دروز سوريا.. داخل حلبة الرقص مع الذئاب!
بقلم: حسين دعسة

النشرة الدولية –

الدستور المصرية –

تتسارع الأحداث فى مدن وأرياف سوريا الانتقالية، تحديدًا فى مناطق واسعة من ريف دمشق، المحافظة التى تضم مدينة باتت أرض معركة مفتوحة على كل الاحتمالات.

المدينة هى أشرفية صحنايا ومنطقة داريا، وتقع إلى الجنوب من مدينة دمشق على مسافة حوالى 10 كيلومترات منها، وتمتد على مساحة خمسمائة هكتار تقريبًا.

أشرفية صحنايا هى واحدة من المدن القليلة فى الغوطة التى تضم أغلبية من الموحدين الدروز، إلى جانب جرمانا وصحنايا ودير على.

 

قبل امتداد الصراع بين داخل وخارج سوريا الانتقالية، كانت بدأت أعمال العنف الطائفية منتصف  الأسبوع، ليلة الثلاثاء الماضى، باشتباكات بين مسلحين من الدروز والسنة فى منطقة جرمانا ذات الأغلبية الدرزية، التى اندلعت بسبب تسجيل صوتى يشتم النبى محمد، والذى يشتبه المسلحون السنة أنه من تأليف درزى، فيما تضارب الآراء والمعلومات عن مدى صحة هذا التسجيل.

 

الأنباء المتضاربة، كشفت بداية عن مقتل أكثر من 12 شخصًا يوم الثلاثاء، قبل أن تمتد أعمال العنف إلى بلدة صحنايا ذات الأغلبية الدرزية على مشارف دمشق منذ الأربعاء الماضى.

 

المتغير الحاسم، الذى فتح حلبة الرقص مع الذئاب، ما كشفت عنه فضائيات ومحطات إعلامية، منها فضائية «CNN»، التى نقلت الرواية الإسرائيلية، إذ أعلنت دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية، فجر الجمعة، ع أن قواتها شنت غارة جوية الليلة الماضية قرب القصر الرئاسى فى العاصمة السورية، دمشق.

 

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى للإعلام العربى، أفيخاى أدرعى، عبر منصة إكسX «تويتر» سابقًا: «أغارت طائرات حربية قبل قليل على المنطقة المجاورة لقصر أحمد حسين الشرع فى دمشق»، فى إشارة إلى رئيس الإدارة الانتقالية الحالية فى سوريا.

 

وكان أدرعى ذكر قبلها بساعات أنه «تم إجلاء مواطنين سوريين من أبناء الطائفة الدرزية لتلقى العلاج الطبى داخل دولة الاحتلال، حيث تم نقلهما إلى المركز الطبى زيف فى تسفات «صفد» بعد إصابتهما داخل سوريا».

 

وأضاف أن القوات الإسرائيلية «تنتشر فى منطقة جنوب سوريا وتبقى مستعدة لمنع دخول قوات معادية إلى المنطقة وإلى القرى الدرزية، وذكر أنها «فى حالة جاهزية للدفاع وللتعامل مع سيناريوهات مختلفة».

 

وجرى منذ مساء الخميس تداول بيان «نادر».. فيه دولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى، تحذر النظام السورى من «إيذاء الدروز».

من جانبه، أصدر رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع إسرائيل كاتس، بيانًا مشتركًا قالا فيه: «إسرائيل شنت غارة جوية الليلة الماضية قرب القصر الرئاسى فى دمشق، وهذه رسالة واضحة للنظام السورى: لن نسمح للقوات بالتقدم جنوب دمشق أو بأى تهديد للدروز».

 

كان نتنياهو وكاتس حذرين من قبل النظام السورى من «إلحاق الضرر بالأقلية الدرزية»، وأكدا «الواجب الأخلاقى لإسرائيل فى حماية المجتمعات الدرزية»، واستشهدا بـ«الروابط التاريخية»، فى إشارة الواضح أن هدفها ضرب استقرار ووحدة الشعب السورى بكل مكوناته.

 

* الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى.. أول الذئاب!

 

الضربات العدوانية الإسرائيلية، كشفت عن أن الاحتلال الصهيونى.. أول الذئاب! التى بدأت تتكالب على سوريا الانتقالية والشعب السورى، والكيان الإرهابى المتطرف التوراتى، بقيادة السفاح نتنياهو، دخل حلبة الرقص على الجراح، والعدو هنا ليس حريصًا على الموحدين الدروز كما يدَّعى، بل إن السفاح نتنياهو وجيش الكابنيت، يريدانهم وقودًا للنار التى تشعلها فى المنطقة برمتها،.. وليس جديدًا، أن «المسلمين الدروز» لم يختلفوا مع الأمة السنية طيلة أكثر من ألف سنة من التعايُش، رغم الاضطهاد والتكفير الذى تعرضوا له فى محطات كثيرة من التاريخ. والأمر ذاته ينطبق على محاولة إسرائيل استغلال أحداث الساحل التى حصلت مع المسلمين العلويين ودفعهم للمطالبة بالاستقلال، وكذلك بالنسبة للأكراد فى الشمال الشرقى، وهؤلاء لاقوا احتضانًا كبيرًا من العرب السوريين بعد اضطهادهم فى مناطقهم الأصلية فى تركيا خلال القرن التاسع عشر.

.. فى الأبعاد الجيوسياسية الأمنية، الأحداث خطيرة، قد تتصل بعديد المؤشرات التى تنال نتائجها من الحالة السورية التى ترن إلى بناد دولة مستقرة، واحدة، برغم ما فى ذلك من خفايا.

.. والسكوت عن التهديدات العدوانية الإسرائيلية، واضح «…»، الكيان الصهيونى يقول: هذه رسالة واضحة للنظام السورى: لن نسمح للقوات السورية، بالانتشار جنوب دمشق أو أى تهديد للمجتمع الدرزى.

 

.. وكيف يفهم، سياسيًا وأمنيًا، السكوت، أعلن الجيش الإسرائيلى فى بيان عن أنه قصف «منطقة مجاورة لقصر الرئيس السورى أحمد حسين الشرع/ أبومحمد الجولانى، القصر المشار إليه فى العاصمة دمشق، دون تحديد الهدف. ولم يصدر أى تعليق فورى من السلطات السورية.

 

.. وعودة إلى مفصل محدد، منذ الإطاحة بالأسد فى ديسمبر/ كانون الأول، استولت دولة الاحتلال الإسرائيلى على أراض فى جنوب غرب البلاد، وتعهدت بحماية الدروز، ومارست الضغوط على واشنطن لإبقاء الدولة المجاورة ضعيفة، وفجرت الكثير من الأسلحة الثقيلة للجيش السورى فى الأيام التى أعقبت الإطاحة به.

 

الشرع/ الجولانى، الذى كان قائدًا فى تنظيم القاعدة قبل أن ينفى صلته بالتنظيم عام ٢٠١٦، تعهد مرارًا وتكرارًا بحكم سوريا بطريقة شاملة. لكن حوادث العنف الطائفي، بما فى ذلك مقتل مئات العلويين فى مارس/ آذار، عززت مخاوف الأقليات من الإسلاميين المهيمنين الآن.

 

.. وربما تجد التنبيه إلى أن الدروز، الذين يبلغ عددهم حوالى مليون ونصف المليون، نسمة، يوزعون سكانيا بين سوريا، وإلى حد كبير فى دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية ولبنان والأردن، وفى الشتات والمهاجر ويعيش نحو 130 ألف درزى إسرائيلى فى الكرمل والجليل فى شمال البلاد، ويقيم 20 ألف آخرين فى مرتفعات الجولان، وهى الأراضى التى استولت عليها إسرائيل من سوريا فى حرب عام 1967

 

الصراع فى سوريا جعل السفاح نتنياهو، يقتنص «فرصًا بالغة الأهمية» فى سوريا الانتقالية،- مع سكوت الولايات المتحدة الأمريكية-، فمنذ سقوط الرئيس المخلوع بشار الأسد لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، وهو ما يتصور تقسيم سوريا إلى مناطق حكم ذاتى أصغر.

 

ونظرًا لقلقهم من نظام جديد يقوده «جهاديون» سابقون، رحبت أقلية صغيرة من الدروز بمبادرات إسرائيل، لكن الكثيرين غيرهم أدانوها علنًا.

 

المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامى بروس، صرحت بطريقة تقليدية، أن: أعمال العنف الأخيرة والخطاب التحريضى الذى يستهدف أعضاء الطائفة الدرزية فى سوريا أمر مستهجن وغير مقبول.

 

.. و«بروس» تابعت: يجب على السلطات الانتقالية وقف القتال، ومحاسبة مرتكبى أعمال العنف والإيذاء بحقّ المدنيين على أفعالهم، وضمان أمن جميع السوريين».

 

* غارة إسرائيلية تستهدف محيط القصر الرئاسى السورى.. ببساطة

 

على خراء جوجل، قصر الشعب الرئاسى فى دمشق يقع على قمة جبل الربوة غرب العاصمة.

 

.. وفى فجر، مارست فيه دولة الاحتلال ضربات مختلف على قطاع غزة ورفح والضفة الغربية، وفى مناطق أكواد قسد، أحب السفاح نتنياهو أن يدخل حلبة الرقص، ذهب الإرهاب الذى أباد سكان غزة، فكان أن أعلن الجيش الإسرائيلى شنّ غارة جوية، فجر الجمعة، على محيط القصر الرئاسى السورى فى دمشق، حسبما أفاد المتحدث باسم الجيش أفيخاى أدرعى.

 

وفى تغريدة على منصة «إكس»، قال أدرعى: «أغارت طائرات حربية قبل قليل على المنطقة المجاورة لقصر أحمد حسين الشرع فى دمشق».

ويقع القصر الرئاسى السورى «قصر الشعب»، على قمة جبل الربوة إلى الغرب من العاصمة دمشق.

وقال السفاح نتنياهو ووزير أمنه المتطرف يسرائيل كاتس فى بيان مشترك، إن «إسرائيل هاجمت، الليلة، بالقرب من القصر الرئاسى فى دمشق. هذه رسالة واضحة للنظام السورى».

وأضاف البيان أن «إسرائيل لن تسمح بانتشار قوات جنوب دمشق أو بأى تهديد للطائفة الدرزية».

 

وذكر أن الهجوم أتى ضمن سياسة الردع لمنع «التموضع العسكرى المهدد».

أتت الغارة بعد ساعات من بيان صادر عن كاتس هدد فيه الشرع بشكل مباشر قائلًا: «احذر مرة أخرى رئيس النظام السورى، الجولانى/ الرئيس السورى أحمد الشرع؛ إذا لم تتوقف الهجمات على الدروز فى سوريا، فسنردّ بقوّة شديدة».

 

يأتى الهجوم الإسرائيلى على خلفية مواجهات الجيش والأمن العام السوريين مع مجموعات مسلحة تنتمى للطائفة الدرزية فى كل من جرمانا وأشرفية صحنايا فى ريف دمشق، أسفرت عن سقوط عشرات القتلى من الجانبين غالبيتهم من المقاتلين الدروز.

والأربعاء، أعلن نتنياهو وكاتس فى بيان مشترك، عن مهاجمة موقع فى أشرفية صحنايا بزعم حماية الدروز، وذلك فى خضم المواجهات التى كانت دائرة مع القوات السورية، التى انتهت بسيطرة الأخيرة على البلدة وطرد المسلحين الدروز وقتل وأسر آخرين.

 

وقال البيان إن الجيش الإسرائيلى «نفذ عملية تحذيرية وهاجم تجمعًا لمجموعة متطرفة كانت تستعد لمهاجمة المواطنين الدروز فى صحنايا بمنطقة دمشق».

وحسب إعلان وزارة الداخلية السورية، فقد أدت الغارة على أشرفية صحنايا، لمقتل عنصر بالأمن العام ومدنى درزى وإصابة مدنيين آخرين.

كما شنّت الطائرات الإسرائيلية غارة جوية فى محيط مدينة جرمانا بالغوطة الشرقية لدمشق، الأربعاء الماضى، أسفرت عن مقتل عنصر بالأمن العام وإصابة آخرين، وذلك بالتزامن مع المواجهات بأشرفية صحنايا، الأربعاء.

 

تأتى الضربة الأخيرة بعد أن أعلن الجيش الإسرائيلى، الأربعاء، عن أنه نفذ ضربة على أطراف العاصمة السورية، قائلًا إنه كان يستهدف «جماعة متشددة» كانت تستعد لمواصلة مهاجمة الدروز.

وأدانت الحكومة السورية هذا الهجوم، مؤكدة التزامها الراسخ بحماية جميع أبناء الشعب السوري، بما فى ذلك «الدروز الشرفاء».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلى إن ضربات الأربعاء كانت «تحذيرية» وأضاف أن المزيد منها ستأتى ما لم تتوقف الهجمات على الدروز، وذكر: «إذا لم تتوقف الهجمات على الدروز فى سوريا، فسنرد بشدة».

 

* اغتيال رئيس بلدية صحنايا ونجله.. وسط جرائم حرب ميدانية

 

قبيل ساعات من الغزو الإسرائيلى للأجواد السورية وتوجيه ضربات محرجة حول القصر الرئاسى فى العاصمة دمشق، كان كشف عن قتل رئيس بلدية صحنايا «حسام ورور» ونجله، الخميس، جراء استهدافهما بالرصاص المباشر من مجهولين، فيما فتح الأمن العام تحقيقًا فى القضية، للقبض على الجناة.

 

تسريبات إعلامية، عن مصادر متابعة لها منها منصة «المدن» اللبنانية، إن مجهولين استهدفوا «ورور ونجله الوحيد حيدر»، بالرصاص المباشر داخل بلدة صحنايا فى ريف دمشق الغربى، وذلك بعد ساعات على ظهوره بمقابلة على التليفزيون السورى، طمأن خلالها بدخول الأمن العام إلى داخل المنطقة، بعد ساعات من اشتباكات أوقعت قتلى وجرحى.

وأظهر مقطع مصور، حسب رواية المدن مصادرها من داخل ريف دمشق؛ «ورور» وهو يرحّب بدخول عناصر الأمن العام والجيش السورى، أمس الأربعاء، بعد معارك عنيفة مع مجموعات مسلحة من الدروز، واصفًا إياها بـ«المجموعات الخارجة على القانون»، فيما الأمن العام باشر التحقيق بقضية مقتل ورور ونجله، للقبض على الجناة.

 

.. أيضًا، يلاحظ المراقب وكل الجهات المعنية بالحدث الإعلامى، مثلما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى مقاطع مصورة تظهر وجود انتهاكات بحق الأسرى الدروز خلال الاشتباكات، كما تحدث ناشطون عن عمليات إعدام ميدانى ضد مسلحين دروز فى أشرفية صحنايا، إضافة إلى عمليات اعتقال بحق أشخاص تتهمهم السلطات السورية بالانتماء إلى تلك المجموعات.

منصة «المدن» الإلكترونية، كشفت، عن وجود انتهاكات بحق الجرحى والمصابين من المسلحين الدروز داخل المستشفيات، من قبل الأمن العام، كما أكدت أن الأخير يقوم بالتحقيق مع المصابين والأطباء وكل من يثبت قيامه بعلاج مصابى المواجهات فى أشرفية صحنايا، إضافة لملاحقة الأطباء منن عالجوا المقاتلين الجرحى من الدروز.

وأضافت أن الأمن العام يمنع المشافى من تسجيل الاصابات بالرصاص بالنسبة للمدنيين، ومن يكتب أنه أصيب خلال الاشتباك يتعرض لمشاكل أمنية هو والأطباء.

 

* 74 قتيلًا فى جرمانا وريف دمشق

 

الحدث ألقى بظلال ساحبة فى كل سوريا، ففى خلال اليومين الماضيين، شهدت مدينة جرمانا، وبعض مناطق ريف دمشق حيث نجمات الدروز، اشتباكات عنيفة بين عناصر الأمن العام مدعومين بمجموعات من وزارة الدفاع السورية، ومجموعات من المسلحين الدروز، أدت إلى مقتل وجرح العشرات من الجانبين، وذلك قبل تهدأ المواجهات، وتنتقل بعدها بساعات إلى أشرفية صحنايا.

وكانت المواجهات فى أشرفية صحنايا، أشد وأعنف وأوسع، إذ دفعت وزارة الدفاع السورية بقوات كبيرة لدعم عناصر الأمن العام فى مواجهة المسلحين الدروز، قبل أن تنتهى المواجهات بسيطرة القوات السورية بعد طرد المسلحين منها وأسر وقتل وجرح العشرات منهم.

 

ووثّق المرصد السورى لحقوق الإنسان، مقتل 74 شخصًا بالمواجهات المسلحة فى جرمانا وأشرفية صحنايا، إلى جانب المواجهات المسلحة التى حصلت على مدخل دمشق الجنوبى، جراء استهداف مسلحين من البدو لرتل عسكرى قادم من قرى السويداء، كان ينوى المشاركة إلى جانب مجموعات أشرفية صحنايا.

وأوضح المرصد أن من بين القتلى، 30 عنصرًا من الأمن العام ومقاتلين يتبعون لقوات وزارة الدفاع السورية، ومسلحين دروز جرى إعدام بعضهم ميدانيًا.

 

لدى أشرفية صحنايا تاريخ طويل وقديم، يَعود إلى القرن الثانى عشر الميلادى، حيث بناها الملك «الأشرف موسى بن سلطان أبى بكر بن الملك الصالح يوسف بن أيوب» على أنقاض بلدة آرامية قديمة، وسُمِّيت الأشرفية نسبة إليه.

يبلغ عدد سكان أشرفية صحنايا نحو 20.000 نسمة بما فى ذلك القاطنون منهم، ويزداد عدد السكان باطراد بسبب التوسع العمرانى الكبير وقرب البلدة من مدينة دمشق، فضلًا عن مرور أوتوستراد درعا- دمشق الدولى ضمن أراضيها، الذى توضعت العديد من الشركات العامة والخاصة على أطرافه.

 

* «منصة الذاكرة السورية».. معلومات!

 

الباحث فى الدراسات السورية ومنسق مشروع «منصة الذاكرة السورية» فى المركز العربى، أحمد أبازيد، قال فى ندوة عقدت فى العاصمة دمشق: «لعل موضوع العدالة الانتقالية هو الأهم اليوم فى سوريا.

*١:

نحن نتحدث عن أكثر من مليون ومئتى ألف سورى مروا بتجربة الاعتقال السياسى، وأكثر من مليون شهيد وقتيل خلال 14 سنة ماضية.

*٢:

أكثر من سبعة ملايين سورى بين لاجئين ومهجّرين، ومثلهم نازحون داخل سوريا».

*٣:

الأرقام مخيفة لأى بلد، وبالتالى من الواجب التعامل وفق مسار رسمى للعدالة الانتقالية مع هذا الإرث الكبير لنظام الأسد، علينا الاستفادة من تجارب الدول الأخرى فى مجال العدالة الانتقالية، كدول أمريكا اللاتينية والدول الإفريقية، وأيضًا الدول العربية، وذلك للتعلم من التجارب الناجحة ومحاولة تجنب الأخطاء».

 

* المحلل السياسى «حجاز»: الدروز على خطوط التماس.

 

أن يكون الإنسان واقفًا مدمرًا، على خطوط التماس، فهو عمليًا دخل حلبة الرقص مع الذئاب «..»، وما يستحق النظر إليه، تحليل نشر

الخميس 2025/05/01، فى عديد المواقع والمصادر الإعلامية السورية واللبنانية، مصدره الأساسى المدن، وفيه قال المحلل السياسى سمير حجاز، نصًا:

«الدروز على خطوط التماس.. وجنبلاط بين الشرع الجولانى»، عدا عن أن:

الرئيس السابق للحزب التقدمى الاشتراكى وليد جنبلاط، استنفار قوته السياسية والطائفية؛ لوقف حمّام الدم بعد أحداث جرمانا.

لكن كيف نفهم دور الأفرقاء وكل أطراف الصراع الداخلى الأهلى، برغم وجود طرف إسرائيلى صهيونى؟!

* أولًا:

صباح الثامن من كانون الأول 2024 كانت جرمانا، فى ريف دمشق الغربى، جزءًا من المشهد السورى المبتهج برحيل النظام. فحطّم أهلها تمثال حافظ الأسد، وأطلقوا على ساحة المدينة اسم الشهيد كمال جنبلاط، معلنين عن تحطيم السجن الكبير الذى استمر لعقود والعبور نحو سوريا الجديدة.

لا تشبه الأحداث الدموية على أطراف المدينة، منذ ليل الإثنين الثلاثاء، والتى انتقلت إلى أشرفية صحنايا ومناطق فى السويداء، المشهد السورى الجامع عشية سقوط حكم آل الأسد. لتتقدّم النزعات الطائفية والمشاريع التقسيمية، وتكرار مظاهر سفك الدماء التى فرّ منها ملايين السوريين وتحوّلوا إلى مهجّرين فى بلاد الشتات، وفق حجاز.

 

 

* ثانيًا:

تعكس اشتباكات جرمانا وأشرفية صحنايا بين مجموعات محسوبة على وزارة الدفاع ومسلحين دروز، العلاقة القلقة بين دروز سوريا والإدارة الجديدة، بعدما كانا قد اجتمعا فى غرفة العمليات المشتركة فى الأسبوع الأخير من عمر النظام. إلا أن خلافات كبيرة فى مقاربة المرحلة الانتقالية تركت ذيولها على خط جبل العرب – دمشق. فالدروز الذين عاشوا بشبه إدارة ذاتية منذ عامين تقريبًا، لم يسلكوا طريق الأكراد باتجاه الانضمام إلى الدولة وإداراتها، وتمسّكوا بسلاحهم خصوصًا بعد أحداث الساحل.

 

* ثالثًا:

استغلّت – دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية، هذا القلق بشكل علنى، مدّعيةً حماية الدروز، فى محاولة واضحة لتأجيج فتنة بين الدروز ومحيطهم السنّى، بهدف تعزيز النزعة الانفصالية فى المناطق الدرزية، وتكريس منطقة عازلة تفصلهم عن الحكم الجديد برئاسة أحمد الشرع فى دمشق.

 

 

* رابعًا:

بدأ اللعب الإسرائيلى على خط دروز سوريا يأخذ أبعادًا خطيرة، وفق رؤية المحلل حجاز؛ والتسجيل المفبرك المنسوب لشيخ درزى يسىء للنبى محمد الذى أشعل فتنة جرمانا، والذى أثبتت وزارة الداخلية السورية زيفه، يثير تساؤلات كبيرة حول الجهات المستفيدة من خلق توترات أمنية مماثلة تضع الدروز فى عزلة عن محيطهم. وتحوّلهم إلى وقود لفتنة طائفية تنتهى بمشاريع تقسيم وانفصال خدمة لأطماع إسرائيل.

 

وكان أوعز رئيس – حكومة اليمين المتطرف التوراتى الإسرائيلية السفاح – نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلى يسرائيل كاتس، فى الأول من أذار الماضى، إلى الجيش الإسرائيلى الاستعداد من أجل الدفاع عن مدينة جرمانا، على خلفية سقوط قتلى وجرحى بعد اشتباكات شهدتها المنطقة آنذاك.

وقال حينها السفاح نتنياهو إن «إسرائيل لن تسمح للنظام الإسلامى المتطرف بإلحاق الأذى بالدروز. وإذا ألحق بهم الأذى فسوف يتعرض للأذى من قبلنا». ليعود ويتدخّل بعد الأحداث الأخيرة، معلنًا الأربعاء عن أن «الجيش الإسرائيلى نفذ ضربة تحذيرية استهدفت متطرفين يستعدون لمهاجمة الدروز فى سوريا»، مؤكدًا أن «إسرائيل تؤكد التزامها العميق بحماية الدروز فى سوريا».

 

* خامسًا:

فى لبنان، رفع الرئيس السابق للحزب التقدمى الاشتراكى وليد جنبلاط الصوت باكرًا، محذّرًا دروز سوريا من الإنجرار إلى هذا المشروع، داعيًا إياهم للالتحاق بالدولة السورية الجديدة التى «تحاول ترميم نفسها بنفسها»، على حدّ تعبيره، إدراكًا منه أن الدروز هم مواطنون سوريون ولا مكان لهم إلا فى دولتهم، لا أن يكونوا جنودًا فى لعبة الأمم الكبرى.

 

ومرة جديدة استنفر جنبلاط لوقف حمّام الدم بعد أحداث جرمانا، محذّرًا، فى كلمةٍ ألقاها عقب الاجتماع الاستثنائى للمجلس المذهبى الدرزى بحضور شيخ العقل سامى أبى المنى، من «التدخّل الإسرائيلى»، مشددًا على أنّه «نرفض استخدام دروز سوريا من قِبل إسرائيل، وحفظ الإخوان يكون بإسكات بعض الأصوات الداخليّة التى بدأت تستنجد بإسرائيل».

 

وبعدما كان جنبلاط من بين أوائل الزائرين لدمشق عقب رحيل الأسد ولقاء الرئيس السورى أحمد الشرع، فى مشهد أراد من خلاله توجيه رسالة واضحة بضرورة إعطاء الحكم الجديد فرصة لالتقاط أنفاسه وبناء الدولة، وتوجيه دعوة غير مباشرة للدروز بأن يكونوا جزءًا من هذه الدولة. عاد وأعلن من جديد «إننى على استعداد لأن أذهب إلى دمشق مجدّدًا، وأن أتحاور معهم، لوضع أسس لمطالب الدروز الذين هم جزء من الشعب السورى»، داعيًا إلى التهدئة والحوار فى ضوء التطورات الأخيرة. كما طالب السلطات السورية بإجراء تحقيقٍ شفاف فى أحداث جرمانا، محذّرًا من محاولات تل أبيب استغلال الطائفة الدرزيّة لإشعال فتنةٍ داخليّة. كذلك دعا إلى تشكيل لجنةٍ للتواصل مع جميع الأطراف بغية العمل على حلّ الأزمة السورية.

 

* سادسًا:

إعلان جنبلاط سيكون بانتظار تحديد موعد جديد له فى قصر الشعب. وكان سبق له وقال فى الثانى من أذار الماضى أنه سيطلب موعدًا من الشرع وسيزور دمشق مجددًا ليقول للجميع إنّ الشام هى عاصمة سوريا.

 

 

* سابعًا:

موقف جنبلاط كان سبقه سلسلة اتصالات مكثفة على مدى الساعات الماضية، وكشف أمين سرّ كتلة اللقاء الديمقراطى النائب هادى أبوالحسن، فى حديث لجريدة المدن الإلكترونية، عن أنه «منذ صباح الثلاثاء، أجرى جنبلاط حركة اتصالات مكثفة داخلية وخارجية، طالت كلًا من تركيا وقطر والمملكة العربية السعودية والأردن بهدف التعاون لضبط الأمور والتهدئة وتصويب مسار التفاوض بين الفعاليات الروحية والمدنية فى جرمانا وفى جبل العرب مع الحكومة السورية، من خلال المحافظين وممثلى وزارة الداخلية السورية. وهذه الاتصالات كانت قد أثمرت الثلاثاء فى جرمانا إلى أن توسّعت الأمور الأربعاء لتشمل أشرفية صحنايا».

 

وأضاف أبو الحسن: «تمت معاودة الاتصالات، وقام الأصدقاء الخارجيون بسعيهم بالتنسيق مع الإدارة السورية وتوجّه وفد من المشايخ والتقوا بالفعاليات من خلال ممثلى وزارة الداخلية مجددًا فى جرمانا وفى ريف دمشق»، مؤكدًا أن الأمور تسير بالاتجاه الصحيح وتتجه نحو التهدئة. وهنا دعوة إلى الجميع للهدوء والتعقّل والتروّى وعدم الانجرار إلى الانفعال على الإطلاق، فالانفعال يؤدى إلى التوتر، والتوتر يؤدى الى نتائج غير محسوبة».

وتابع أبوالحسن: «نعبّر عن أشد عبارات الاستنكار للإساءة التى وجّهت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، خصوصًا أن هناك مندسًا مشبوهًا حاول أن ينتحل صفة أحد أبناء طائفة الموحدين المسلمين الدروز، وقام بتوجيه الإساءات لرسول الله. هذا أمر مستنكر وعمل مريب ومشبوه الهدف منه إثارة النعرات وإشعال فتيل الفتنة، وما يقوم به جنبلاط وشيخ العقل هو وأد الفتنة ودفنها فى مهدها».

