التحذير من خطر القرصنة على صناعة النشر محليا وعربيا
النشرة الدولية –
ناقشت ندوة “خطر القرصنة على صناعة النشر العربية” التي أقيمت ضمن البرنامج الثقافي لمعرض عمان الدولي للكتاب 19 التحديات التي تواجه صناعة النشر في الأردن، والعالم العربي في ضوء انتشار ظاهرة القرصنة، والأضرار التي تقع على الناشر والمؤلف جراء هذه الظاهرة.
وخلصت الندوة التي حضرها مؤلفون، وناشرون محليون، وعرب، ورؤساء اتحادات نشر عربية، إلى ضرورة تفعيل قوانين وأنظمة حقوق الملكية الفكرية، والتشريعات الناظمة لها من أجل حماية الإبداع، وإطلاق حملات توعوية لاحترام حقوق الملكية الفكرية لما لها من أهمية في تنمية الاقتصاد.
وقال مدير عام المكتبة الوطنية الدكتور نضال العياصرة “إن مجالات القرصنة والتزوير والسرقات تطورت مع التطورات العلمية والتكنولوجية بحيث تعدت الحدود الزمانية والجغرافية”، مضيفا أن هناك أضرارا مادية ومعنوية تقع على المؤلف نتيجة لهذا السرقات التي تترافق مع هذا الكم الهائل من المعلومات.
وأشار الى أن مهمة المكتبة الوطنية المحافظة على حقوق المؤلف وحقوق الناشرين، من خلال قسم “حق المؤلف” المسؤول عن تلقي الشكاوى والقيام بالجولات التفتيشية، وإعداد المحاضر التي لها علاقة بالاختراقات، والتحفظ على المضبوطات وتحويلها إلى الجهات القضائية، مبينا أن عدد العاملين في هذا القسم أربعة أشخاص فقط، وهذا ليس كافيا للقيام بالواجبات من متابعة وضبط كل ما يتم من الاعتداءات في المملكة.
وقال “إن مسؤولية مكتب حماية المؤلف ليس فقط المواد المطبوعة، وإنما تصل الى المواد السمعية والبصرية والمواد السمعبصرية والمحطات الفضائية”، مبينا في الوقت ذاته أن هناك تراجعا في عدد القضايا المضبوطة في السنوات الأخيرة.
ودعا العياصرة الى أن يكون هناك تعاون بين اتحاد الناشرين ودور النشر والمواطنين في التبليغ عن الاعتداءات التي تتم على حق المؤلف، والتنسيق بين المكتبة الوطنية واتحاد الناشرين، بعدم السماح الى أي “مقرصن” بالمشاركة في مثل هذه التظاهرات الثقافية ومنها معرض الكتاب.
وجدد رئيس اتحاد الناشرين الأردنيين فتحي البس دعوته لتشكيل لجنة تضم المكتبة الوطنية، وهيئة الإعلام، ودائرة الجمارك، واتحاد الناشرين للتصدي للقراصنة والتجاوزات التي تتم على حقوق الملكية الفكرية التي تهدد صناعة النشر والتوزيع.
وقال “إن مهمة اللجنة تكون في دراسة الآليات ووضع الحلول المناسبة للحد من الظاهرة، والتوصيات بتطبيقها، وتوحيد الجهود بين المعنيين من أجل الوقوف على أساليب التهرب التي يعرفها القراصنة بشكل جيد للتحايل على القانون بالاستفادة من الثغرات الموجودة فيه عند مراجعة هذه الجهة أو تلك”.
وأشار البس، وهو مدير معرض عمان الدولي للكتاب، إلى الأضرار الكبيرة التي تتسبب بها القرصنة، متسائلا عن الكيفية التي ستقدم بها دور النشر، إضافة الى المؤلفين على إصدار كتب جديدة ومهمة، ما دام الناشر والمؤلف يعرفان أنها سوف تقرصن، موضحا أن النتيجة غير المباشرة هي تراجع الكتابة والإبداع، والإصدارات المهمة.
وتحدث عن أن أساليب القرصنة أصبحت معروفة في ظل تزايد حجم الأضرار، داعيا الى المزيد من الجدية في مكافحة القرصنة من خلال زيادة أعداد أفراد الضابطة العدلية، ومن خلال التعاون والتشبيك مع اتحاد الناشرين من أجل التوعية بأهمية الملكية الفكرية.
وأكد التزام اتحاد الناشرين بالحملة التي سيطلقها اتحاد الناشرين العرب منتصف الشهر المقبل، وتستمر لشهر كامل بالتعاون مع مكتب حماية الملكية الفكرية في الجامعة العربية، والمنظمة العالمية للتجارة “وايبو”، وغيرها من الجهات للتعريف بأهمية الملكية الفكرية، والأضرار التي تنتج عن الاعتداءات على الملكية الفكرية.
ومن جهته، قال رئيس اتحاد الناشرين العرب محمد رشاد “إن صناعة النشر في العالم العربي ضعيفة لا تتناسب مع قدرات وإمكانيات العالم العربي ونسبة السكان وعدد الجامعات والمدارس”، مضيفا “أن المشكلات التي تواجه صناعة النشر لن تحل إلا بتدخل الحكومات العربية من خلال الاستثمار بالثقافة عبر التنمية الثقافية التي ترتبط ارتباطا بالتنمية الاقتصادية وبالتنمية الاجتماعية”.
وأوضح أن مشكلة الاعتداء على الملكية الفكرية تهدد بتوقف صناعة النشر في العالم أو تراجعها بشكل كبير بسبب من وصفهم بـ”اللصوص” الذين يعتدون على حق الناشر وعلى حق المؤلف الذين يحمل المشاعل التنويرية، ويأخذ بيد المجتمع الى بوابات التقدم.
ولفت الى أن النظرة السائدة الى الناشر العربي على أنه تاجر، ولكن يطلب منه في الوقت نفسه أن يكون صاحب رسالة وهذا تناقض كبير، محذرا من أنه في ضوء انتشار ظاهرة القرصنة فقد يتوقف الإبداع الفكري من قبل المؤلف، مما يتسبب بأضرار جسيمة على المجتمع.
وأشار الى دور اتحاد الناشرين العرب في مكافحة هذه الظاهرة من خلال وجود لجنة حماية الملكية الفكرية التي لها صلاحيات واسعة في المعارض والمكتبات في التبليغ عن أي اعتداء، كما يتم إدراج المزورين على القائمة السوداء ويمنعون من المشاركة في كل المعارض العربية، مبينا أنه تم منع عدد كبير منهم في السنوات الماضية.
وكان الكاتب والناشر جهاد أبو حشيش الذي أدار الندوة، أوضح أنها جاءت لتسلط الضوء على آفة خطيرة قديمة ومتجددة على أمل أن تسهم هذه الحوارات في تفعيل القوانين والأنظمة في القضاء على هذه الظاهرة التي انتشرت وتعاظمت حتى باتت تهدد صناعة النشر الحقيقية في ظل السوق المتردي، وتخلي المؤسسات الرسمية عن دورها الفاعل في الاستثمار في الثقافة.