نعم للأنانية* صلاح الساير

النشرة الدولية –

إنكار الذات والتضحية من أجل الآخرين قيمة نبيلة لها قواعد وأصول وحدود لا ينبغي أن نتجاوزها وإلا أصبحت سحقا للذات، وفي ذلك ضرر كبير للإنسان وكرامته وتخريب لدوره في تطوير ذاته وإخلال بواجبات الانسان تجاه نفسه.

لهذا يتوجب علينا ترشيد التضحية في سبيل الآخرين وعدم الانجراف للعواطف. فالذي يقتسم طعامه مع الآخر، رحوم، رءوم، كريم وعاقل.

أما الذي يعطي طعامه للآخرين ليموتوا من التخمة ويموت هو من الجوع فذلك شخص أهبل، أهطل، أحمق، أخرق، لا يعرف الفرق بين التضحية والانتحار.

المبالغة في إنكار الذات والاهتمام بالغير، ثقافة سائدة في مجتمعاتنا حيث الأسر والعائلات المترابطة تعزز (الغيرية) وتلغي تفرد الانسان وتميزه واهتمامه بذاته، وتجعل حضوره يتحقق من خلال الآخر أو الغير.

فالإنسان الجيد هو الشمعة التي تحترق من اجل الآخرين، والزوجة الجيدة هي التي تتحمل العذاب من (زوجها لأجل اطفالها) والإيجابي يتحقق من خلال السلبي.

فالإنسان الرائع هو إنسان مسحوق بالضرورة، والشخص المهدوم عامر في الخيال، والانسان الناقص كامل على نحو افتراضي، والحاضر (وحده) غائب ما لم يحضر من خلال الآخر عن طريق التضحية أو الانسحاق.

التراحم والتعاون والتضحية أمور حسنة، حميدة، شريطة الا تنسينا واجباتنا تجاه أنفسنا من خلال الالتزام بما يسمى (الأنانية النبيلة) أو الحميدة أو الإيجابية التي تدفع المرء إلى الاهتمام بنفسه وتطوير ذاته، فمثلما العطف على الفقير يجعلنا نقتسم معه الطعام ونحن نشعر بالسعادة، فإن (العطف على ذواتنا) والاهتمام بها ينبغي ان يدفعنا إلى الكف عن تناول الطعام بشراهة أو على نحو يضر بصحتنا، كتناول السكريات والدهون أو التدخين أو ادمان الخمر أو التكاسل عن ممارسة الرياضة.

فالاهتمام بالذات مدخل للاهتمام بالآخر. اما تجاهل الذات والانسحاق في الآخر فذلك تشويه لجوهر الإنسان وتفرده.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى