استثمارات الكويت الخارجية موزّعة على 120 اقتصاداً تدار من خلال 130 مدير استثمار خارجي و50 تفويضاً
النشرة الدولية –
قامت الكويت في العام 1953 بتأسيس أول صندوق ثروة سيادية في العالم لتودع فيه العائدات الحكومية من النفط، ونجحت الهيئة العامة للاستثمار في ان تتبوأ اليوم المرتبة الرابعة عالميا ضمن أكبر الصناديق السيادية العالمية بأصول بلغت 592 مليار دولار وفقا لآخر رصد قام به معهد صناديق الثروة السيادية.
وتشرف الهيئة العامة للاستثمار على إدارة كل من صندوق الاحتياطي العام وصندوق احتياطي الأجيال المقبلة الذي اطلق عام 1976، ومع ذلك فإن حجمه يتجاوز حجم صندوق الاحتياطي العام بمراحل وذلك نتيجة إيداع الحكومة فيه 10% على الأقل من إيرادات الدولة على أساس سنوي منذ تأسيس الصندوق.
وقد أحسنت الكويت لفترة طويلة استغلال هذه الإيرادات لبناء محفظة ضخمة من الاستثمارات العالمية التي تضمن لها عوائد طويلة الأجل لتصبح قوة للخير في الاسواق العالمية، بالإضافة الى والاستثمار في مشاريع التنويع الاقتصادي في الداخل، مع التركيز على تطوير صناعات جديدة وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) في المجالات الاستراتيجية.
ويتولى إدارة «هيئة الاستثمار» مجلس إدارة يترأسه وزير المالية ويتولى عضويته كل من وزير النفط ووكيل وزارة المالية ومحافظ البنك المركزي وخمسة أعضاء آخرين من الكويتيين المتخصصين في مختلف مجالات الاستثمار يتم تعيينهم بمرسوم لمدة أربع سنوات ويجوز إعادة تعيينهم، على أن يكون من بينهم ثلاثة على الأقل لا يتولون أي وظيفة عامة.
وفي سنوات العجز المالي التي بدأت منذ انهيار اسعار النفط في نهاية 2014 لجأت الكويت الى السحب من صندوق الاحتياطي العام لتغطية مصروفات والتزامات الدولة سواء كان من ضمن قانون الميزانية السنوية أو اي قوانين أخرى تسمح بالصرف خارج بنود الميزانية.
ووفقا للقانون فانه لا يسمح بالسحب من صندوق احتياطي الاجيال القادمة إلا بقانون، وتاريخيا لم تقترض الكويت من صندوق الاجيال القادمة إلا مرة واحدة وحدث هذا بعد تحرير الكويت من العدوان العراقي الغاشم وكانت خيارات الدولة آنذاك محدودة ومكلفة فلم تستطع الدولة الاقتراض من السوق المحلي ولم تستطع اصدار سندات دولية نظرا لضيق المدة المتاحة لتنفيذ ها الخيار وارتفاع تكلفة الاقتراض من البنوك التجارية بسبب ارتفاع المخاطر المالية، وقد تم تسديد القرض لاحقا من إيرادات الدولة.
وبالإضافة الى ان السحب من صندوق الاجيال القادمة سيكون صعبا فإن الاقتراض منه سيكون الأعلى تكلفة مقارنة بالخيارات الاخرى المتاحة للدولة في ضوء العوائد السنوية التي يحققها الصندوق، كما ان الدولة لم تستنفذ الخيارات الاخرى المتاحة لها والأقل تكلفة من الاقتراض من صندوق الأجيال القادمة.
ومن هذه الخيارات: أولا الاقتراض من السوق المحلي وضرورة الاسراع في اقرار القانون الذي يسمح للدولة بالاقتراض، ثانيا إصدار سندات دولية، ثالثا الزام جميع المؤسسات والهيئات الحكومية التي تساهم فيها الدولة بتحويل ارباحها السنوية والمجمعة الى صندوق الاحتياطي العام، رابعا تفعيل وتطبيق الإصلاحات المالية، خامسا وأخيرا تقنين الصرف خارج بنود الميزانية.
