خرائط مشبوهة مع خطط النوايا الدولية والعربية فى سوريا
بقلم: حسين دعسة
النشرة الدولية –
الدستور المصرية –
تعيش المنطقة والإقليم العديد من الأحداث التى بات مظهرها سياسيًا وأمنيًا، السرعة والمفاجآت، والصدمة.
فى ذلك، أن الترقب السياسى الأمنى اصطدم اليوم، عندما دعت الخارجية الأمريكية مواطنيها إلى مغادرة سوريا، وفق معلومات وكالة «د ب أ»، مشيرة إلى أن الوضع الأمنى فى البلاد لا يزال متقلبًا وغير قابل للتنبؤ.
بيان الخارجية وضح حدًا لأى حراك سياسى، مما زاد نسبة الترقب لحالة اللا يقين الجيوسياسى الذى اصطبغت به صورة المنطقة بعد الحدث السورى.
وتقول الدبلوماسية الأمريكية، من خلال خارجيتها: «لا يزال الوضع الأمنى فى سوريا متقلبًا وغير قابل للتنبؤ به مع وجود صراع مسلح وإرهاب فى جميع أنحاء البلاد. يجب على المواطنين الأمريكيين مغادرة سوريا إذا أمكن. يجب على المواطنين الأمريكيين غير القادرين على المغادرة إعداد خطط طوارئ والاستعداد للاحتماء فى أماكنهم لفترات طويلة». وهو ما لفت إليه موقع «سيريا نيوز» السورى اليوم، فى وقت يستعيد الترقب معالم حلول غير واضحة للإمساك فى الملف السورى إلى النهاية.
*.. عن أى نتيجة تؤشر الأجندة المؤجلة بسوريا.
ليس سرًا، ولن نحدد مصادر تلك الإشاعات- الحقائق، فهى خليط غريب من نتائج غير سعيدة، لبلد عاش، وما زال، فى دوامة حرب، تختلط فيها كل أعداء سوريا، يقترب معها الأصدقاء، يتركها الحلفاء، وتتلاشى القصص التى طبعت تاريخ الأزمة السورية منذ سنوات.
.. ليس الانسحاب الإيرانى، الروسى، بما يتوازى مع الانسحاب الذى تركه عميقًا حزب الله.
.. الإيرانى يترقب التركى، وتمد أذرعها ودباباتها دولة الاحتلال الإسرائيلية، وتحاول نفض الخرائط المرة تلو الأخرى.
.. لن نعيد الحالة السياسية التى قد تتفجر عسكريًا وأمنيًا:
لهذا يجب الانتباه: عن أى نتيجة تؤشر الأجندة الدولية المؤجلة فى سوريا.
.. علينا فتح فصول من محددات المرحلة، التى تتملص من اليد العربية، لتدخل فى حلول، جلبتها الولايات المتحدة الأمريكية، تركيا، روسيا، إيران.
ما يزيد من سخونة ما قد تواجه سوريا هيئة تحرير الشام، وبقية الفصائل التى تتشارك معها الترقب.
.. نستعيد هنا حراك أبومحمد الجولانى، الشرع لاحقًا، ونحاول تلمس مسئولية الحكم الموعود بعد نهاية حكم عائلة الأسد، الذى اختار الهرب إلى دولة تعد حليفة لسوريا النظام، وليس شرطًا أن تكون، بذات القيمة اليوم.
.. غياب تركيا، روسيا، إيران، كثلاثى، يرتكز عليها سابقًا الحوار نحو «المشروع الوطنى الديمقراطى السورى» المفتقد، عمليًا سياسيًا واجتماعيًا.
.. اليوم السورى، لا إنذار لما سيكون عليه تاليًا.. كيف ذلك؟
لا دلالات عن تحقق وحدة للشعب السورى، أو لمعنى استقلاله، وأبعاد أو مفاهيم نزع السيادة على خرائط الأرض، عدا عن التصالح مع دول الجوار السورى، أو دول محيطها الجيوسياسى الأمنى والحضارى.
.. سوريا لا يمكن أن تنفصل فى الحدث السياسى عن عقود من الانتماء الوهمى لخصومة سياسية وجيوسياسية أمنية فرضتها ظرفية سياسية وكفاح مفترض ضد الكـيان الإسرائيلى الصهيونى، أن جوار سوريا فى هذا المفصل، هم من ينتظر التحولات التى لا تتوقف، ذلك أن مستقبل سوريا خرج من بين المعارضة السورية، أو المجتمع الدولى، أو من الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، أو محور أستانة، أو الجوار المباشر فى الحدود، وعبر كل ذلك، سوريا خارج القول إنها- أيضًا- فى أيدى السوريين أنفسهم، فهم الآن خارج نطاق هيئة تحرير إذا أحسنوا التصرف، وأن هذا المستقبل سيبقى مهددًا لو رضخوا للحسابات الإقليمية والدولية التى رعت مرحلة الاقتتال والانقسام التى سادت منذ أكثر من 10 أعوام.
من هذا المنطلق؛ على السوريين مجتمعين تقع مهمة صياغة النظام الجديد الذى يجمعهم، نظام يقوم على نقض نهج وأساليب النظام السابق، يستعيد وحدة الدولة السورية ذات السيادة على أساس دستور جديد يقوم على المواطنية، ويتيح تداولًا للسلطة فى انتخابات حرة.
سوريا تستحق استقرارًا بعد عقود من الانقلابات العسكرية وتجربة نصف قرن من الاستبداد قضت على بدايات تجربة ديمقراطية ترعرعت منذ أيام الانتداب والاستقلال قبل أن تنهيها طموحات العسكرة وعبادة الأشخاص، وقبل الاستقلال وتحت الاحتلال الفرنسى تمكن فوزى الغزى وهاشم الأتاسى ونخبة من السوريين من وضع الدستور السورى الأول عام 1928، أيام النفى فى جرود لبنان «دوما البترون»، والآن أيضًا سيمكن ويجب على النخب السورية أن تنجز ذلك الأمر، ووضع دستور جديد يأخذ بعين الاعتبار واقع الشعب السورى وتحولات قرن عابق بالتجارب المريرة.
.. ولماذا يُقال إن إعداد الدستور، حالة تعنى:
مسألة أساس فى سوريا الجديدة، بسبب الانقسامات القائمة وتعدد فصائل مناهضى النظام البائد، وتوزع الأرض بين مناطق نفوذ واحتلال، ولم يكن صدفة أن تتبنى الأمم المتحدة أولوية إنجاز صياغة الدستور المفترض وتتابعها على مدى أعوام إلى أن أفشلها الأسد، فهذه العملية جزء أساس من القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولى رقم ؟2254» الذى يرسم خريطة طريق للتسوية فى سوريا.
.. والواقع، بكل خفايا الحوار:
فلا يزال القرار «2254» مستندًا أساسًا فى يد دول العالم المهتمة بعودة سوريا لحياتها الطبيعية، دولة مستقلة ديمقراطية موحدة سيدة على أرضها، على رغم أنه فى يوم صدوره عن مجلس الأمن الدولى فى الـ18 من نوفمبر 2015، أى قبل تسعة أعوام بالضبط، كان يتوجه إلى المعارضة والسلطة الممثلة فى الأسد، لكنه فى الواقع كان يرسم معالم الطريق لمرحلة ما بعد الأسد ونظامه المديد عندما أشار إلى الفترة الانتقالية، وهو جاء خلاصة لإجماع دولى قلّ حصوله، تحتاجه سوريا اليوم أكثر من أى وقت مضى.
أكد القرار فى حينه التزام العالم باستقلال وسلامة أراضى سوريا، وهو أمر أساس فى الظروف الراهنة خصوصًا مع التوغل والقضم الإسرائيليين فى أجزاء إضافية من الجولان المحتل، وأوضح القرار أن الحل يكون من خلال «عملية سياسية جامعة بقيادة سورية عبر إنشاء هيئة حكم انتقالية جامعة، مع كفالة استمرارية المؤسسات الحكومية»، وهيئة الحكم المطلوبة هى الخطوة الأولى فى عملية سياسية تتولى الأمم المتحدة تسييرها بهدف «إقامة حكم لا يقوم على الطائفية، ويحدد جدولًا زمنيًا وعملية لصياغة دستور جديد، ويدعم إجراء انتخابات حرة تجرى فى غضون 18 شهرًا تحت إشراف الأمم المتحدة».
*عودة نحو اجتماعات العقبة.
بهذه الروحية تعامل الاجتماع العربى فى العقبة مع التحول السورى، وشاركه فى ذلك الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبى، وفى الخلاصة رأى الجميع أن سوريا يجب أن تخرج من دائرة التقسيم والأطماع الإقليمية، وأن يسمح لأبنائها بالإمساك بمستقبل بلادهم وجمهوريتهم.
ويحتاج تحقيق ذلك إلى لجم الأطماع الإسرائيلية التى لا تتوقف قضمًا وتدميرًا، ويستلزم تخفيف الطموحات التركية فى استعمال انتصارات الشعب السورى على النظام إلى وسيلة صدام داخلى مع جزء من الشعب الكردى- السورى، كما يتطلب إقفال الطريق أمام مهزوم أساس هو إيران من العودة للتلاعب بسوريا الساحة:
*ممكن وغير متغلب:
لم يتحمل المرشد الإيرانى على خامنئى ما جرى فى محافظته الـ35، وهو فى آخر خطابات الأسبوع الماضى جزم أن «المناطق التى استولى عليها الأعداء فى سوريا سيجرى تحريرها على يد الشباب السوريين الغيورين، لا شك فى أن هذا سيحدث وتُطرد أمريكا من المنطقة عبر جبهة المقاومة».
*ممكن وغير مرجح:
كلام خامنئى والأصوليين الإيرانيين استحق تعليقًا لاذعًا من معلقين إيرانيين، كتب أحدهم فى صحيفة «هم ميهن» يقول: «تقدمون تحليلات حول الوضع فى سوريا تجعل حتى الجماد يضحك ويسخر منها».
*ممكن وغير مخيف:
قد يكون الأمر كذلك، لكن الكلام الإيرانى والنيات التركية والمشاريع الإسرائيلية تكشف جانبًا أساسيًا من جبل التحديات التى تواجه سوريا الآن، والتى لا يمكن لشخص أو فصيل مسلح أن يتحمل وحده مسئولية الانتقال بها من حكم الأسد إلى المشروع الوطنى الديمقراطى السورى الأرحب، الذى يحفظ وحدة شعبها واستقلاله وسيادته على أرضه.
*تشكيل حكومة سورية.. الدور العربى والدولى الضائع.
قد يبدو ذلك الدور الضائع عربيًا ودوليًا وحتى أمميًا، فما تشهده سوريا من «مرحلة غير عادية، مفصلية» فى تحولاتها السياسية والأمنية والمجتمعية، ذلك أن خرائط الذاكرة والناس فى كل سوريا تتقاطع مع خرائط منطقية ومدن ومناطق مختلفة، وأمنيًا، تتداخل فيها الأطراف، المدن المحلية والحدود الإقليمية والدولية، وكلها تسعى إلى: «إيجاد صيغة توافقية تضمن تشكيل حكومة جامعة تمثل جميع مكونات الشعب السورى، وفق منطق الولاية العامة لدولة المؤسسات».
عميقًا، بالرجوع إلى الثورة وتدرج المعارضة ومن تم تفتتها، لا شك أن ذلك أفرز، ما قد نقول عنه، مرحلة تنتج أو تفرخ، الجهود والأفكار والمطالبة السياسية، التى تصطدم مع تحديات ومعيقات سياسية وأمنية معقدة، وفق الآتى:
*أولًا:
مستقبل الاستقرار فى البلاد.
الاجتهاد السياسى متضارب شكلًا ومضمونًا؛ وسط مخاوف من تأثير الجماعات المسلحة ذات الصلة بتنظيمى القاعدة والإخوان، ما يثير تساؤلات حول مستقبل الاستقرار فى البلاد.
*ثانيًا:
التطمينات المتبادلة.
وجود مسئولية، تدخل التطمينات المتبادلة بين الحكومة السورية المؤقتة، بقيادة هيئة تحرير الشام، والمجتمع الدولى.
*ثالثًا:
القراءات القانونية.
ظهور هناك مؤشرات، متأرجحة «لا إيجابية، ولا سلبية»، يتمثل حراكها فى القراءات القانونية حول إمكانيات المجتمع الدولى والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، على إنجاح مطالب رفع العقوبات الدولية عن سوريا.
*رابعًا:
السلاح سيكون بيد الدولة.
الإقرار، وفق ضمانات تؤيد أن احتكار السلاح سيكون بيد الدولة.
ويعنى ذلك؛ اتفاقًا بين كل الأطراف السورية، والخلفاء، تركيا، إيران، روسيا، بما يشمل العشائر والفصائل الإسلامية.
*خامسًا:
الاستراتيجية الأمنية المستقبلية
جيوسياسية أمنية تضع الاستراتيجية الأمنية المستقبلية التى حققتها الولايات المتحدة نتيجة التراجع الروسى والإيرانى فى سوريا، وهذا حقق للولايات المتحدة استراتيجيات متباينة للتعامل مع الوضع، وهذا ناتج طبيعى فى الأثر الطويل لطبيعة معالجة مشكلة سوريا اليوم.
*سادسًا:
انفتاح مصالح الدول الحليفة.
فهم سياسى/ اجتماعى لماهية التحديات الناشئة عن المخاوف الديموغرافية والدينية والسكانية، التى تكشفت وواجهت سوريا فى هذه المرحلة، أى بعد دخول جيش هيئة تحرير الشام وفصائل المعارضة وانفتاح مصالح الدول الحليفة على واقع سوريا بعد هروب الأسد.
*سابعًا:
مستقبل المواطنة والعلمانية.
خصوصية الأحكام والمواقف على ما نشأ وظهر من فهم النوايا السياسية للمكونات المختلفة، فى موروث سوريا السياسى، تحديدًا: «أن مستقبل المواطنة والعلمانية لا يزال غير واضح».
.. مثال ذلك:
*أ:-
الأطماع التركية فى سوريا، خاصة فى حلب، حيث تسعى أنقرة إلى تعزيز نفوذها فى المنطقة.
*ب:-
تصريحات الرئيس أردوغان بضرورة ترك المسألة للسوريين ليقرروا مستقبلهم.
*ج:-
أن تركيا تدعم المعارضة المسلحة وتقدم مساعدات متعددة للاجئين السوريين، والادعاء شكليًا أن تركيا تسعى للحفاظ على وحدة الأراضى السورية ومكافحة التنظيمات الإرهابية، مع التمييز بين الأكراد والتنظيمات المتطرفة، نافيًا وجود أى أطماع تركية فى الأراضى السورية.
*رفع العقوبات عن سوريا.. إدارة أمريكية تعطل!.
كبير الباحثين فى معهد الشرق الأوسط راندا سليم، سلطت الضوء على دور الولايات المتحدة فى المرحلة المقبلة، «قبل دعوة الأمريكيين لمغادرة الأراضى السورية»، على اعتبار أن الإدارة الأمريكية الجديدة، التى يقودها مسئولون ذوو مواقف صارمة تجاه الجماعات الإسلامية، ستلعب دورًا رئيسيًا فى اتخاذ القرارات المتعلقة برفع العقوبات عن سوريا.
وأوضحت أن قرار رفع العقوبات معقد ويخضع لإجراءات بيروقراطية مطولة، ما يجعل عملية فرض العقوبات أكثر سهولة من رفعها.
.. وحتمًا، أو لنقُل، تاليًا:
فإن الدور العربى والدولى يركز على ضرورة تحقيق الاستقرار السياسى فى سوريا من خلال تشكيل حكومة جامعة تضم كل الأطياف.
.. وللأسف، إشارات متفاوتة إيجابيًا على الصعيد الدولى، تظل، توازن بين التحديات المرتبطة بالأمن والمخاوف الديموغرافية والدينية القائمة.. وهو أمر يعطل بعض الشىء من الجهود المشتركة لتحقيق السلام والاستقرار فى سوريا.
*السفاح نتنياهو وحكومة التطرف التوراتية الإسرائيلية تترك بصماتها فى جدل المرحلة.
.. ما يظهر أن هناك رغبة دولية وحراكًا عالميًا أمنيًا مكثفًا لدعم حل اتجاهات سياسية تنوء بحلول سلمية فى كل مدن وأرياف سوريا.
.. عمليًا:
تشهد دمشق، وحماة وحمص، وصولًا إلى حلب، حراكًا سوريًا (..) وعربيًا، دوليًا مكثفًا لدعم نقطة التقاء تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، قد تكون قائمة ضمن أسس ورعاية الأمم المتحدة والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامى.
*الصورة الإسرائيلية.
خلال الساعات الماضية، الوضع الإقليمى بين حرب غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، تتناور حولها خطط اقتراحات، فى ذلك قال رئيس الأركان الإسرائيلى، هارتسى هاليفى، إن إسرائيل تواصل تقدمها فى سوريا لحماية حدودها، مشيرًا إلى أن هناك تهديدًا من عناصر إرهابية يمكنها أن تشن هجمات ضد إسرائيل.
.. وأيضًا: وسائل إعلام إسرائيلية تحدثت عن أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة استهدفت مستودعات صواريخ وأسلحة فى منطقة مدينة طرطوس الساحلية القريبة من الحدود اللبنانية السورية.
.. وفى الحصيلة:
ضابط سابق فى الجيش السورى يقول إن المدينة شهدت لأول مرة قصفًا جويًا إسرائيليًا كبيرًا، موضحًا أن الهجمات استهدفت مرافق للدفاع الجوى ومنشآت عسكرية بينها اللواء 23 ووحدات عسكرية بالقرب قرى حريصون والبلوطية والخراب، إضافة إلى عدة مواقع أخرى شوهدت فيها ألسنة اللهب، مضيفًا أن إسرائيل ربما استخدمت سلاحًا لأول مرة فى الهجمات على سوريا.
وأفاد المرصد السورى لحقوق الإنسان بأن «الطيران الحربى الإسرائيلى شن غارات على مواقع عدة بينها وحدات للدفاع الجوى ومستودعات صواريخ أرض- أرض»، واصفًا إياها بأنها «الضربات الأعنف فى منطقة الساحل السورى منذ بدء الغارات فى 2012».
يقول ضابط سابق فى الجيش السورى.. يعيش فى مدينة طرطوس، بينما، قد تكون هذه الشهادة، عابرة:
«لأول مرة تتعرض مدينة طرطوس لقصف جوى إسرائيلى كبير، حوّل ليل المدينة إلى نهار جراء الانفجارات العنيفة، نتيجة استهداف قواعد دفاع جوى ومواقع عسكرية سورية ومنها اللواء 23 وكتائب عسكرية قرب قرية حريصون والبلوطية والخراب، إضافة إلى عدد من المواقع الأخرى التى شوهدت النيران تندلع منها».
*عن أى مؤشرات؟!
.. وقد نحتار فى القول إن ظهور مؤشرات عدة على أن ثمة رغبة حقيقية من المجتمع الدولى فى التعامل بإيجابية مع الأوضاع الجديدة والحكومة الانتقالية فى سوريا، حيث إن التحركات الجديدة جاءت من اتجاهات عدة، وعلى أكثر من صعيد، وعلى رأسها زيارة المبعوث الأممى غير بيدرسون إلى سوريا، ولقائه قائد العمليات العسكرية أحمد الشرع ورئيس الحكومة الانتقالية.
وأعلنت القيادة العامة للإدارة السياسية فى سوريا أن القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع أجرى مباحثات فى دمشق مع مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون، الذى وصل إلى العاصمة السورية دمشق فى أول زيارة له لسوريا بعد إسقاط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وأكد الشرع، خلال اللقاء، أهمية وحدة سوريا وإعادة الإعمار وإعادة تأهيل المؤسسات لبناء نظام قوى وفعال. وطالب بضرورة إعادة النظر فى القرار 2254 نظرًا للتغيرات التى طرأت على المشهد السياسى، مما يجعل من الضرورى تحديث القرار ليتلاءم مع الواقع الجديد.
وشدد على «ضرورة التعامل بحذر ودقة فى مراحل الانتقال وإعادة تأهيل المؤسسات لبناء نظام قوى وفعال»، بالإضافة إلى ذلك تم تأكيد «أهمية توفير البيئة الآمنة لعودة اللاجئين وتقديم الدعم الاقتصادى والسياسى لذلك».
