المدانات إلى أن هذا المشروع كان يهدف إلى تحويل دول المنطقة إلى كيانات تعتمد على المواد الخام الرخيصة والأيدي العاملة، مع فقدانها للاستقلال السياسي والاقتصادي؛ وعلى الرغم من تعثر هذا المشروع بعد المقاومة العراقية في 2003 ثم المقاومة اللبنانية في 2006، إلا أن الولايات المتحدة استمرت في سعيها لتحقيق الهيمنة الإقليمية والدولية.

وأضاف المدانات أن تركيا وإسرائيل كانتا من أبرز أدوات المشروع الأمريكي في المنطقة، حيث لعبت تركيا دورًا محوريًا في “الشرق الأوسط الكبير”، لا سيما بعد تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 2010 عن دور بلاده القيادي في هذا المشروع. ومع ذلك، تعرض المشروع لعدة انتكاسات بسبب مقاومة قوى إقليمية.

تركيا وإسرائيل كانتا من أبرز أدوات المشروع الأمريكي في المنطقة، حيث لعبت تركيا دورًا محوريًا في “الشرق الأوسط الكبير”

المدانات

وأوضح المدانات أن الولايات المتحدة واصلت استهداف محور المقاومة، من خلال ضربات عسكرية وعمليات على الحدود السورية اللبنانية، بهدف قطع الإمدادات إلى حزب الله.

هل نحن على أعتاب شرق أوسط جديد يخلو من أذرع النفوذ الايراني !؟
مشروع الشرق الأوسط الكبير في نسخته الروسية؛ حسب ما نشرت نشرت صحيفة “آيدنلك” التركية وعما سمته “مشروع أوراسيا للشرق الأوسط وشمال إفريقيا” واصفةً إياه بالبديل الروسي لمشروع “الشرق الأوسط الكبير” الأميركي

وفي هذا السياق، صعّدت إسرائيل من تحركاتها بدعم أمريكي واضح، حيث شهد الهجوم الأخير استخدام أسلحة متطورة ومعدات حديثة من الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا، في إطار خطة طويلة الأمد لتقويض محور المقاومة.

ورأى المدانات أن هذا الهجوم ينسجم مع خطة تهدف إلى تقسيم المنطقة إلى كيانات طائفية ضعيفة سياسيًا واقتصاديًا، مما يُظهر تراجع قوة المقاومة الإقليمية ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية.

وفيما يتعلق بسوريا، أكد المدانات أنها تتعرض لمخططات تقسيم وتقليص قوتها العسكرية، ما يهدف إلى إضعافها سياسيًا وعسكريًا.

سوريا تتعرض لمخططات تقسيم وتقليص قوتها العسكرية، مما يهدف إلى إضعافها سياسيًا وعسكريًا

أما القضية الفلسطينية، فاعتبر المدانات أنها تواجه خطر التصفية في ظل مساعي إسرائيل لتهجير الفلسطينيين وتغيير التركيبة السكانية لصالحها.

وختم المدانات بالقول إن المشروع الأمريكي، رغم مواجهته صعوبات في الوقت الراهن، يتيح للولايات المتحدة وحلف الناتو الاستفادة من الهيمنة الإقليمية والدولية على المدى البعيد.

الشرق الأوسط يدخل مرحلة جديدة ..

تشير الأحداث الجارية منذ بدء عملية طوفان الأقصى وحتى اليوم إلى أن الشرق الأوسط يمر بمرحلة جديدة من التحولات السياسية المعقدة، حيث تتشابك المصالح الإقليمية والدولية بصورة متزايدة، مما يسهم في إعادة تشكيل معالم المنطقة.

وفي ظل الاحتمالات المتزايدة لاستلام الإخوان المسلمين الحكم في سوريا، قد تشتد حدة صراع المصالح بين تركيا وإسرائيل، وسط تباين في المواقف العربية حيال هذا السيناريو.

فمن المتوقع أن تؤيد بعض الدول العربية الإخوان المسلمين في سوريا، بينما تعترض دول أخرى على ذلك، مما قد يؤدي إلى تغيرات جوهرية في موازين القوى داخل المنطقة.

إذ يعكس المشهد الراهن في الشرق الأوسط واقعًا معقدًا وصعبًا، لكنه في الوقت نفسه يفتح الباب أمام فرصة لإعادة التفكير في كيفية تحقيق توازن مستدام بين دول المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى