الأرضة فساد للبيوت وخسارة للجيوب * د. جنان الحربي

النشرة الدولية –

«يا حلات ريحة بيتنا لما نجبل عليه، نشعر بالأمان ونرتاح حتى لو كنا في أردى حال، مقهورين أو مظلومين أو محرومين».

البيت والوطن والأرض من أساسيات الحياة الحتمية التي تضمن الاستقرار والعيش الرغيد، حيث تأتي الراحة وهي راغمة.

«يا ملذة روعة الإنس في العيش الرغيد».

وللأسف في بعض الأحيان تمر بالإنسان ظروف قاسية تقلب حاله وتنكد عليه وتفلس جيبه، فيصبح كالمهاجر وهو في بيته ووطنه وعلى أرضه، وبالتالي يعجز عن التمتع بطيبات الحياة وليس بمقدوره أن يعيش ويتهنى.

من أمثلة تلك الظروف التي تصيب الإنسان، العواقب المتوالدة عن جرائم الفاسدين وصنوف الفساد والإفساد التي تحزنه وتحبطه وتبدد ذاك الأمان المعهود.

الإفساد في البيت والأرض قد يأتي من «الأرضة»، فهي تهدم البيوت وتنهب الجيوب.

تسبب «الأرضة»، وهي حشرة النمل الأبيض المنتشرة بكثرة في الوطن العربي خاصة في دول الخليج بما فيها الكويت حيث يتصف النمل الأبيض بالخبث والدهاء وهو من أخطر الحشرات، ضررا على بيوتنا وممتلكاتنا.

تفسد النملة البيضاء الأثاث والمفروشات وتتلف الكثير من الملابس والأقمشة وأحدث صيحات الموضة النسائية من الجلود والفراء وكذلك الحرير الناعم الذي تغنت به نجاة الصغيرة قصيدة نزار الشهيرة «لمن صباي لمن شال الحرير لمن».

النمل الأبيض نهم في غذائه يأكل كل ما يصادفه من مادة سيليولوز التي تدخل في مكونات الأثاث كالخشب والخزائن وبعض أنواع الطابوق المستخدم في بناء هيكل المباني.

الكثير يعاني من «الأرضة» لكن يجهل مسبباتها

تتسم حشرة «الأرضة» باللون الأبيض أو الأصفر الباهت وهي تعيش في مستعمرات كبيره تحت أرضية المنازل.

تتلذذ أفراد المستعمرة الواحدة بلعق بعضها البعض عند تبادل الغذاء وتمزج بلعابها حبيبات التربة لتكّون أكواما صغيرة على سطح الأرض ومن هنا جاءت تسميتها.

يصعب إبادة هذه الحشرة لامتلاكها جهازا حسيا يستشعر الخطر المحدق بها، فتهرب بسرعة البرق.

وسر هذه الحشرة في رأسها الكبير، حيث تضرب الأرض به محدثة اهتزازات لتنذر بقية النمل.

يحفر أفراد النمل الأبيض عادة ممرات وأنفاقا سرية خفية في البنية التحتية للبيوت وداخل المصنوعات الخشبية ومواسير الماء والجدران، وعادة ما يتسبب هذا الفعل بأضرار جسيمة مثل خراب الجدران المنقوشة والأسقف الجبسية المزخرفة وفساد الأرضيات وتخلخل الأعمدة والدعائم، فتنهار البيوت متساقطة عن بكرة أبيها ويخسر الإنسان ما وراءه ودونه.

«فالبيوت لا تقوم من غير أعمدة، وإن قامت قصر عمرها».

الفساد هو لعبة تلعبها معظم الكائنات سواء أكانت نملة صغيرة أو سمسارا فاسدا أو مقاولا «بلطجيا» غير مؤهل أو مستلزمات بناء مغشوشة أو مسؤولا متورطا يحلل ولا يحرم، فجميعهم في الأرض يعبثون ويعيثون فسادا.

وأخيرا، نجد المواطن يئن ويرزح تحت وطأة براثن لعبة الفساد.

* خبيرة علم الحشرات ـ الأستاذ المساعد/ قسم العلوم/ التطبيقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى