انتفاضة لبنان… عناصر حزبية تقمع متظاهرين في النبطية* سوسن مهنا

النشرة الدولية –

اتجهت الأنظار إلى التطورات المتسارعة في جنوب لبنان، وكيفية تعامل حزب الله وحركة أمل مع المتظاهرين الذين رفعوا الصوت بوجه مَن كان بالأمس القريب من المقدسات، أو من المحرمات التعرض لها.

وفي هذا السياق، أقدمت عناصر من بلدية النبطية، جنوب لبنان، بالاعتداء على المتظاهرين، محاولين فض تظاهرة واعتصام بالقوة، وأفادت وسائل إعلام بأن الجيش اللبناني الذي كان على مقربة من المكان، لم يتدخل لفض الإشكال، إلا أنه تواصل مع كل الفرقاء في محاولة للتهدئة.

وعلمت “اندبندنت عربية” من مصدر موثوق، أنه حصلت داخل حزب الله في النبطية حالة استياء بين بعض عناصره وبلبلة بسبب إقدام مجموعة منه بالاعتداء على المتظاهرين أمام السراي الحكومي وأن هؤلاء المستائين أبلغوا قيادة الحزب رفضهم مواجهة أهلهم في الشارع وبحال حصل ذلك أبلغوها أيضاً أنهم سيتركون صفوف الحزب.

25 جريحاً

وأعلن ناشطون في النبطية سقوط 25 جريحاً في مواجهات مع أفراد البلدية، كما تم منع الصحافيين وقنوات التلفزة من نقل وقائع ما حصل، ومن ثم غادرت العناصر المهاجمة ساحة الاعتصام. وأشار متظاهرون إلى أن مَن تسببوا في هذه الاعتداءات ينتمون لـ “حزب الله” و”حركة أمل”.

وكانت شرطة بلدية النبطية أصدرت بياناً أوضحت فيه أنها كانت تريد تسهيل مرور المواطنين، إلا أن مجموعة من المتظاهرين منعتها من القيام بواجبها ليس أكثر، وأضاف البيان أن قناة “الجديد”، إحدى قنوات التلفزة اللبنانية المعارضة، تعمل على التحريض. وأفاد مندوب “الوكالة الوطنية للإعلام” بأن المعتصمين على دوار كفر رمان قرب مدينة النبطية احتشدوا بكثافة، ونصبوا خيمة كبيرة اتقاء من المطر.

 

تغيير المعادلة؟

“اندبندنت عربية” حاولت الاطلاع على خلفية ما يجري عبر مراقبين ومحللين من أبناء الجنوب.

الكاتب والمحلل السياسي علي الأمين قال “في ما يبدو، قرار بهذا الشأن اتخذ في دوائر السلطة الفعلية، أي حزب الله وقصر بعبدا، لتغيير المعادلة القائمة على الأرض، بعنوان فتح الطرقات وفض الاعتصامات. وشهدنا أن الجيش اللبناني كان يحاول أن يتعامل بطريقة لائقة إلى حد ما مع المتظاهرين في كل المناطق، لكن في النبطية كان يقف جانباً، ومن حيث المبدأ القانوني، لا يحق لسلطة البلدية التدخل في الاعتصامات، لكن ما يبدو واضحاً، أن ما حصل هو لإلغاء المشهد في صور والنبطية لأهمية ما أحدثه من إرباك لدى حزب الله وحركة أمل، مشهد غير مسبوق، وله تداعيات سياسية. لذا فإن قرار مواجهة الاعتصامات وإنهائها تحدٍ سوف نرى تباعاً كيف يمكن أن يجري”.

كيف سيتفاعل أهالي تلك المنطقة مع ما يجري؟

أضاف الأمين “إلى أي مدى يمكن أن يتفاعل أهالي الجنوب المحاصر من قبل الثنائية الشيعية وبغياب الدولة عنهم، هذا غير معلوم، لذا على وسائل الإعلام ألا تستسلم وعليها أن تنقل هذا الحصار، كما تقوم بنقل وقائع التظاهرات في كل المناطق، نحن أمام ساعات حاسمة، ذلك أن أتباع السلطة يراهنون أن بمقدورهم إنهاء هذه التجمعات، لكن الناس مصرون على البقاء في الشارع والقرار إسقاط منظومة الحكم”.

لكن رأينا، أن الجيش تدخل لحماية المتظاهرين؟

يقول الأمين “مع هذا، تأخر الجيش في حماية المتظاهرين خصوصاً أن هؤلاء هم الأكثر عرضة للهجوم، لوجودهم في مناطق نفوذ الثنائية الشيعية”، واستبعد الأمين حصول اشتباك بين هذه العناصر والجيش اللبناني، لكنه يتساءل “مَن أمر بهذا الهجوم”، علماً أن رئيس البلدية وقائد شرطتها ينتميان لـ “حزب الله”.

بداية… السقوط

مصطفى فحص كاتب وصحافي، يقول “إعلان لبداية السقوط، انكشفت الثنائية الشيعية أمام أبنائها، هؤلاء هم أحفاد المقاومين الأوائل الذين حققوا النصر، هذه الثنائية أمام مواجهة صعبة، فبعد أن كانت هي من تدعم حقوق الناس والمستضعفين، باتت الآن تمثل سلطة الحاكم، لكن ما يحصل مهم جداً، هو انتقال وعودة للتعددية في الطائفة الشيعية، ولا فضل لأي طرف لبناني على آخر في ما يحصل، كانت عوامل هذه التظاهرات تتهيأ كجمر تحت الرماد، فانبثق في صور والنبطية. الناس يريدون الخروج من هذه العزلة المفروضة عليهم، نستطيع القول إن هذا الوضع تأسيس لوطنية شيعية جديدة بدأت تتضح، لكن الثنائية الشيعية ذات عقلية لا تعرف سوى ممارسة القمع، ولا تعرف التنازل كما يبدو، وبعيدة من الامتثال لإرادة الناس، لذا ما نستطيع قوله، حفظ الله أهالي الجنوب والنبطية وصور، لأنهم يصنعون التغيير، ثورة الإمام موسى الصدر، وثورة التبغ عام 1973 ها هي تتجدد الآن”.

حزب الله… ممنوع سقوط العهد

ديانا مقلد، كاتبة ومنتجة، تقول إنها في الخارج لكنها تابعت ما حصل، تعلق على الموضوع “إن ذلك بدأ منذ أيام في مدينة صور، مع تصاعد التظاهرات وشمولها مناصري الثنائية الشيعية، ورد الفعل الرسمي للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الذي احتضن الحكومة، وقال إنه ممنوع إسقاط العهد، نكون أمام  مشهد غير مسبوق، ومع الهتافات التي تتردد وتمس الحزب وإعلامه، ما يضع سياسييه أمام معضلة، إذ إن الحزب هو من ينادي بأنه مع التظاهرات ومطالب الضعفاء والمحرومين، ها هو اليوم يقف ضد هذه الشعارات، كما أن مكان التظاهرات في صور والنبطية يمكّن الحزب من التحكم بالناس وبالتالي معاقبة جماهيره، لأن تلك المناطق تعتبر من معاقله”.

وتابعت مقلد “كانت سرت تسجيلات هاتفية ورسائل نصية بين محازبي أمل وحزب الله تدعو المناصرين وقواهم الشعبية إلى الخروج من التظاهرات، وهذا تماماً ما حصل في العراق، إذ رأينا أن الحشد الشعبي قمع المتظاهرين بالقوة وسقط شهداء، لكن الحزب لا يستطيع أن يتصرف في لبنان كما العراق، لأنه سيواجه محاذير كثيرة، وسوف يكون بمواجهة مع بيئته، لكن مع تصاعد التظاهرات ودخولها يومها السابع، لا نعرف ما هي خطوة حزب الله المقبلة”.

نقلاً عن “اندبندنت عربية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى