لبان: ارتفاع الأسعار واقعاً .. وطرق التخفيف من حدّته
النشرة الدولية –
قبل الحديث عن الغلاء الذي يضرب لبنان، وفوضى الأسعار التي تعبث بالأسواق، لا بد من التذكير بأن الأزمة المعيشية القائمة والمرجّح تفاقمها في الأشهر المقبلة، لم تنتجها ثورة 17 تشرين الأول، كما يوحي البعض، إنما بدأت منذ سنوات، وإن لم تكن واضحة المعالم في سنواتها الأولى بالنسبة الى المستهلك. بل ونقول أن واحداً من أسباب الثورة هي الأزمة المعيشية، بحسب تقرير نشرته الزميلة، عزة الحاج، في موقع المدن الإخباري اللبناني.
الهندسات المالية
تسارعت حدّة الأزمة على وقع الهندسات المالية واستمرت، جارفة معها قطاعاً تلو الآخر حتى وصلت مطلع العام 2019 إلى السوق النقدي، ما استدعى من المصارف فرض قيود على حركة الأموال، فتفجّرت حينها أزمة الاستيراد (وحُصرت الحلول بتأمين الدولار لاستيراد القمح والمحروقات والأدوية فقط)، وولّدت سوقاً موازية لسعر الدولار. ما يعني أن سعر الصرف الرسمي لم يعد متداولاً في الأسواق، بل سعر الصرف الموازي الخاضع لعملية العرض والطلب. وهنا بدأت رحلة انهيار الليرة وتصاعد سعر الدولار الذي طرق باب الـ2000 ليرة ورفع معه نسبة تضخم الأسعار، وخفّض بطبيعة الحال القدرة الشرائية للمواطن.
ومع بداية ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية، وانفلات أسعار السوق الإستهلاكية لارتباطها بالدولار، عمدت العديد من المؤسسات حينها إلى الاشتراط على المستهلك الدفع بالدولار. وهو ما استنفر وزارة الاقتصاد ودفعها إلى إصدار العديد من التنبيهات من التسعير بالدولار. لكن وبما أن الأزمة تتجاوز بحجمها قرار من هنا وإجراء من هناك، وتتجاوز حكماً قدرة الوزارة على الحل، اتجهت جميع المؤسسات إلى إعادة تسعير لوائح منتجاتها بالليرة. لكن وفق سعر الصرف المعمول به في السوق الموازية، التي تحولت إلى سوق سوداء. من هنا ارتفعت أسعار الاستهلاك بنسب تتفاوت بين 20 و40 في المئة. وهي النسبة التي خسرتها العملة الوطنية.
سبب آخر لارتفاع الأسعار
بعيداً من أزمة الدولار، هناك أحد الأسباب الرئيسية وراء بدء ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية منذ منتصف العام 2019 وتفاقمها لاحقاً، هي الرسوم الجمركية التي فرضت على المستوردات. إذ تضمنت موازنة العام 2019 فرض رسم بنسبة 3 في المئة على كافة المستوردات الخاضعة للضريبة على القيمة المضافة (TVA)، كذلك تضمنت فرض رسوم تتراوح بين 10 و35 في المئة على سلة كبيرة من المواد المستوردة، لاسيما تلك المنافسة لنظيرتها اللبنانية.
وعلى الرغم من استثناء موازنة العام 2019 المواد الأولية المُستخدمة في الصناعة المحلية من أي رسوم جمركية، غير أنها وقعت منذ أشهر في شَرَك أزمة شح الدولار، وأدت القيود التي فرضتها المصارف إلى ارتفاع تكلفة استيراد المواد الأولية، بدورها زادت تكلفة المصنوعات اللبنانية. إذ بات على المؤسسات والمصانع اللبنانية تأمين الدولار من الصرافين بأسعار تفوق 1850 ليرة وتصل إلى 2000 ليرة في بعض الأحيان، لتؤمن استيراد مواد أولية. الأمر الذي فاقم أيضاً ارتفاع أسعار السلع حتى المحلية الصنع منها.
الوزارة “عاجزة”
ومع تضييق المصارف الخناق أكثر فأكثر على عمليات تحويل الأموال والسحوبات وغير ذلك، من المرجّح أن تستمر أسعار السلع الاستهلاكية بالارتفاع من دون ضابط أو رادع.