وشدّد أبوالحسن على أنه «يبقى الأساس أن طائفة الموحدين الدروز لا تحتاج حماية أحد، هم جزء أساسى ومكوّن أساسى من النسيج السورى، يركنون إلى الدولة السورية ولا نحتاج حمايةً لا من إسرائيل ولا من غيرها. مَن يحمى الدروز هو وعيهم وحكمتهم ودولتهم السورية».

 

 

* ثامنًا:

يأتى الاستنفار الدرزى بعد غليان فى الشارع على إثر الأخبار الواردة من سوريا، وكان بعض الشبان قد عمدوا إلى قطع الطريق العام فى عاليه احتجاجًا على الأحداث التى تشهدها مدينة جرمانا، ما دفع مشيخة العقل والمشايخ الدروز إلى إصدار حرم دينى يمنع هذه المظاهر بشكل قاطع، أو التعرّض للسوريين فى لبنان بأى شكل من الأشكال.

 

وكان رجال الدين قد تداعوا إلى اجتماع فى مقام الأمير السيّد عبدالله التنوخى فى عبيه، حضرته المرجعيات الروحية وشيخ العقل سامى أبى المنى، الذى دعا للهدوء وحذّر من «مخطّطات لضرب أبناء الوطن الواحد فى سوريا»، داعيًا إلى «الحكمة والتبصّر بعواقب الأمور ولملمة الوضع الحاصل وجمع الشمل». وأشار إلى أنّه على تواصلٍ دائم مع القيادات السياسيّة، بما فيها وليد جنبلاط والأمير طلال أرسلان، ومع المسئولين السوريين وغيرهم من المرجعيّات الدينيّة فى المنطقة، محمّلًا الجميع مسئوليّة تدارك الفتنة.

من جهته، اعتبر أرسلان أن «حماية الدروز وسائر الأقليات فى سوريا هى من صميم مسئوليات الدولة وسلطاتها الرسمية، وأيّ تعدٍّ أو تهديد يطال سلامتهم أو حياتهم من قِبل عناصر أمنية أو عسكرية أو فصائل تابعة لها، يُعدّ كارثة كبرى. وعلى دول العالم، ولا سيّما الدول العربية، التحرّك فورًا لردع أى اعتداءات تستهدف الدروز وضمان حمايتهم، أسوةً بسائر الأقليات».

 

 

* تاسعًا:

استحضرت أحداث جرمانا ما سبق أن تعرّض له الدروز فى منطقة إدلب، ومجرزة بلدة قلب لوزة التى راح ضحيتها العشرات فى العام 2015. استذكر جنبلاط هذه الأحداث، مؤكدًا استعداده لتكرار ما فعله حينها من أجل حماية الدروز، رغم تعرّضه آنذاك لانتقادات بسبب تواصله مع أبومحمد الجولانى، الرئيس الشرع اليوم، فالتواصل والحوار مع القيادة السورية الجديدة هو الطريق الوحيد، وإلا سيكون الدروز أمام خيارات أخرى ستورّط كل الدروز ولن يسلم منها دروز لبنان أيضًا.

 

* عاشرًا:

الدروز فى سوريا على خطوط تماس خطيرة وفالق تحوّلات عابر للحدود، وعلى مسافة مفخخة بين تل أبيب ودمشق، وصولًا إلى أنقرة. وفيما يواجهون أصعب الخيارات بتحديد بوصلة مستقبلهم، هل تنجح دمشق بطمأنتهم قبل خطفهم إلى مكان لا يشبههم؟ وفق المحلل سمير حجاز، وهو يتوافق مع كل الأبعاد السياسية والأمنية التى تمتد بين كل أطراف الصراع التى نتواجه فى حلبة ذئاب، منها الإدارة الأمريكية، وحكومة سوريا الانتقالية، وتركيا والدروز الموحدون وإيران والكيان الصهيونى، عدا عن مخاوف صريحة من دول جوار سوريا.

* وزارة الخارجية السورية: «التزام ثابت» بحماية الشعب السورى.

 

ردت وزارة الخارجية السورية إنها لديها «التزام ثابت» بحماية جميع أفراد الشعب السورى، بما فى ذلك «المجتمع الدرزى الكريم».

 

وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أن القوات الحكومية شنت عملية واسعة النطاق فى المنطقة المحيطة بصحنايا لاعتقال «عصابات خارجة عن القانون» بعد أن هاجمت مجموعة مسلحة مجهولة نقطة تفتيش تابعة للحكومة السورية فى وقت متأخر من يوم الثلاثاء، ما أدى إلى إصابة ثلاثة ضباط.

 

 

وفى الوقت نفسه، أطلقت مجموعات أخرى النار على مركبات مدنية وأمنية فى المناطق المجاورة. وأسفرت أعمال العنف الأخيرة عن مقتل 11 شخصًا على الأقل وإصابة العشرات.

 

 

الخميس، دعا الشيخ حكمت الهجرى، الزعيم الدرزى السورى البارز، إلى «تدخل فورى» لقوات حفظ السلام الدولية «للحماية السريعة لشعب برىء أعزل». ووصف العنف ضد طائفته بأنه «حملة إبادة» تشنها ما وصفها بـ«عصابات متطرفة تابعة للحكومة السورية».

 

ورفضت وزارة الخارجية السورية على الفور الدعوات للتدخل الأجنبى دون الإشارة إلى تصريح الهجرى.

 

وقالت الوزارة فى بيان: «إن أى دعوة للتدخل الأجنبى، مهما كانت ذريعة أو شعار، لن تؤدى إلا إلى مزيد من التدهور والانقسام. ويتحمل من يدعو إلى مثل هذا التدخل مسئولية تاريخية وأخلاقية وسياسية أمام الشعب السورى وتاريخه».

 

وأضافت أن التدخلات الأجنبية «غالبًا ما تتم على حساب المصالح الوطنية وتخدم أجندات لا علاقة لها بتطلعات الشعب السورى».

 

*.. لنعُد إلى 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضى.

هناك مرجعية تاريخية، وهى:

* المكان: هضبة الجولان السورى المحتل.

* الزمان: فى 8 ديسمبر/ كانون الأول ٢٠٢٤

 

* المشهد الأول:

رئيس الوزراء الإسرائيلى السفاح نتنياهو ووزير الدفاع المتطرف إسرائيل كاتس يزوران مرتفعات الجولان المحتلة من قبل إسرائيل، فى 8 ديسمبر/ كانون الأول.

 

* المشهد الثانى:

عناوين مثيرة وصمت دولى وأممى:

فى الشرق الأوسط الجديد لنتنياهو، قد تصبح سوريا أكبر مكسب استراتيجى لإسرائيل

 

* المشهد الثالث:

منذ سقوط نظام بشار الأسد، نصّبت إسرائيل نفسها حاميةً لدروز سوريا، وهم طائفة عربية تتبع فرعًا من الإسلام، وتنتشر بكثافة فى أنحاء سوريا ولبنان وإسرائيل. وخوفًا من نظام جديد يقوده جهاديون سابقون، رحّبت أقلية صغيرة من الدروز بمبادرات إسرائيل، لكن كثيرين غيرهم أدانوها علنًا.

 

* المشهد الرابع:

يعيش عدد كبير من الدروز داخل حدود إسرائيل المعترف بها دوليًا، ويحملون الجنسية الإسرائيلية ويخدمون فى جيشها. كما يتواجد عدد كبير من الدروز السوريين فى مرتفعات الجولان المحتلة، وقد رفض معظمهم الجنسية الإسرائيلية، ولا يخدمون فى الجيش الإسرائيلى تقليديًا. أما فى سوريا، فيعيش العديد من الدروز فى جنوب البلاد، حيث أعلنت إسرائيل أجزاءً منها منطقة عازلة بعد سقوط الأسد.

 

وأضاف البيان المشترك: «فى يوم الذكرى هذا لجنود إسرائيل الذين سقطوا، وبينما نكرم مساهمة المجتمع الدرزى فى أمن إسرائيل، فإننا نؤكد على التزامنا بحماية إخوانهم فى سوريا».

 

 

وحث المسئولون الإسرائيليون الحكومة السورية أيضًا على منع إلحاق الأذى بالطائفة الدرزية.

 

* المشهد الخامس، فلاش باك:

 

قال الجيش الإسرائيلى، مساء الأربعاء، إنه تم إجلاء ثلاثة مواطنين سوريين من الدروز إلى إسرائيل لتلقى العلاج الطبى بعد إصابتهم فى سوريا.

 

* المشهد السادس، فلاش باك:

 

أعرب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، جير بيدرسن، عن قلقه العميق «إزاء العنف غير المقبول فى سوريا وخاصة فى ضواحى دمشق»، و«أعرب عن انزعاجه من التقارير التى تحدثت عن هجمات إسرائيلية»، فى بيان صدر يوم الأربعاء.

 

وقال بيدرسن إن «هذه الهجمات يجب أن تتوقف»، داعيًا إلى «الاحترام الكامل لسيادة سوريا».

 

* المشهد السابع:

لا يزال الوضع الميدانى متقلبًا، حيث أفاد سكان لشبكة CNN بأن صحنايا لا تزال تشهد اشتباكات متقطعة وهجمات متقطعة من قبل مجموعات محلية مجهولة الهوية، مستخدمةً قذائف الهاون والرشاشات متوسطة العيار. وأكد عدد من سكان المنطقة لشبكة CNN أن جهود المسئولين الحكوميين ووسطاء المجتمع المحلى مستمرة لتهدئة الأوضاع.

* مرتفعات الجولان..

مرتفعات الجولان هى هضبة استراتيجية استولت عليها إسرائيل من سوريا خلال حرب الأيام الستة عام 1967، قبل أن تضمها رسميًا عام 1981. وتمتد المنطقة الجبلية، التى تبلغ مساحتها حوالى 500 ميل مربع، على حدود مع الأردن ولبنان.

 

تظهر العاصمة السورية دمشق من أعلى مرتفعات الجولان الصخرية. ويفصل الجزء الذى تحتله دولة الاحتلال الإسرائيلى من المنطقة عن سوريا منطقة عازلة تدعمها الأمم المتحدة.

 

 

وتعتبر مرتفعات الجولان أرضًا محتلة بموجب القانون الدولى، وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وتواصل سوريا المطالبة باستعادتها.

 

 

وكانت المنطقة بمثابة نقطة اشتعال فى كثير من الأحيان، وكان آخرها فى عام 2019 عندما قال الرئيس السابق دونالد ترامب إن الولايات المتحدة ستعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان – وهى الخطوة التى قلبت سنوات من السياسة وزادت من حدة التوترات مع سوريا.

 

 

ويعتبر الكيان الصهيونى مرتفعات الجولان مفتاحًا لمصالح أمنها القومى وتقول إنها بحاجة إلى السيطرة على المنطقة للدفاع عن نفسها من التهديدات القادمة من سوريا والجماعات الإيرانية بالوكالة هناك.

 

 

* مَن هم الدروز؟

الدروز طائفة عربية يبلغ تعدادها نحو مليون نسمة، ويعيش معظمهم فى سوريا ولبنان ودولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى.

تاريخيًا نشأت هذه الطائفة فى مصر فى حدود القرن الحادى عشر، وهى من الطوائف الدينية وأصحاب الملل، التى تدين وتمارس فرعًا من الإسلام، وفق نظمهم الداخلية الخاصة الدروز الموحدين، وعادة لا يسمح بالتحول إليه أو إليه، ولا بالزواج بين أتباعه.

 

يعيش أكثر من عشرين ألف درزى فى مرتفعات الجولان. يُعرّف معظمهم أنفسهم بأنهم سوريون، وقد رفضوا عرضًا بالحصول على الجنسية الإسرائيلية عندما احتلت إسرائيل المنطقة عام ١٩٦٧. أما من رفضوا، فقد مُنحوا بطاقات إقامة إسرائيلية، لكنهم لا يُعتبرون مواطنين إسرائيليين.

 

هناك تواجد كبير  لدروز سوريا فى  مرتفعات الجولان، وفى هذه المنطقة مع حوالى 25 ألف يهودى إسرائيلى، موزعين على أكثر من 30 مستوطنة.

فى العام الماضى، دقّ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ناقوس الخطر بشأن خطة إسرائيل لمضاعفة عدد المستوطنين فى الجولان بحلول عام 2027.

 

ويعانى الدروز السوريون فى الجولان من سياسات تمييزية، وخاصة تلك المتعلقة بتخصيص الأراضى والمياه، بحسب لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصرى.

 

وقالت اللجنة التابعة للأمم المتحدة إن «توسع المستوطنات الإسرائيلية وأنشطتها على مر السنين أدى إلى الحد من وصول المزارعين السوريين إلى المياه، بسبب السياسات التمييزية المتعلقة بالأسعار والرسوم».

 

لطالما عارض الدروز فى مرتفعات الجولان القوانين الإسرائيلية التى اعتبروها محاولاتٍ لـ«أسرلة» إسرائيل. فى عام ٢٠١٨، عارض آلاف المتظاهرين بقيادة الدروز قانون الدولة القومية اليهودية الأساسى الذى طرحه البرلمان الإسرائيلى، خوفًا من أن يُعمّق التمييز.

.. دروز إسرائيل، كانت مخاوفهم من أن  نص القانون الإسرائيلى، الذى أصدره الكنيست، ينص على أن الكيان الصهيونى، إسرائيل المحتلة للأرض الفلسطينية، هى الوطن التاريخى للشعب اليهودى وعاصمتها القدس «الموحدة»، وأعلن عن أن الشعب اليهودى «له الحق الحصرى فى تقرير المصير الوطنى» فى إسرائيل.

 

وقال زعماء الدروز فى ذلك الوقت إن القانون المثير للجدل جعلهم يشعرون بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية، لأنه لم يذكر المساواة أو حقوق الأقليات.

 

تشير البيانات الأخيرة التى نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى زيادة فى أعداد الدروز من الجولان الذين يسعون للحصول على الجنسية الإسرائيلية، لكن الأعداد التى تفعل ذلك تظل صغيرة للغاية: من 75 فى عام 2017 إلى 239 فى عام 2021.

 

خارج الجولان، يعيش نحو 130 ألف درزى إسرائيلى فى الكرمل والجليل فى شمال إسرائيل.

 

على عكس الأقليات الأخرى داخل حدود إسرائيل، يتسم الكثيرون منهم بوطنيتهم ​​الشديدة. يُجند الرجال الدروز الذين تزيد أعمارهم عن 18 عامًا فى جيش الدفاع الإسرائيلى منذ عام 1957، وغالبًا ما يترقون إلى مناصب رفيعة، بينما يبنى الكثيرون منهم مسيرة مهنية فى الشرطة وقوات الأمن.

 

* أزمة مفتوحة، ومطالب بالتدخل الدولى

 

ما يستمر من أحداث وتضارب الحلول المؤقتة وعدم الحسم من الداخلية السورية، جعل مناطق الدروز، وبعضًا من القرى الأرياف التى تجاورها، ساحة ونزاعات تصفيات وحربًا مفتوحة، منها هجمات متزامنة ضد السويداء.. والأمر أدى إلى أن يقوم الزعيم الروحى للدروز «حكمت   الهجرى» بطلب «الحماية الدولية»، دون أى وفاق مع كل جماعات الطائفة الدرزية، بالذات بعد الاقتتال فى جرمانا وأشرفية صحنايا، وصولًا إلى هجمات فى السويداء.

 

وفى التفاصيل، التى تشكل البعد الجيوسياسى الأمنى، الاجتماعى، أن حكومة سوريا الانتقالية، تراقب ما تعرضت له قرى فى محافظة السويداء من هجمات متزامنة من قبل مجموعات مجهولة بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار فى منطقة أشرفية صحنايا، فيما تتواصل ردود الأفعال على ما جرى من مواجهات مع الدروز، إذ وصف الزعيم الروحى للدروز حكمت الهجرى ما حصل بأنها «مجازر داعشية تكفيرية»، مطالبًا بالحماية الدولية وبقوات حفظ سلام دولية.

 

وفى تسريبات من العمق السورى، عددت الأماكن والتجمعات السكانية التى تعرضت وما زالت تتعرض للاقتتال والملاحقة:

قرى الصورة الكبرى وعرى وكناكر ورساس فى ريف السويداء، وهى تعرضت خلال الساعات الماضية إلى هجمات بالأسلحة الثقيلة وبالرشاشات وقذائف الهاون، ما أدى إلى تضرر بمنازل المدنيين، فيما أشارت إلى أن الفصائل المحلية صدت الهجوم.

وأعلن محافظ السويداء مصطفى بكور عن توجه قوة عسكرية إلى الصورة الكبيرة للتصدى للمهاجمين ومنع دخول أى جهة إلى محافظة السويداء، مضيفًا أنه تم التنسيق مع كل الجهات لإيجاد الحلول ووقف نزيف الدماء.

وقالت محافظة السويداء فى حسابها الرسمى، إن «بكور» أشرف على انتشار قوات الأمن العام ووحدات من الجيش السورى داخل قرية الصورة الكبيرة، لضبط الأمن وتعزيز الاستقرار فى المنطقة. وأضافت أن طواقم الهلال الأحمر بدأت بالدخول إلى القرية تمهيدًا لعودة الأهالى إليها.

 

* اتفاق صحنايا

كما كشف، خلال الأحداث، عن توصل مشايخ العقل وشخصيات دينية وعسكرية واجتماعية من السويداء، إلى اتفاق مع الحكومة السورية، يقضى بوقف إطلاق النار فى أشرفية صحنايا وجرمانا، وذلك خلال اجتماع عقد فى داريا، على خلفية الأحداث الأخيرة، وفق وكالة الأنباء السورية «سانا».

وعن فحوى الاجتماع، قالت شبكة «السويداء 24» إنه انتهى من دون التوصل إلى اتفاق واضح، باستثناء بعض النقاط العمومية «غير المُلزمة»:

1:

وقف إطلاق النار بشكل كامل فى الأشرفية.

* ٢:

تشكيل لجنة مشتركة بين وجهاء الأشرفية من جهة والسلطة من جهة أخرى، لبحث تداعيات الأحداث الأخيرة.

* ٣:

تنظيم آلية لانتساب شباب المدينة لاحقًا إلى جهاز الأمن العام.

* ٤:

المسئولون الحكوميون خلال الاجتماع، اعتبروا  أن ما حدث فى أشرفية صحنايا، كان هجومًا شنّته «عصابات خارجة عن القانون»، ضد عناصر الأمن العام وقتلت 35 عنصرًا، مشددين على ضرورة ضبط السلاح وتنظيمه بيد الدولة فى الأشرفية وصحنايا.

* ٥:

شكّك شيخ العقل يوسف جربوع بالرواية الرسمية، قائلًا إن أحداث العنف بدأت باستهداف ممنهج لجرمانا ثم أشرفية صحنايا، وبعدها السويداء، مؤكدًا وجود أزمة ثقة كبيرة بين الحكومة وأبناء الطائفة الدرزية، كما استنكر الاعتداءات المتكررة التى تتعرض لها الطائفة فى عدة مناطق، داعيًا إلى وقفها بشكل فورى، بحسب الشبكة.

