الدبلوماسية الناعمة التي نفتقدها!
بقلم: أسرار جوهر حيات

النشرة الدولية –
قد لا أجد تعريفاً أكثر وقعاً وواقعية للدبلوماسية الناعمة مما نشهده على أرض الواقع من توجّه عدد كبير من مراهقينا وشبابنا العرب لحفظ الأغاني الكورية ومتابعة مسلسلاتهم بل وحتى تعلم اللغة الكورية، رغم صعوبتها بالنسبة لنا كعرب؟
فكوريا الجنوبية مثالاً، اتخذت من احدى سبل الدبلوماسية الناعمة، وهي الدراما والموسيقى، وسيلة للتسويق ونجحت، في ذلك، واستطاعت أن تكسب اعجاب الكثيرين، وجنت ثمار ذلك بزيادة السياحة الى كوريا، كما فعلت سابقاً تركيا، فكلنا نتذكر كيف أصبحت إسطنبول ثم مدن تركية أخرى وجهة السياحة الأولى للخليجيين والعرب، بعد عرض أول مسلسل تركي مدبلج.
كل ما فات تطبيق عملي للدبلوماسية الناعمة، الدبلوماسية خارج اطار الرسميات والبروتوكولات وغيرها، الدبلوماسية التي تنتشر بين الجمهور، وغالباً ما يكون لها وقع وأثر ايجابيان أكثر، ولكن للأسف، نحن شبه نفتقدها، أو نفتقدها فعلياً.
فمازلنا نفتقد لتسويق الكويت، بكل ما تمثله من صور جميلة للسلام والانسانية والعطاء الى جانب مميزاتها الاقتصادية بل وحتى السياحية، مازلنا نفتقر الى أهم طرق تسويق ذلك، وهي الدبلوماسية الناعمة، والتي تتمثل بجوانب وسبل عدة، أحد أمثلتها الفن والدراما.
ورغم أن زمن السوشيال ميديا، والذكاء الاصطناعي، سهَّل الكثير للتسويق وللدبلوماسية الناعمة، فإننا مازلنا لا نحسن استغلاله، فعلى سبيل المثال، نحن نملك قاعدة من الشباب والشابات من مؤثري السوشيال ميديا ممكن يملكون جمهوراً عربياً كبيراً يتجاوز الملايين، فلماذا لا نستغل ذلك، سواء عبر التعاقد معهم، أو الطلب الودي منهم لتسويق الجوانب المختلفة للبلاد وممارسة الدبلوماسية الناعمة؟! خاصة أن هذه التجربة تعد ناجحة وتؤتي ثمارها في دول مجاورة.
الى جانب ذلك، فان العديد من الدول، تستضيف، عدداً من مؤثري التواصل الاجتماعي، خاصة المتخصصين في مجال السفر، للتسويق لبلادهم، بينما نجد هذا الأمر شبه نادر في الكويت، فضلاً عن أن جزء من الدبلوماسية الناعمة أيضاً هو ان نشرك ابناءنا وبناتنا في مؤتمرات وفعاليات دولية، مع تسليحهم بالوعي والثقافة والدراية الكافية ليكونوا خير سفراء للكويت.
أيضاً يمكن الاستفادة من وجود عدد كبير من الطلبة الأجانب في مؤسسات التعليم العالي في الكويت، وجامعة الكويت مثالاً، للحديث عن الكويت، والتعليم في جامعاتها، والحياة في السكن الجامعي وعن المجتمع الكويتي لكن بشكل عام.
نحتاج اليوم، وفي ظل عالم منفتح على الآخر، وتكنولوجيا اصبحت تقرب المسافات الجغرافية، وتلغي الفروقات الثقافية وتقرب الشعوب، ان نتجه نحو تعزيز الدبلوماسية الناعمة لدى شبابنا، لنعود، كما كنا دائماً.. دولة منفتحة على الآخر.