من الأردن إلى كل العواصم العربية: آن أوان تسمية الاخوان المسلمين باسمهم الحقيقي
بقلم: سوسن مهنا

النشرة الدولية –

في خطوة أمنية سباقة، تمكّنت السلطات الأردنية مؤخراً من إحباط مخطط خطير، يقوده أفراد مرتبطون بجماعة الإخوان المسلمين، كانوا يعدّون لاستهداف منشآت حساسة ومواقع مدنية في قلب المملكة. هذه الحادثة لم تكن الأولى، لكنها يجب أن تكون الأخيرة من حيث التعامل معها بوصفها ك”استثناءً” أو “حالة معزولة”.

بل على العكس، هي دليل صارخ على أن هذه الجماعة، أينما حلّت، حملت معها مشروعاً فكرياً يتقاطع مع مفاهيم التخريب والتقويض المؤسسي، ويضعها على تماس مباشر مع منطق الصدام مع الدولة.

لقد آن الأوان لكسر الصمت المزمن حول جماعة الإخوان المسلمين في منطقتنا. فمنذ نشأتها، شكّلت هذه الجماعة شبكة عابرة للحدود، تتغذى من أزمات المجتمعات، وتتسلّل إلى المؤسسات تحت عناوين دعوية أو سياسية، بينما هي في الواقع حاضنة أيديولوجية للفكر المتشدد، ومشروع سياسي لا يؤمن بالدولة الوطنية ولا بالمؤسسات الديمقراطية.

ما جرى في الأردن ليس إلا نموذجاً يعيد التأكيد على خطورة هذا التيار الذي يتخفى تحت شعارات الإصلاح، بينما يحمل في جوهره منهجية تآكلية تستهدف بنية الدولة من الداخل. والمفارقة أن التنظيم لم يتغيّر، بل تأخرت الدول في مواجهته بوضوح.

حين صنّفت دول الخليج ومصر جماعة الإخوان كتنظيم متطرف يهدد استقرار الدولة، لم يكن ذلك قراراً آنياً، بل خلاصة تجارب واقعية مع جماعة لا تتعايش، بل تناور وتنازع.

لذلك، نحن بحاجة إلى ما هو أبعد من الإدانة الموسمية. نحتاج إلى حركة رقمية وفكرية تقودها النخب والشباب، ترفع الغطاء عن خطاب هذه الجماعة، وتربط بوضوح بين فكرها ومنهجها التخريبي.

لا بد من مغادرة مربع المجاملة السياسية والتمييع الإعلامي، والحديث بوضوح: الإخوان جماعة ذات مشروع فكري غير منسجم مع مفاهيم الدولة المدنية والاستقرار، ووجودها ضمن الحياة العامة دون مساءلة يفتح الباب أمام فوضى مضمرة.

الشعوب العربية تملك اليوم وعياً حياً، وقادرة على التمييز بين الخطاب الحقيقي والخطاب المُقنّع.

فلنستخدم هذا الوعي في تثبيت حقيقة تم تجاهلها طويلًا: أن جماعة الإخوان المسلمين ليست تياراً سياسياً كغيره، بل بنية أيديولوجية تسعى لتفكيك الدولة لصالح مشروعها، وأن التعامل معها ككيان طبيعي في الحياة السياسية هو خطر استراتيجي يجب تداركه.

الاعتدال لا يُبنى بمهادنة مشاريع التخريب، بل بمواجهتها بوعي ومسؤولية.

زر الذهاب إلى الأعلى