إدارة العبار وهيئة القرآن
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

يعتبر المدير والمطور العقاري المميز محمد العبّار، واحدا من أفضل رجال محمد بن راشد، حاكم دبي، الذي أتاح له تأسيس وقيادة أفضل شركات الإمارة، وإنجاحها وإدراجها في بورصة دبي، ومن أهمها شركة إعمار، كبرى شركات دبي العقارية.

بسبب طبيعة عمل السيد العبّار، فمن المنطقي الافتراض إشرافه على آلاف الموظفين، من مختلف الخلفيات والتخصصات، هندسية وعقارية وقانونية وإدارية واستثمارية، وبالتالي كان غريبا ظهوره مؤخرا في مقابلة ليصرح أنه لا يؤمن بإضاعة الوقت في أية اجتماعات مجالس إدارة أو غيرها!

تعرض رأي العبّار للانتقاد من البعض، وكنت أحدهم، فنالني ما نالهم من هجوم بأننا من المنضوين لأحزاب «أعداء النجاح والحقد والحسد»، وأننا معتادون على الهجوم على كل إنجاز خليجي باهر، بالشتم من دون فهم، و«الجهل الشديد» بأبسط مبادئ علوم الإدارة السياسية أو الاقتصادية!

ما قاله العبّار مجرد وجهة نظر قابلة للنقاش، وليس كل من عارضها عدوا بالضرورة وحاسدا وحاقدا، وشديد الجهل.

يمكنني الجزم، من واقع خبرتي التي تمتد لنصف قرن، وتأسيس وإدارة قرابة عشر شركات مساهمة وغيرها، داخل الكويت وخارجها، إضافة لتخصصي الجامعي، بأن من الصعب جدا، أو شبه الاستحالة التفرد، تحت أية ظروف كانت، في إدارة أية شركة أو أسرة أو دولة، بنجاح من دون الإضرار بالآخرين، بغير مجلس إدارة أو مجلس وزراء أو مجلس تشاوري أو تقني، وهيئة إدارية وتنفيذية يستعان بها في اتخاذ القرارات، الأقرب للصحة.

لا تختلف إدارة الشركة، موضوعيا، عن إدارة الأسرة أو الدولة أو الجمعية، فالمبادئ تبقى واحدة. فهناك طريقة دكتاتورية فردية تسلطية، هناك أيضا طريقة جماعية تشاركية ديموقراطية.

المشكلة ليست في اختيار أي الطريقتين، بل في صعوبة، أو استحالة وجود أو إيجاد ما يكفي من قادة لديهم كل متطلبات القيادة، من خبرة عملية وشخصية قوية قادرة على اتخاذ أصعب القرارات، في أحلك الظروف، إضافة لامتلاك كل الخبرات الإدارية والصناعية والقانونية والهندسية المطلوبة وغيرها، وبإمكانه القيام بكل مهام الإدارة منفردا، من دون الحاجة «لأي اجتماع».

وبما أن الطريقتين متبعتان بالفعل على أرض الواقع، فهذا يعني أن صاحب القرار الفردي إما أنه عبقري بالفعل، ووجوده، كما سبق أن ذكرنا، نادر جدا، ولا يجوز بناء قاعدة عامة على الندرة. أو أن هؤلاء يعتقدون أو يتخيلون امتلاكهم لكل القدرات والمعلومات، وعدم حاجتهم «لتضييع» الوقت في أية اجتماعات، وهذا يتطلب وجود «سوبرمان»، قادر على اتخاذ القرار من دون الوقوع في أية أخطاء قاتلة، تودي بالشركة أو الأسرة أو الدولة للتهلكة!

* * *

تلقيت بالأمس عددا من المكالمات ورسائل التهنئة على خلفية قرار مجلس الوزراء حل هيئة طباعة القرآن، واعتبر البعض القرار انتصارا ليبراليا على قوى التشدد والتخلف. كما طالبني صديق عزيز بعدم إبداء التشفي، وجاء ذلك بسبب سابق مواقفي من الهيئة، وتكرار مطالباتي بحلها!

الحقيقة أن الأمر خلاف ذلك تماما، وليس في الأمر لا انتصار ليبرالي ولا هزيمة لقوى التخلف، ولا تشفٍ، بل كل ما في الأمر أن مجلس الوزراء يستحق الشكر على قراره النابع من حرصه على المال العالم الذي كان يهدر، من دون منفعة، على هيئة شبه مشلولة. فقد فشلت هذه الهيئة منذ أن تأسست قبل 5000 يوم تقريبا في طباعة نسخة مصحف واحدة، فما الذي يجعلها تستمر لكل هذا الوقت؟ ولمَ إصرار أحزاب دينية على بقائها، وهي بكل هذا العجز، غير رغبتها في «إفادة» من يديرونها، من المنتمين لها، بالرواتب والمكافآت المجزية، مع علمهم التام بأنها أموال ورواتب تدفع – غالبًا – مقابل القيام بلا شيء، وهذا هو الذي كان يؤلمني، ويدفعني للمطالبة بحل الهيئة، التي لو نجحت في عملها المشروع لما تجرأ أحد على المطالبة بحلها.

زر الذهاب إلى الأعلى