 

* مؤشرات وتضارب الأطراف

 

محافظ ريف دمشق عامر الشيخ يرى وفق تسريبات صحفية، أن الأحداث التى بدأت بعد التسجيل المسىء إلى النبى محمد، كانت عبارة عن هجوم لمجموعات «خارجة عن القانون» فى جرمانا، ضد حاجز للأمن العام، ما أدى إلى مقتل عنصرين، ثم اندلعت اشتباكات بين المجموعات وقوات الأمن والجيش السورى، مخلفةً 14 قتيلًا من الجانبين، مضيفًا أن الدولة السورية استطاعت تطويق المشكلة، باتفاق مع الفعاليات فى جرمانا.

وفيما يخص أشرفية صحنايا، وأن المجموعات «الخارجة عن القانون» نكثت مرتين باتفاقات التهدئة، وأدت هجماتها على عناصر الأمن العام إلى مقتل 11 عنصرًا فيما تم تحييد المجموعة المهاجمة، مشيرًا إلى أن غارات الاحتلال الإسرائيلى على الأمن العام، أدت إلى مقتل عنصر من الأمن ومدنى وإصابة آخرين، مؤكدًا التوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار فى الأشرفية.

 

* هل هناك مجازر تكفيرية داعشية؟!

 

تعليق الشيخ حكمت الهجرى، على أحداث جرمانا والأشرفية، ووصفها بأنها «مجازر تكفيرية داعشية»، تعليقات خطرة نقلت عنه وفق منصة المدن ومرصد حقوق الإنسان ومفوضية الأمم المتحدة، وقال الهجرى  إن المجموعات المسلحة الدرزية المسلحة دافعت عن نفسها ضد هجوم «الإرهابيين التكفيريين»، داعيًا إلى تدخل دولى لحماية الدروز وقوات حفظ سلام دولية.

وقال الهجرى فى بيان، إن «القتل الجماعى» مثلما جرى فى الساحل السورى، لا يحتاج إلى لجان، بل يحتاج إلى تدخل قوات دولية فورى «لحفظ السلام»، مؤكدًا عدم ثقته بالحكومة السورية، ولا بوجود القوات العسكرية الحكومية، لأنها «آلات قتل دموية، وتزييف حقائق بتكفير طائفى».

فى غضون ذلك، دعا وجهاء ومشايخ من الطائفة العلوية إلى عدم الانجرار وراء الفتنة وتغليب لغة العقل والحوار، ونبذ التجييش الطائفى، ومعاقبة من يثبت تورطه بذلك، كما أعربوا عن تعازيهم فى «شهداء» الأمن العام والمدنيين فى جرمانا وأشرفية صحنايا، كما أكدوا على فتوى مفتى سوريا الشيخ أسامة الرفاعى الأخيرة، بتحريم استباحة الدم السورى من كل الأطياف والأعراق.

مع ملاحظة من الأطراف والقوى الدرزية أن قوات الأمن العام تقدمت داخل أشرفية صحنايا على حساب تراجع المقاتلين الدروز نحو عمق البلدة، لافتةً إلى أن الجيش السورى دعم قوات الأمن بالعناصر والآليات.

وأدّت الاشتباكات حتى الآن إلى سقوط أكثر من 20 قتيلًا من الجانبين بينهم مدنيون، وسط حرب شوارع دارت بين الطرفين، استُخدم فيها الرشاشات الثقيلة والقذائف الصاروخية، وشهدت عمليات قنص من قبل المسلحين الدروز استهدفت مقاتلى الحكومة السورية، وكذلك الآليات على أوتوستراد درعا-دمشق الجديد، ما أدى لقطعه وتحويل المرور إلى الأوتوستراد القديم من قبل حواجز الأمن العام.

وأفادت مديرية العلاقات الإعلامية فى ريف دمشق، بسقوط قتلى مدنيين «برصاص مجموعات خارجة عن القانون متمركزة فى منطقة أشرفية صحنايا»، فيما أكد المسئول الأمنى عن المنطقة حسين جهيم، قطع الأوتوستراد الحديث وتحويل المرور نحو الأوتوستراد القديم، بسبب عمليات القنص، فى حين قالت قناة «الإخبارية السورية»، إن «مجموعات خارجة عن القانون تستهدف مدنيين وطواقم إسعاف فى أشرفية صحنايا».

وتعرض رتل لمقاتلين دروز إلى كمين مسلح من قبل مقاتلين من عشائر البدو عند وصولهم إلى مشارف ريف دمشق، حيث كان الرتل يحاول الوصول إلى أشرفية صحنايا لمؤازرة المقاتلين هناك، وسط معلومات عن قتلى وجرحى.

وفى ذات السياق، كانت تصريحات وزير خارجية سوريا فى الحكومة الانتقالية «أسعد الشيبانى» قال فى:

*١:

نؤكد أن نبذ الطائفية والفتنة ودعوات الانفصال ليس خيارًا سياسيًا فحسب بل ضرورة وطنية ومجتمعية.

 

* ٢:

أى دعوة للتدخل الخارجى تحت أى ذريعة أو شعار لا تؤدى إلا إلى مزيد من التدهور والانقسام.

 

*٣:

إن من يدعو إلى التدخل الأجنبى يتحمل مسئولية تاريخية وأخلاقية وسياسية أمام السوريين والتاريخ.

 

* ٤:

نحن نؤمن أن الطريق إلى الاستقرار يمر عبر الحوار بين جميع مكونات الشعب السورى وتحت سقف السيادة السورية الكاملة.

 

* العلاقة بين دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية  بالأقليات فى سوريا

 

عن ماهية  العلاقة بين دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية  بالأقليات فى سوريا، كتب المحلل السياسى الأردنى حسين جلعاد.  على الموقع الإلكترونى لقناة الجزيرة، مستهجنًا ما وصفها بـ:

 

 

«مشاهد الخزى الوطنى القومى»، عندنا:

انتهكت الطائرات الإسرائيلية أمس سماء سوريا، وهذا أمر ليس جديدًا، لكن المفارقة الأشد حرجًا أن حكومة الاحتلال زعمت أنها تدافع عن الدروز، الطائفة السورية التى عُرفت طوال تاريخها بأنها من أشد المدافعين عن عروبة سوريا واستقلالها.

 

جلعاد لفت إلى بعض الحقائق:

إن ما جرى يعكس مفارقة قاسية فى تاريخ سوريا الحديث. ولعل هذا يذكّر بخزى قديم، ففى صيف 1982، اجتاحت القوات الإسرائيلية جنوب لبنان تحت غطاء عملية «سلامة الجليل»، لكن الهدف لم يكن فقط طرد منظمة التحرير الفلسطينية، بل التأسيس لتحالف استراتيجى مع الطائفة المارونية، بوصفها الحليف الأكثر قابلية للتموضع فى «شرق أوسط جديد» قائم على كيانات طائفية متناثرة. وقد دعمت إسرائيل حينها صعود بشير الجميل إلى رئاسة الجمهورية، ونسّقت عسكريًا مع ميليشيات «القوات اللبنانية»، التى سرعان ما ارتكبت مجزرتى صبرا وشاتيلا تحت أنظار الجيش الإسرائيلى.

مضيفا: لقد مثّلت تلك اللحظة الذروة العلنية لاستراتيجية إسرائيل الأمنية العميقة، تفتيت الكيانات العربية المركزية عبر بوابة الأقليات، وتحويل الطائفة إلى شريك سياسى وظيفى يخدم توازنات الهيمنة.

 

ورغم أن المشروع المارونى الإسرائيلى انهار سريعًا تحت ثقل المقاومة والرفض الشعبى، فإن أثره ظل حاضرًا فى الذاكرة الإسرائيلية بوصفه درسًا استراتيجيًا، يُستدعى كلما احتدمت الفوضى فى بلد عربى متعدد الطوائف.

 

* عودة بثوب مختلف

 

وهكذا، تعود هذه الرؤية اليوم -فى خضم الحالة السورية- بثوب مختلف، لتعيد إنتاج السؤال: ما علاقة إسرائيل بالأقليات فى سوريا؟  وهل نحن أمام إعادة تدوير لتحالف الأقليات على نمط لبنانى قديم، ولكن بأدوات سورية جديدة؟

يتابع المحلل الأردنى حسين جلعاد:

 

«تحالف الأقليات».. الفرضية الأمنية لإسرائيل

منذ بداية الثورة السورية عام 2011، لم تُخفِ إسرائيل اهتمامها المتزايد بمآلات الصراع السورى، خاصة فيما يتعلق بوضع الأقليات الدينية والاثنية داخل البلاد. ومع تصاعد الفوضى، وانهيار مركزية الدولة، وانكفاء النظام السابق إلى جيوب طائفية ضيقة، بدأت تتبلور استراتيجية إسرائيلية أكثر جرأة تجاه الداخل السورى، عُرفت إعلاميًا واستخباراتيًا باسم «تحالف الأقليات». هذه الاستراتيجية، وإن كانت غير معلنة رسميًا، إلا أنها باتت تتجلى فى سلسلة من المبادرات الميدانية، السياسية والإنسانية التى اتخذتها تل أبيب حيال مكونات الأقلية فى سوريا.

 

 

.. وأيضًا:

منذ بداية الثورة السورية، لم تُخفِ إسرائيل اهتمامها المتزايد بمآلات الصراع السورى، خاصة فيما يتعلق بوضع الأقليات داخل البلاد «الفرنسية».

