إسرائيل تنشر قوات في جنوب سورية… أوسع غارات منذ سقوط الأسد

النشرة الدولية –

فيما بدا أنه تمهيد لتدخّل أوسع نطاقاً، أعلنت إسرائيل، نشر قوات في جنوب سورية، بهدف «منع دخول قوات معادية إلى المناطق الدرزية»، في ظل تصاعد التوتر بين القوات الحكومية ومسلّحي الطائفة الدرزية، وفي حين بدأت تلوح في الأفق بوادر مواجهة جوية إسرائيلية ـ تركية، غداة تنفيذ إسرائيل أعنف هجوم جوي على مواقع تابعة للسلطات السورية الجديدة منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي، واستهدافها قبل ذلك القصر الرئاسي السوري، في خطوة قوبلت بإدانات عربية واسعة.

اعتراض وسيناريوهات

وبعد ساعات من الغارات الجوية ليل الجمعة ـ السبت، التي بلغ عددها نحو 20 غارة، واستهدفت مناطق ممتدة من درعا جنوباً إلى العاصمة دمشق واللاذقية غرباً، تحدثت مصادر محلية سورية عن اعتراض طائرات تركية لمقاتلات إسرائيلية فوق إدلب اليوم، مع تجدّد الغارات الإسرائيلية.

في وقت سابق، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان مقتضب، انتشاره في جنوب سورية، مشدداً على أنه «يواصل متابعة التطورات، مع الحفاظ على الجاهزية للدفاع ولمختلف السيناريوهات»، من دون أن يوضح عدد القوات المنتشرة أو نطاق انتشارها.

وأكد الجيش، في بيان آخر، أن طائراته الحربية قصفت مواقع عسكرية شملت مدافع مضادة للطائرات وبنية تحتية لصواريخ أرض – جو، إضافة إلى مواقع تخزين ومستودعات في ريف دمشق وحماة واللاذقية ودرعا. وجاء في البيان أن الجيش سيواصل «اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المواطنين الإسرائيليين».

وقال الجيش الإسرائيلي إنه قام بإجلاء 5 جرحى من الدروز السوريين من محافظة السويداء التي تسكنها أغلبية درزية إلى مستشفى زيف الطبي في صفد (شمال)، لتلقي العلاج، بعد إصابتهم داخل الأراضي السورية، باستخدام مروحية هبطت جنوب سورية.

هدوء حذر

ومع سقوط أكثر من 110 قتلى في المواجهات بين قوات الأمن الموالية للحكومة ومسلحين دروز في الأيام القليلة الماضية في ريف دمشق والسويداء، شهدت المناطق ذات الأغلبية الدرزية، لاسيما في محافظة السويداء وريف دمشق في صحنايا وأشرفية صحنايا وجرمانا، هدوءاً حذراً اليوم، بالتوازي مع انتشار قوات الأمن السوري وعناصر تابعة لوزارة الدفاع في مناطق ريف دمشق، وسط استمرار حركة النزوح، لاسيما الطلاب، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

القصر الرئاسي

وبرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استهداف القصر الرئاسي السوري فجر أمس الجمعة، فقال إن الغارات «رسالة واضحة» للرئيس الانتقالي أحمد الشرع، بأن «أي تهديد للطائفة الدرزية أو تمركز لقوات معادية في الجنوب سيُقابل بردّ فوري».

وهدد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بتوسيع نطاق العمليات إذا استؤنفت الهجمات على الدروز. ولم تسفر الغارات الإسرائيلية فقط عن مقتل مدني في حرستا بريف دمشق، بل تسببت أيضاً في موجة من الذعر بين السكان، خاصة في ريف دمشق الشرقي.

ودانت الرئاسة السورية القصف، واعتبرته «تصعيداً خطيراً يمسّ سيادتها ومؤسساتها»، مؤكدة أنها «لن تساوم على أمنها، وستمضي في مسار المقاومة، وستواصل الدفاع عن حقوق شعبها بكل الوسائل المتاحة».

وجددت دعوتها الى جميع الأطراف لـ «الالتزام بالحوار، والعمل الجاد والبنّاء للوصول إلى تفاهم سوري – سوري شامل، ينهي ما تبقى من آثار الأزمة، ويضع سورية مجدداً في مسار البناء والنهوض، ولن تتوقف عجلة الإصلاح مهما كانت التحديات».

من ناحيتها، اتهمت الحكومة السورية «مجموعات خارجة عن القانون» ببدء الاشتباكات المسلحة التي شهدتها مناطق درزية عدة قرب دمشق وفي محافظة السويداء جنوباً.

الكويت ودول عربية

ودانت دول عربية عدة الغارة على القصر الرئاسي، وأعربت وزارة الخارجية الكويتية، في بيان أصدرته اليوم، عن «إدانة دولة الكويت واستنكارها الشديدين لغارة الاحتلال على محيط القصر الرئاسي بدمشق، في انتهاك صارخ لسيادة سورية»، مؤكدة أن «تبرير مثل هذه الهجمات تحت ذرائع أمنية لا يمنح الشرعية لأي انتهاك لسيادة الدول»، وداعية المجتمع الدولي إلى «الاضطلاع بمسؤولياته القانونية والإنسانية لإيقاف الانتهاكات المتكررة والجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في دول المنطقة، والتي من شأنها أن تهدد الأمن والاستقرار في الإقليم». وجدد البيان «موقف الكويت الثابت والداعم لوحدة سورية وسلامة أراضيها».

ونددت السعودية وقطر ومصر بالغارات الإسرائيلية، وطالبت ألمانيا بعدم تحويل سورية إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية، فيما طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بوقف فوري للغارات.

وحذّر مبعوث الأمم المتحدة الى دمشق، غير بيدرسون، من أن «استمرار التصعيد الإسرائيلي يهدد العملية السياسية الهشّة، ويزيد من معاناة المدنيين السوريين».

ودعت «الخارجية» البريطانية إسرائيل إلى «احترام سيادة سورية والامتناع عن أي أعمال قد تؤدي إلى زعزعة استقرارها»، وحثّت السلطات السورية على «اتخاذ خطوات لإعادة الهدوء وحماية المدنيين من العنف ومحاسبة المسؤولين عنه».

وكانت المتحدثة باسم «الخارجية» الأميركية، تامي بروس، قالت في بيان إن «أعمال العنف والخطاب التحريضي ضد أفراد المجتمع الدرزي في سورية مستهجنة وغير مقبولة، وحريّ بالسلطات المؤقتة وقف القتال الدائر، ومحاسبة مرتكبي أعمال العنف ومُلحقي الأذى بالمدنيين، وضمان أمن السوريين كافة».

وأضافت: «لن تحقق الطائفية شيئاً سوى إغراق سورية والمنطقة في بحر الفوضى ومزيد من أعمال العنف. وندعو إلى حكومة مستقبلية تمثيلية تحمي وتدمج الأطياف السورية كافة، بما في ذلك الأقليات الإثنية والدينية».

زر الذهاب إلى الأعلى