*مؤتمر للدبلوماسيين الأمريكيين والأوروبيين فى وزارة الخارجية الإيطالية.
إلى ذلك، عقد وزراء خارجية الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا محادثات، اليوم الثلاثاء، بشأن التطورات فى سوريا، وفق ما أعلن وزير خارجية إيطاليا أنتونيو تايانى.
وقال تايانى، خلال مؤتمر للدبلوماسيين فى وزارة الخارجية الإيطالية: «نأمل فى أن تتحول الإشارات الإيجابية الأولى إلى إشارات إيجابية ملموسة».
.. «الاجتماع الافتراضى»، اجتهاد أوروبى، أمريكى، فيما تكثّف الدول الغربية اتصالاتها مع «هيئة تحرير الشام» التى تولّت السلطة بعد انتهاء حكم بشار الأسد.
فى الأثناء، قال وزير الخارجية الفرنسى جان نويل بارو، إن لدى الاتحاد الأوروبى أدوات عدة يمكنه تقديمها للإدارة الجديدة فى سوريا، مثل المساعدة المالية وإعادة الإعمار ورفع العقوبات، إلا أن ذلك يتطلب تحقيق شروط محددة.
وأوضح بارو، لدى وصوله إلى مقر اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبى فى بروكسل، أن هذه المساعدات مشروطة بانتقال سياسى يضمن تمثيل جميع الأقليات فى سوريا، واحترام حقوق الإنسان وحقوق المرأة ومكافحة الإرهاب والتطرف، وهذا عمليًا منطق لفتح حوار من الهيئة وبالتالى مع جميع الفصائل.
.. والواضح هنا أن الاجتماع الإيطالى ينبش ملف الشرق الأوسط، الذى سيكون فى قلب مناقشات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى، و«على رأسها ملف سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد».
وتابع بارو أن هذه الفترة «تحمل عددًا من المخاطر مثل خطر التفكك وعدم استقرار سوريا، وخطر التطرف الإسلامى». فى الأثناء، قالت منسقة السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى، كايا كالاس، إن أكبر دبلوماسى معنى بسوريا فى التكتل، سيذهب إلى دمشق، ليتواصل مع الحكومة الجديدة فى البلاد.
*مبادرة «الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا».
شهدت الـ72 ساعة الماضية ولادة سياسية أمنية، لما أطلق عليها: «الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا»، الإثنين، مبادرة من 10 نقاط لبدء حوار وطنى سورى شامل، ودعت إلى عقد اجتماع فى دمشق بمشاركة القوى السياسية لتوحيد الرؤى بشأن المرحلة الانتقالية.
وقالت، فى بيان: «سياسة الإقصاء والتهميش يجب أن تنتهى، ويجب أن تشارك جميع القوى السياسية فى بناء سوريا الجديدة بما فى ذلك الفترة الانتقالية».
وقالت الإدارة إنه يجرى حاليًا الإعداد لمرحلة لقاءات، وحوار مع الفصائل المسلحة فى العاصمة دمشق «بهدف توحيد الآليات والجهود خدمة لسوريا وشعبها».
* سوريا فى مرجيحة سيناريوهات خطيرة تحكم المرحلة المقبلة
هى عمليًا ليست مستحيلة، لكنها متشظية!
سيناريوهات كثيرة بدأت تحكم العلاقة بين الأطراف فى سوريا، وترسم تاليًا المسار السياسى للمرحلة المقبلة وكيفية تطور المشهد بعد الحدث المفاجئ والسريع الذى سيطر على الساحة والجغرافيا السورية من أقاصى إدلب حتى الجنوب، وفق ما قالت المحللة السياسية إيناس كريمة.
*كيف نفهم السيناريوهات المطروحة؟!.
ليست إجابات نهاية، هى خليط نتاج الحدث الممتد بين غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، ولبنان الجنوب، وسوريا حطام الهارب الأسد، فما هو الوضع؟.
*سيناريو أول:
أن تنجح قوى المعارضة فى تشكيل حكومة جديّة تكون قادرة على إدارة شئون الدولة، وبغضّ النظر عن مدى نجاحاتها الإنمائية فى الحكم، إلا أنها ستشكّل نقلة نوعية ومخاضًا قد يطول ويؤدى إلى انتقال سوريا من ضفّة إلى أخرى.
.. ويستوجب، تقول الباحثة كريمة، أن يبقى طرف واحد فقط متصدّرًا للمشهد، أى أحمد الشرع «الجولانى» مع المعارضة التى جاءت من الشمال، وتحديدًا من إدلب، الذين سيمسكون زمام السيطرة وليس مجموعات المعارضة الأخرى التى أتت من شمال الرقة أو جنوب درعا.
*سيناريو ثانٍ:
الاقتتال الداخلى بين الأطراف الطائفية، وحينها سيرتفع احتمال انقسام سوريا وتقسيمها إلى أقاليم درزية وكردية وسنية وعلوية، وهذا الأمر وارد جدًا بل ومطروح كسيناريو محتمل، غير أن مصادر أخرى ترى أن هذا السيناريو ضعيف جدًا، إذ إنّ ثمة إجماعًا إقليميًا ودوليًا على عدم حصول إشكالات ومعارك طائفية بين القوى المتناحرة.
.. وفى المسار المتوقع:
«من الغباء استبعاد هذا السيناريو تمامًا من المشهد الراهن، ذلك لأن ما كان يجمع الفصائل المتناحرة هو هدف إسقاط النظام السورى، وبالتالى فإنّها بعد تحقيق هدفها قد تعود إلى مربع الخلافات السابقة بغية تحقيق مكتسبات».
*سيناريو ثالث:
وقوع خلافات كبرى بين قوى المعارضة واشتباكات تدوم طويلًا بين الأطراف المتقاتلة ما من شأنه أن يؤدى إلى فوضى شاملة وطويلة الأمد، وعدم قدرة «الثورة» على إنتاج سلطة جديدة، وبالتالى الذهاب نحو إرباكات أمنية وسياسية فى الداخل السورى.
*سيناريو رابع:
من الخطأ حصر المرحلة المقبلة بالفصائل المسلحة التى سيطرت على سوريا، بحسب توصيفه، ذلك أن لاعبين رئيسيين فى حلبة الصراع لا يمكن تجاوزهم:
*١:
القواعد الروسية لا تزال فى سوريا، إضافة إلى الطموح التركى الأساسى الذى يتركز حول الاستيلاء على الشمال السورى.
*٢:
ترقب إيران التى تسعى لإعادة ترتيب أوراقها فى الداخل السورى.
*٣:
الولايات المتحدة الأمريكية التى من المستحيل أن تستغنى عن مكتسباتها بعد سقوط النظام.
*٤:
إسرائيل التى لم تتأخر عن توسيع عملياتها العسكرية فى سوريا بهدف الاستيلاء على أراضٍ جديدة، لضمّها والاحتفاظ بالجولان.
الإشغال الأمنى، يتجاوز السياسى، قد يتجاوز الوضع أى رهان، الصراع الداخلى بات أقرب الحلول لإرث الأسد والمعارضة السورية.
.. ومن المفيد أن ننظر إلى سوريا فى المرحلة المقبلة فى عين المنطقة، هكذا تخلص الباحثة كريمة (..) فالتحولات الجديدة التى طرأت تشكّل قلقًا كبيرًا على دول المنطقة، سيما مع عودة سيطرة «الحركات الإسلامية»، والتى فشلت تاريخيًا فى إدارة الدولة نظرًا للخلافات الكبيرة بينها والانشقاقات التى حصلت فى صفوفها بسبب غياب الأيديولوجية الدينية من خطابات بعض القادة.
* سوريا والمواجهة مع إسرائيل.
.. وهذه حقيقة، لا الإدارة الأمريكية، ولا أى ضمانات أخرى عربية أو أوروبية تتوقع غير الأسوأ فى سوريا، وبالتالى على المنطقة.
*1:
لا شىء يضمن بأن لا تتجرأ إسرائيل وتقوم بتوجيه ضربة عسكرية قاسية لإيران، وفى المقابل فلا أحد يضمن أيضًا حجم ردّ الفعل من الجانب الإيرانى وكيفية تعامل الإيرانيين مع أى تجاوز للخطوط الحمر، لن يترك نتنياهو إيران قوية وقادرة على إعادة تكوين وتمكين حلفائها فى المنطقة وتعزيز نفوذهم، وتعيد ترتيب أوراقها فى الساحة السورية للحصول على مكانة جدية، أم أنه سيقوم بتوجيه ضربة تؤدى إلى إضعاف النظام الإيرانى الذى خسر جزءًا كبيرًا من قوته فى المنطقة.
*2:
مدى قدرة إسرائيل على المخاطرة بالمواجهة مع إيران، إذ إن هذه المواجهة اليوم وفى ظل عودة ترامب إلى البيت الأبيض قد تشكّل مغامرة إسرائيلية كبرى تتلقى فيها «حكومة الكيان» ضربات قاسية، الأمر الذى يدور ضمن فلك الاحتمالات فى الحسابات السياسية.
*3:
من يضمن أن لا يذهب العراق إلى الحضن الإيرانى بالكامل فى الأشهر أو السنوات القليلة المقبلة لتعويض خسارة سوريا.
*4:
التسوية اليوم قد لا تكون نهائية، إذ من الواضح أن المنطقة قد دخلت فى نفق الصراع الكبير ولن تخرج منه بالسهولة المتوقعة، خصوصًا أنّ أعداء إسرائيل الذين تلقّوا ضربات قوية جدًا فى الأشهر الماضية لم يتمّ القضاء عليهم، الأمر الذى كان على رأس أهدافها فى حربها على غزّة ولبنان، ولعلّ المقاومة الفلسطينية «حماس»، الأكثر تعرّضًا للهجمات الاسرائيلية، لا تزال موجودة عسكريًا وتنظيميًا فى قطاع غزّة ولديها بيئة حاضنة واسعة رغم كل الظروف القاسية التى واجهها الشعب الفلسطينى فى غزّة، وعليه فهى قادرة على ترميم نفسها من جديد.
*ليس هناك من نتيجة.. ترامب يريد ذلك.
السفاح نتنياهو يعلم أن ليس من أى نتائج تحسم أحداث المنطقة، أرض محروقة، والخوف والتوتر السياسى من الداخل الفلسطينى، إلى الداخل السورى، على وقع التطورات المتسارعة التى تحصل فى المنطقة، والتى قد تحصل خلال الأسابيع المقبلة قبل وصول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وتسلمه السلطة.
.. وعلينا أن نحدد، الخطر القادم، بعد تحسس خطر ضربات السلطة الوطنية الفلسطينية على حركة حماس وفصائل مسلحة فى جنين والضفة ومخيم جنين، وإن حصلت، ولا أراها تحصل نظرًا لحساسية الأوضاع فلسطينيًا وعربيًا وإقليميًا ودوليًا، وهنا يجب أن نقول: إن التقدم الكبير الذى حققته تركيا فى سوريا سيدفع الخليج إلى إعادة تعويم الواقع اللبنانى واستعادة القدرة على رعاية الحالة السياسية السنية فيه، على اعتبار أن قطع الطريق أصبح واجبًا على التمدد التركى الذى يشكل خطرًا أكبر من التمدد الإيرانى بالنسبة للثنائى السعودى والإماراتى.
كل ذلك يعنى لسوريا أنه فى إمكانية للخروج من نفق واحد، أن تنجح فى تحييد خلافات سوريا عمليًا، وتنفيس كل الصراعات والانفجارات المتوقعة خلال المرحلة المقبلة، والأهم أن «هيئة تحرير الشام والفصائل المعارضة» فى سوريا اليوم، تتعامل بمنطق حيوية منع الانكفاء المحلى، وليس فى منع الانكفاء الإقليمى والأمنى، سوريا دولة تريد وضع خارطة طريق.
الآتى، تهديدات تتشابك فى نقطة صراع خطيرة، وسط وشمال وجنوب دمشق، وفى الأجواء دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية، وفى الداخل السورى، انزياحات نحو حالة من الغليان، والانفلات هو منتظر وغير مؤجل، هنا مستقبل سوريا الحرج.