تروج الاستراتيجية الإسرائيلية مجموعة من المقولات، أبرزها أن الأقليات فى المشرق العربى «الدروز، والعلويين، والمسيحيين، والأكراد، والإسماعيليين» تعيش فى ظل قلق وجودى مستمر، خاصة فى ظل ما تعتبره تل أبيب «تهديد الأغلبية السنية ذات التوجهات الإسلامية». ومن هنا، ترى إسرائيل فى هذه الأقليات شركاء محتملين، أو على الأقل أطرافًا قابلة للاستثمار فى الصراع طويل الأمد الذى يدور فى جوارها. لكن العلاقة ليست متساوية، ولا تُبنى على أسس تحالف صريح، بل غالبًا ما تُدار عبر رسائل غير مباشرة، ودعم إنسانى انتقائى، وتنسيق لوجستى محدود فى مناطق النفوذ. كما أن هذه الطوائف جزء أصيل من مكونات الشعب السورى تاريخيًا. فيكف تسعى إسرائيل إلى خلخلة هذا النسيج؟.

 

وعن واقع الدروز.. وطبيعة العلاقات الشائكة مع الدولة قال:

 

يُعرف الدروز تاريخيًا بأنهم حاملو لواء استقلال الدولة السورية من خلال رمزهم التاريخى سلطان باشا الأطرش الذى يوصف بأنه قائد الثورة السورية الكبرى التى قاتلت الاحتلال الفرنسى.

 

 

 

لكن الأزمة السورية الحالية تباعد بين بعض قياداتها وبين القيادة الجديدة التى تتولى السلطة منذ سقوط نظام الأسد، علاوة على انقسام الدروز أنفسهم بين تيارات وفئات تؤيد التقارب مع السلطة الجديدة بوصفها رمزًا للدولة السورية وفئات أخرى تناوئ دمشق لاعتبارات فكرية وسياسية معقدة.

 

ولعل وجود جزء من الطائفة الدرزية المنضوية تحت سلطة إسرائيل فى الأراضى المحتلة، يخلق نوعًا شائكًا من العلاقة بين الدروز وإسرائيل من جهة، وبين الدروز والدولة السورية من جهة أخرى.

 

ولعل واحدة من أكبر الإشكاليات أن إسرائيل، التى تضم داخلها أقلية درزية واسعة ومندمجة فى مؤسسات دولة الاحتلال، تنظر إلى دروز جبل العرب «السويداء» والدروز المنتشرين فى جنوب سوريا كامتداد مجتمعى وثقافى. وقد شهد العام 2025 تدخلًا إسرائيليًا غير مسبوق حين شنت غارة جوية فى محيط صحنايا قرب دمشق، معلنة أنها استهدفت مجموعة متطرفة كانت تخطط لمهاجمة مواقع درزية. وسبق هذه الضربة إرسال مساعدات إنسانية إلى السويداء شملت 10 آلاف طرد غذائى، فى خطوة وُصفت بأنها رسالة مزدوجة: دعم وحماية.

 

ورغم أن بعض الزعامات الدرزية السورية أعربت عن قلقها من هذا التقارب العلنى، خشية أن يُنظر إليهم كعملاء، فإن إسرائيل لا تزال تستثمر فى خطاب «الحماية»، وتروّج لنفسها بوصفها ضامنًا لوجود الدروز فى منطقة تشهد تمدد الجماعات السلفية، حسب الزعم الإسرائيلى.

 

 

الدروز يُعرفون تاريخيًا بأنهم حاملو لواء استقلال الدولة السورية، هناك حرج تاريخى يعانى منه الدروز فى المنطقة العربية، فزعيم الدروز فى إسرائيل الشيخ موفق طريف يروّج سردية رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، وطائفته نفسها هناك ترتبط مع الإسرائيليين بحلف تاريخى يسمى «حلف الدم». وفى حين كانت إسرائيل أمس تقصف أحياء فى دمشق، كان طريف يتفاخر أن ثمة تغييرًا كبيرًا سيحدث فى المنطقة.

 

جلعاد، خلص إلى أن محددات الأمن القومى الإسرائيلى.. تقوم على  الطائفة والتجزئة كشرط للبقاء، ولفت فى تقرير الذكى، إلى ضرورة وعى وفهم أن الديناميكيات المعقدة داخل سوريا يتطلبان إلقاء نظرة معمقة على الأسس النظرية التى توجه تفكير إسرائيل، إذ إن فهم العقل النظرى الإسرائيلى شرط أساس لفهم السلوك العدوانى والانتهاكات المستمرة التى تقوم بها إسرائيل بحق الدولة السورية.

 

مذكرات، أن  الأمن القومى الإسرائيلى «..» يستند، منذ تأسيس الدولة، إلى مبدأ جوهرى يتمثل فى تفتيت المحيط العربى إلى كيانات طائفية وإثنية أصغر من إسرائيل ديمغرافيا وجغرافيا، لضمان تفوقها الاستراتيجى والسيطرة على المجال الإقليمى. هذا المبدأ، الذى تكرس بوضوح فى «استراتيجية يينون» فى ثمانينيات القرن الماضى، يفترض أن استقرار إسرائيل لا يتحقق فى ظل دول قومية قوية، بل فى بيئة مفككة تتنازعها هويات دينية وعرقية، يسهل التحكم بها عبر الدعم أو الإخضاع أو التحييد. ومن هنا، تنظر إسرائيل إلى الأقليات لا بوصفهم مجرد مكونات اجتماعية، بل بوصفهم وكلاء محتملين فى معركة الهيمنة على الجوار العربى.

 

 

 

ويمكن القول إن دولة الاحتلال الإسرائيلى- منذ تأسيسها عام 1948- قد بنت استراتيجيتها الأمنية على جملة من المحددات النظرية والعملية التى لا تتعامل مع الأمن فقط بوصفه مسألة دفاعية، بل بوصفه مشروعًا بنيويًا لتشكيل المجال الجيوسياسى المحيط بها على نحو يخدم وجودها كدولة يهودية فى قلب منطقة عربية وإسلامية معادية بطبيعتها التاريخية والثقافية.

 

وقد تمحور أحد هذه المحددات الجوهرية حول ضرورة تفتيت المجتمعات المحيطة إلى كيانات إثنية وطائفية صغيرة، بما يجعل إسرائيل، رغم كونها «دولة أقليّة يهودية»، تبدو «منسجمة» مع محيطٍ ممزّق عرقيًا ودينيًا، ويُسهل عليها إدارة التهديدات واحتواء الطموحات القومية العربية أو الإسلامية.

 

 

مؤكدًا أن ذلك:

يتجلى هذا المنظور بوضوح فى الورقة التى نشرها الصحفى الإسرائيلى عوديد يينون عام 1982 بعنوان: «إستراتيجية إسرائيل فى الثمانينيات»، وهى وثيقة شهيرة ترسم خريطة طريق لمستقبل الشرق الأوسط من وجهة نظر الأمن القومى الإسرائيلى.

 

وترى هذه الوثيقة أن بقاء إسرائيل مرهون بتحول العالم العربى من دول قومية قوية إلى كيانات طائفية متصارعة، على غرار ما حدث فى لبنان، باعتباره نموذجًا قابلًا للتكرار فى العراق، وسوريا، ومصر، والسودان.

 

يقول يينون: «يجب على إسرائيل أن تُعيد رسم الخريطة السياسية للعالم العربى، من خلال تفكيك كياناته إلى طوائف دينية ومجموعات إثنية، لأنه لا يمكن التعايش مع دول عربية قوية ومتماسكة».

 

هذه الرؤية لم تكن معزولة أو هامشية، بل تجد أصداءها فى وثائق رسمية وتقارير لمراكز الأبحاث الإسرائيلية الكبرى مثل مركز بيغن السادات للدراسات الإستراتيجية، ومعهد أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى.

 

دولة الطائفة مقابل الطوائف

بما أن إسرائيل تأسست على أساس دينى وإثنى «دولة يهودية للشعب اليهودى»، فهى تجد فى الدولة الوطنية العربية الحديثة القائمة على الانتماء القومى والهوية الجامعة تهديدًا وجوديًا. ولذلك، فإن خلق محيط مماثل لها، أى ممزّق إلى «هويات فرعية» «دروز، وسنة، وعلويين، وأكراد، وشيعة، ومسيحيين، وإسماعيليين…»، يسمح لإسرائيل ألا تبدو استثناء، بل نموذجًا آخر من «دولة الطائفة»، وسط طوائف متجاورة.

 

وقد سعت إسرائيل، فى تطبيق هذا التصور، إلى بناء تحالفات مع الأقليات التى تشعر بالتهديد من محيطها السنى، مثلما فعلت مع الميليشيات المارونية فى لبنان، ومع الأكراد فى العراق، والدروز أيضًا. هذه التحالفات لم تكن مبنية على روابط قيمية، بل على وظيفة الأقليات كرافعة لإضعاف الدولة المركزية وتفكيك المجتمعات من داخلها.

 

لقد شكّل التحالف مع الموارنة فى الثمانينيات النموذج التطبيقى الأول، بينما برز التنسيق مع الأكراد فى العراق بعد عام 2003، ومع فصائل درزية محلية فى جنوب سوريا خلال العقد الأخير، كاستراتيجيات متكاملة تصب فى مشروع الإضعاف البنيوى للجوار.

 

 

ويرى معظم المنظّرين الإسرائيليين أن التهديد الوجودى لا يتمثل فقط فى الجيوش، بل فى إمكانية وجود «دولة قومية عربية قوية ومتماسكة وديمقراطية». فمثل هذه الدولة، حتى لو لم تكن معادية، تُفكك من الداخل السردية الصهيونية التى تبرر «خصوصية» إسرائيل، وتشكل منافسًا أخلاقيا وسياسيًا لها أمام المجتمع الدولى.

