قل لنا ما حامضك النووي نقُل لك من أنت
بقلم: حمزة عليان
النشرة الدولية –
الكلام عن الفحص الجيني (DNA) كما نشر في مقال الأسبوع الماضي، لا يخلو من تعليق ورد فعل، فقد يستحسن عند طرف ويرفضه آخرون، إنما يبقى الأصل أنه دخل إلينا كعلم من أوسع الأبواب وبات رقماً لا غنى عنه في المختبرات والجامعات وأداة فعالة في كشف الجرائم وخلافه، كذلك في الطب ومعالجة الأمراض ومعرفة الأنساب.
لن يكون الأمر مفيداً بالعودة إلى قانون البصمة الوراثية، فأول الذين رفعوا الصوت منبهاً ومحذراً من الأخذ به هو الصديق د. بدر الخليفة، بل يعزى إليه بأنه كان من الأوائل في الخليج العربي الذين اقتحموا هذا العالم بتسجيله كمتخصص بالأدلة الجنائية ونيله شهادة الدكتوراه بالعلم الجيني، وجعل هذه المادة من ضمن مواد طلبة الحقوق في الجامعة.
واجبنا هنا التذكير بما قدمه من خدمة جليلة باستخدام البصمة الوراثية في قضايا «الجنسية» و«الأسرى» تحديداً، فقد اكتشفت هويات الأسرى من خلالها، بعد خوضه «معارك» كبيرة في التسعينيات من أجل إنشاء مختبر مركزي بالأدلة الجنائية.
ولم يتوان عن تأكيد أن البصمة الوراثية لا علاقة لها بالابن الشرعي أو البيولوجي (الجيني)، فالمحكمة الدستورية أبطلت القانون بعد أن تبين أنها تلزم الأفراد في المجتمع بضرورة إعطاء عينة، ويتبع هذا الحديث ما شاركنا به الأخ فيصل الحشاش بحكم نشاطه ومتابعته وإرسال مداخلة يسلط فيها الضوء على علم الأنساب الجيني، وهو المجال الذي يجمع بين علم الوراثة ودراسة الأنساب التقليدية، بهدف تتبع الأصول العائلية والفردية باستخدام الحمض النووي (DNA).
يعتمد هذا العلم على تحليل الجينات الموروثة لفهم العلاقات العائلية، الأصل العرقي والهجرات البشرية عبر التاريخ، فاختبار الحمض النووي الذكري يستخدم لتتبع السلالة الأبوية واختبار الحمض النووي الميتوكوندري (MT DNA) يستخدم لتتبع السلالة الأمومية، أما اختبار الحمض النووي الجسدي (AUTOSMAL DNA) فيستخدم لتحليل العلاقات الوراثية العامة.
وبخصوص السلالات الجينية فهي مجموعات من الأفراد يشتركون في أصل جيني يتم تحديده بناء على تغييرات معينة في الـ(DNA) تنتقل عبر الأجيال، وهناك نوعان رئيسان من السلالات الجينية يعتمد كل منهما على جزء معين من الحمض النووي السلالة الأبوية (Y-DNA HAPLOGROUP) تنتقل عبر الكروموزوم (Y)، وبالتالي توجد فقط عند الذكور، وتظهر سلالات Y-DNA الخط الأبوي (الأب، الجد، الجد الأكبر)، يستخدم هذا النوع لتتبع هجرة الذكور عبر التاريخ.
السلالة الأمومية (mtDNA Haplogroup) تنتقل عبر الحمض النووي الميتوكوندري (mtDNA)، الذي يورث من الأم فقط تظهر سلالات mtDNA الخط الأمومي (الأم، الجدة، الجدة الكبرى)، وتستخدم لدراسة الأصل الأمومي للشخص، وتسمى السلالات بحروف وأرقام مثل (H، R، J، L) وغيرها، وتشير هذه الحروف إلى فروع رئيسة تطورت عبر آلاف السنين.
أحدث الأخبار في هذا الشأن إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة أن الفحص الجيني سيعتبر جزءاً إلزامياً وشرطاً أساسياً من برنامج فحص ما قبل الزواج اعتباراً من يناير 2025.
ليس بجديد القول إن فحص الجينات الوراثية خطوة من شأنها تحديد مستقبل جيل كامل، فنتائج الدراسة التي قادها باحثون من مايو كلينيك ستساهم في تطوير فهم التحولات الجينية في حين BRCA2 وهو مؤثر رئيس في خطر التعرض الوراثي للإصابة بالسرطان.
وهناك شبه إجماع طبي على أن الفحص الجيني هو الحل الوحيد والمتاح لاكتشاف خطر الإصابة بأية أمراض خطيرة أو عادية… ولذلك يعتقد أن هذا الطريق هو السبيل إلى الحماية المبكرة.