وخلال سنوات البحبوحة المالية التي تمتعت بها البلاد بسبب ارتفاع أسعار النفط والتي استمرت لأكثر من 7 سنوات تخطى خلالها سعر برميل النفط 100 دولار حققت الكويت فوائض مالية ضخمة بلغت 27.6 مليار دينار خلال السنوات الخمس المالية التي بدأت من 2009 واستمرت حتى 2014، قبل انهيار أسعار النفط ووصولها الى مستويات تقترب من الـ 20 دولارا لبرميل النفط الكويتي والعالمي.
كما ان الدور الرئيسي الذي تضطلع به الهيئة العامة للاستثمار هو تحقيق عائد على الاستثمار طويل المدى للاحتياطيات المالية التي كلفت بإداراتها نيابة عن الحكومة مستخدمة في ذلك أعلى المعايير المهنية العالمية، وبما يكفل توفير مصدر ايراد بديل عن الايرادات النفطية، ودأبت الهيئة العامة للاستثمار على تحديث استراتيجيتها الاستثمارية التي تتحرك ضمن أفق استثماري طويل الأجل لديه القدرة على تحمل المخاطر واستيعاب التقلبات السوقية قصيرة المدى.
وتحرص الهيئة العامة للاستثمار على دراسة المناطق التي تنوي الاستثمار فيها دراسة مستفيضة وتتفحص الكثر من العوامل والمؤشرات المالية والاقتصادية والتنظيمية مثل حجم الاقتصاد ومعدلات النمو الاقتصادي ومؤشر سهولة الأعمال والتسهيلات الضريبيــة الممنوحــــة واستراتيجيات التخارج من السوق والاتفاقيات التجارية والتنظيمية البينية (إن وجدت) وغيرها من العوامل.
كما وتحرص الهيئة العامة للاستثمار على تنويع الأوعية الاستثمارية، بما يساعد على تحقيق العوائد المستهدفة وبأقل المخاطر الممكنة، حيث تتوزع استثمارات الهيئة على مختلف انواع الاصول الاستثمارية ومنها الاستثمار في الاسهم والسندات (حكومــــي/ شركــات)، وصناديق المساهمـــات الخاصة والاستثمارات البديلة (مشروعات البنية التحتية/ الطاقة والكهرباء والمشروعات المرتبطة بالطاقة النظيفة والمشروعات التكنولوجية وغيرها) والاستثمار في المحال العقاري مع الاحتفاظ بنسبة من الأموال بشكل سائل لاستخدامه عند الحاجة.
وفيما يتعلق بالانتشار الجغرافي للأموال المستثمرة، فإنها موزعة في أكثر من 120 اقتصادا حول العالم وتدار من خلال 130 مدير استثمار خارجي وأكثر من 50 تفويضا استثماريا (Mandate).
وتتبع «هيئة الاستثمار» استراتيجية استثمارية حصيفة، تطبق فيها أعلى المعايير المهنية وفق أفضل الممارسات العالمية، حيث لا توجد لها اي اموال مستثمرة في الدول عالية المخاطر حسب تصنيف مجموعة العمل الدولي، كما وتحرص الهيئة من واقع عملها الدوري على متابعة نشرات تلك المنظمة وغيرها لمتابعة ما يستجد في عالم المال والاستثمار.
وتهدف كذل ك الى تحقيق أعلى العوائد الممكنة بأقل مخاطر مصحوبة وبمرونة تمكنها من استيعاب التقلبات التي تطرأ على الاقتصادات او الاسواق المستهدفة في الاجل القصير، حيث ان مخاطر تذبذب العملة أو التعويم تعتبر من المخاطر الاستثمارية التي تقوم الهيئة بدراستها ولكن لا يمكن التنبؤ بها، حيث من الممكن الدخول في استثمار ويتم التذبذب او التعويم لاحقا مثل ما حدث مع العملة التركية (الليرة) أو تعويم الجنيه المصري.