 

 

الهدف النهائى ليس فقط تفكيك الدول، بل خلق بيئة شرق أوسطية يسهل ضبطها. إسرائيل لا تطمح إلى احتلال مباشر، بل إلى محيط يمكنها أن تلعب فيه دور «الضامن الأمنى»، أو «العرّاب الطائفى» الذى يوازن بين الفرقاء، ويضرب هذا الطرف أو يرضى ذاك وفقًا لمصالحها.

 

وفى هذا السياق، يصبح وجود دويلات أو كيانات صغيرة مثل دولة علوية، أو منطقة كردية، أو حكم ذاتى درزى، أكثر ملاءمة من سوريا موحدة، أو عراق مركزى، وفق ملخصات فهمها جلعاد فى تحليله للحدث.

 

 

الإعلام الأمريكى يخترق أشرفية جرمانا.

 

.. «تتجمع النساء اللواتى يرتدين شالات بيضاء على رءوسهن حول التوابيت فى قاعة التجمع».

.. و«مسلحون سوريون يتولون الدفاع عن مدينة درزية محاصرة بأيديهم».

«تشييع جثامين رجال قتلوا فى هجمات على مدينة جرمانا الدرزية فى سوريا يوم الأربعاء».

. هذه مشاهد من تقرير كتبته صحيفة نيويورك تايمز، التى استطاعت دخول أشرفية صحنايا ومدينة جرمانا، جاد ذلك وفق الصحيفة:.

وسط الاشتباكات الطائفية التى أسفرت عن مقتل سبعة رجال فى جرمانا، يقول السكان المتوترون إن الحكومة لا تبذل ما يكفى حمايتهم.

 

نيويورك تايمز، لفتت:

توجهت فيفيان يى، وريهام مرشد، ونانا هيتمان إلى جرمانا فى سوريا، لحضور جنازات الرجال الذين قتلوا فى هجوم على المدينة يوم الثلاثاء/الأربعاء.

 

.. ويلتقط التقرير، ما يمكن القول عنه بأنه حالة من الوصف الإعلامى، مشاهدات استقصائية، منها:

١:

فى كل مكان بمدينة جرمانا السورية، كان هناك رجال مسلحون يوم الأربعاء، وكانت تحركاتهم متقطعة ومتوترة.

 

٢:

كان هناك رجال يرتدون سراويل الجينز أو السراويل السوداء الفضفاضة التى يرتديها الدروز تقليديًا، وبنادقهم معلقة على صدورهم؛ ورجال بلا زى رسمى معين يقطعون الطرق المؤدية إلى المدينة؛ ورجال يرتدون سترات مليئة بالذخيرة يشيرون إلى بعضهم البعض بإيجاز. كانوا منشغلين للغاية لدرجة أنهم لم يستطيعوا حتى التدخين.

 

٣:

كان السبب يكمن داخل قاعة دينية للدروز: سبعة توابيت ملفوفة بالمخمل، محاطة بمئات النساء اللواتى ينتحبن بشالات بيضاء. رفعن صور سبعة رجال قُتلوا عندما هاجم مسلحون يُعتقد أنهم متطرفون إسلاميون جرمانا بالرصاص والقصف صباح الثلاثاء.

 

٤:

بينما كانت مواكب الجنازة تنطلق، كان الرجال الذين يحرسونها يتلقون رسائل حول انتشار الاشتباكات وارتفاع أعداد القتلى فى بلدة درزية قريبة.

 

 

٥:

بينما كانت بضع شاحنات تحمل شعار قوات الأمن السورية تجوب المدينة، وقال زعماء المجتمع المحلى إن القوات الحكومية شكلت طوقًا حول جرمانا، فإن معظم الرجال المسلحين- بمن فيهم معظم القتلى- كانوا من السكان الذين نظموا أنفسهم للدفاع عن أنفسهم، حسبما قال السكان المحليون.

 

٦:

قال غسان عزام، الذى كان يقف بين الحشد خارج المقبرة: «لا نرى أى رد فعل من الحكومة. نحن نحمى أنفسنا فقط».

 

٧:

كانت الاشتباكات فى جرمانا وأشرفية صحنايا، وكلاهما إلى الجنوب من دمشق العاصمة، أحدث موجة من العنف ضد الأقليات الدينية السورية منذ انهيار نظام بشار الأسد وعائلته الذى استمر نصف قرن فى ديسمبر/كانون الأول.

 

 

٨:

وعدت الحكومة الجديدة، التى تهيمن عليها الأغلبية السنية فى سوريا، بشمول الأقليات فى البلاد، وعززت فى بعض الأحيان إجراءاتها الأمنية. لكن العديد من السوريين من الأقليات يقولون إن الحكومة أهدرت الكثير من مصداقيتها وسط هجمات متكررة على مناطق الأقليات، بما فى ذلك مجازر مارس/آذار بحق المدنيين فى المنطقة الساحلية السورية، معقل الأقلية العلوية، على يد مقاتلين متطرفين تابعين لتحالف المتمردين الذى استولى على السلطة.

 

٩:

قال ربيع منذر، أحد وجهاء الدروز فى جرمانا، بعد الجنازات يوم الأربعاء: «إما أن الحكومة تغض الطرف، أو أنها لا تملك القدرة على السيطرة على أحد»، وأضاف: «فى كلتا الحالتين، الحكومة مسئولة».

 

كان يخشى، مثل كثيرين غيره، من تكرار عمليات القتل الساحلية.

 

١٠:

قُتل سبعة رجال من جرمانا، إلى جانب ثمانية مهاجمين، على حد قولهم. وأضافوا أنهم عثروا أثناء تفتيش جثث المهاجمين على بطاقة هوية، مؤرخة فى سبتمبر/أيلول 2023، عليها ختم إدارى من هيئة تحرير الشام، الجماعة التى قادت الثورة التى سيطرت على دمشق فى ديسمبر/كانون الأول. ولم يتضح ما إذا كان المهاجم ينتمى إلى الجيش الحكومى.

 

انبثقت هيئة تحرير الشام من جماعة كانت تابعة سابقًا لتنظيم القاعدة، وقد اندمجت فى قوات الأمن التابعة للحكومة الجديدة. لم ينضم جميع مقاتليها، ولا تزال مجموعة من المتمردين السابقين، بعضهم ذو أيديولوجية متطرفة بشكل علنى، خارج سيطرة الحكومة.

 

١١:

قال عصام المرتضى، وهو مسيحى، خارج المقبرة، حيث لوّح رجال بأعلام درزية حريرية مخططة ملونة، وهتفوا بشعارات دعمًا لجرمانا: «الأمر لا يتعلق بكونك درزيًا أم لا. لا تُفرّق البنادق بيننا».

 

المرصد السورى لحقوق الإنسان.

 

.. ضمن تبعات الحدث، ومع استمرار الأوضاع الأمنية والإنسانية الحرجة، أفاد المرصد السورى لحقوق الإنسان اليوم الخميس، فى حصيلة جديدة، بمقتل أكثر من مئة شخص خلال يومين من الاشتباكات ذات الخلفية الطائفية فى سوريا، غالبيتهم مقاتلون دروز.

 

وأحصى المرصد مقتل 30 عنصرًا من قوات الأمن ومقاتلين تابعين لوزارة الدفاع السورية، فى مقابل 21 مسلحًا درزيًا و10 مدنيين، من بينهم رئيس بلدية صحنايا السابق وابنه.

 

وقضى جميعهم يومى الثلاثاء والأربعاء فى الاشتباكات فى منطقتى جرمانا وصحنايا قرب دمشق.

 

وفى محافظة السويداء فى الجنوب، قُتل 40 مسلحًا درزيًا، 35 منهم جراء «كمين» على طريق السويداء دمشق.

.. ما قبل وما منذ سقوط نظام آل الأسد فى 8 كانون الأول، ديسمبر 2024، حدث عدم استقرار كبير، ما خلخل وعى الشعب المنهك من حرب داخلية طالت.

تتحمل الحكومة السورية الانتقالية المسئولية الأمنية والاقتصادية والإنسانية، فالأوضاع فى سوريا اليوم، عمليًا غير مستقرة، لأن المرحلة السياسية، والأمنية غير مستقرة دستوريًا وليس من حوار وطنى سورى أو تعاون سورى عربى، دولى، أممى فى هذا الاتجاه.

 

حلبة الرقص، فيها الذئاب الإسرائيلية والأمريكية والتركية الإيرانية و.. ربما غيرهم كثر.. والأمر، اللحظة أن على الحكومة الانتقالية أن تضع منظومة لكى تتعامل مع ما يقف عليه الشعب السورى بكل مكوناته، وبالتالى، فتح أفق ما، وأراه من الصعوبة بمكان؛ ذلك أن الاستقرار فى سوريا الانتقالية، وسط نزاعات طائفية، مؤشر استلاب سيادة الدولة، لهذا بات من الضرورى أن يتاح للحوار الوطنى السورى إمكانية وضع الخلاص، ونبذ أى استقواء بالتدخل الدولى أو الأجنبى أو من العدو الصهيونى.

 

.. أيضًا سوريا الانتقالية، جيوسياسيًا تحتاج بشدة إلى عمها العربى والدولى، تحديدًا الدول القوية ذات السيادة: الأردن، ومصر واتفاق دول الخليج العربى على دعم استقرار وإعمار سوريا الأرض والشعب والحضارة.

زر الذهاب إلى الأعلى