فمصلحة حماية المستهلك التابعة لوزارة الاقتصاد والتجارة، وإن كانت مستمرة بمراقبة أسعار السوق، بالإضافة إلى وضعها خطاً ساخناً 1739 والاستعانة بتطبيق Consumer Protection،لضبط الأسعار وتسطير المخالفات، إلا أنها تقف عاجزة أمام ارتفاع أسعار المنتجات المرتبطة بالدولار، أي المستوردة منها أو الوطنية التي تدخل في تصنيعها مواد أولية مستوردة.
لا حل لمواجهة ارتفاع الأسعار في المرحلة الراهنة، ولا يمكن للمستهلك اللبناني أن يحمي نفسه من نارها، إلا بالسعي لاختيار المنتجات الأدنى سعراً أو الأقل غلاء إذا صح التعبير، بحسب مصدر مسؤول في وزارة الاقتصاد، إذ أكد في حديث إلى “المدن” أن عمليات التفتيش في وزارة الاقتصاد تتم عبر التدقيق في فواتير المتاجر، للتأكد من عدم فرض أسعار مرتفعة بشكل غير مبرّر. بمعنى أن ارتفاع أسعار المنتجات المستوردة بنسب متفاوتة بين منتج وآخر يُعد أمراً طبيعياً. كما أن السلع اللبنانية الصنع يجب أن تعتمد أسعاراً مستقرة من دون رفعها. وهنا لا بد من لحظ ان غالبية الصناعات اللبنانية تدخل في تصنيعها مواد أولية مستوردة وبالتالي يصبح مبرّراً، حسب الوزارة، ارتفاع أسعارها وإن بنسب محدّدة.
وقد استطلعت “المدن” عدد من المتاجر الكبرى، حيث تبيّن أن بعضها فرض زيادة على الأسعار بنسبة مقطوعة تطال كافة المنتجات، منها فرض 10 في المئة. ومتاجر أخرى فرضت 30 في المئة. وفي هذه الحالات، يصعب على وزارة الاقتصاد إجراء عملية تفتيش دقيقة. إذ أنها تضطر إلى التدقيق في كافة المنتجات، وفصل الأجنبية منها عن الوطنية وعن الوطنية التي تدخل فيها مواد أولية مستوردة، بغية التأكد من قانونية رفع الأسعار ونسبة ارتفاعها. هذه العملية بالغة الصعوبة على وزارة الاقتصاد، وفق المصدر، لا بل أنها شبه مستحيلة، لاسيما في ظل النقص في الكادر البشري الذي تعاني منه مصلحة حماية المستهلك ويصل إلى 50 في المئة من المفتشين.
الحل بالإنتاج اللبناني
ولا بد من الإشارة إلى أن الأسباب الموجبة لرفع الاسعار (رسوم جمركية وأزمة دولار) لا تدخل ولا تبرّر رفع المنتجات الوطنية الصنع بالكامل، كالدخان على سبيل المثال. إذ أكد رئيس مصلحة البيع في دائرة حصر التبغ والتنباك حسين سبيتي، في حديث إلى “المدن”، أن “الريجي” لم تُقدم على رفع أسعار المنتجات التبغية على الإطلاق. وهو ما يعني أن كافة المتاجر والمحلات التي ترفع سعر السجائر محلية الصنع هي مخالفة قانوناً، وعلى المستهلك تقديم شكوى بحق كل مخالف تحت طائلة إلغاء ترخيص بيع الدخان.
بالنتيجة لا خلاص للمستهلك اللبناني من نار غلاء الأسعار في ظل عجز الدولة عن حمايته من جهة، وعن صوغ حلول للأزمة السياسية والاقتصادية، التي تعد المساهم الأول بارتفاع الأسعار من جهة أخرى، سوى بالتوجه إلى المنتجات اللبنانية الصنع التي حافظ بعضها على أسعاره السابقة، في حين ارتفع بعضها الآخر بنسبة تقل عن السلع المستوردة وهناك العشرات لا بل المئات من أصناف المواد الغذائية ومواد التنظيف وغيرها ومنها على سبيل المثال:
Snips، Puidor، Gipsy، Sanita، Balkis، Chtoura، Domo، aruba، bubbles، 114، adonis، omega، ghandour، Candia، Dollys، taghzia، Elsada، Plein soleil، Sparten، Konserwa chroura، Amatoury، Al wadi Al Akhdar، Candia ، Maccaw، Cortas، Almaza ، bonjus، cortina ، Al kanater