ولكن بشكل عام، فإن الغالبية العظمى من استثمارات الهيئة العامة للاستثمار تكون بالعملات الرئيسية مثل الدولار الأميركي والجنيه الاسترليني واليورو وغيرها من العملات الرئيسية.
وتتوزع الاموال المستثمرة على مجموعة من الاصول الاستثمارية وبأوزان استراتيجية يتم تحديثها بناء على اعلى معطيات الاسواق العالمية وتقوم الهيئة بتحديد النسبة المستهدفة لهذه الاصول بناء على توقعاتها لأداء كل أصل وذلك لتكون النسب المستهدفة للاسهم 55% بدلا من الحدود المعتمدة لتوزيع الاصول المحددة بين 37% و73%.
أما الاستثمار في السندات فتصبح النسبة المستهدفة 22.5% بدلا من الحدود المعتمدة عند 15% إلى 30%، وكذلك الاستثمارات البديلة ونسبتها المستهدفة عند 10% بدلا من الحدود المعتمدة عند 5% غلى 15%، اما العقار فنسبته المستهدفة تصبح 10% بدلا من 0% إلى 12%، واخيرا النقد عند 2.5% بدلا من الحدود المعتمدة له عند 0% إلى 25%.
وتتبع «هيئة الاستثمار» درجات متقدمة من الشفافية حيث يتم عرض تقرير مفصل على مجلس الوزراء ومجلس الأمة عن أعمال الهيئة وأوضاع الأموال المستثمرة، وذلك إعمالا للمادة 150 من الدستور حيث يتم عرض المعلومات على مجلس الامة سنويا في جلسة سرية ودون توزيع اي بيان مكتوب عنها على الاعضاء وهو ما يجرى في مجلس الوزراء أيضا.
كما يتولى مكتبان خارجيان يعينهما مجلس إدارة الهيئة تدقيق هذه البيانات المالية وحسابات الهيئة التي يتم تزويد ديوان المحاسبة بنسخة منها سنويا، ناهيك عن ذلك تقدم الهيئة العامة للاستثمار الى وزير المالية كل 6 أشهر بيانا كاملا عن أوضاع الأموال المستثمرة وحالتها والارصدة غير المستثمرة ويوافي الوزير ديوان المحاسبة بهذا التقرير خلال شهري يناير ويوليو من كل عام، كما يعد الديوان تقريرا بملاحظاته لعرضه على لجنة حماية الأموال العامة بمجلس الأمة.
بناء على نتائج الدراسات التي قام بها المستشارون في وزارة المالية وتقارير صندوق النقد الدولي والتي أكدت ضرورة الحفاظ على حد أدنى من السيولة النقدية تعمل كمصد مالي للدولة في حالة حدوث أزمة مالية مفاجئة، لجأت الدولة الى إصدار سندات حكومية وإنشاء إدارة للدين العام.
ولعل من أهم أسباب ومبررات اقتراض الدولة هي دعم وتطوير أسواق المال من خلال بناء منحنيات العائد للسندات الحكومية الكويتية وذلك عن طريق اصدار سندات ذات آجال مفاجئة حيث ان عمليات الاقتراض تساعد في تحقيق هذا الهدف، كما ان اصدار السندات ساهم في الحفاظ على التصنيف الائتماني للكويت من خلال تعزيز السيولة النقدية في صندوق الاحتياطي.
ويتم الاقتراض لصالح صندوق الاحتياطي العام والذي من خلاله يتم تمويل كافة بنود الميزانية العامة للدولة وفقا للاحتياجات الفعلية للجهات الحكومية بما في ذلك المصاريف الرأسمالية والجارية ويتم سداد القروض من ايرادات الدولة التي تورد الى صندوق الاحتياطي العام، ويبلغ حجم الدين حاليا 5.8 مليارات دينار كما في 31 مارس 2019، علما أن تكلفة خدمة الدين قد بلغت 177 مليون دينار للسنة المالية 2018/2019.