مشروعات الطاقة النظيفة تنتصر على الوقود الإحفورى في مصر
أحمد سبع الليل – القاهرة
عانت مصر من انقطاع التيار الكهربائي المستمر في عام 2013 بسبب نقص الطاقة بالمحطات الخاصة بتوليد الكهرباء، ولم تقف المعاناة عند الكهرباء وقتها وفقط، بل تعدت إلي تفاقم الأزمات وظهور مشاكل في انقطاع المياه عن المنازل والمصانع والمحال نتيجة انقطاع الكهرباء الأمر الذي تسبب في أزمات اقتصادية واجتماعية كبيرة وقتها.
ومع الاستقرار السياسي والأمني وإصلاح البيئة التشريعية الجاذبة للاستثمار، وضعت الدولة استراتيجية طموحة للطاقة، تشمل التنوع بين المصادر التقليدية للطاقة من الوقود الأحفوري والطاقة المتجددة التي تتمتع بها مصر بوفرة كبيرة مثل طاقة الرياح والشمس، الأمر الذي قضي على كافة مشاكل الطاقة في مصر بل وتحولت الطاقة النظيفة إلي قوة ناعمة كبيرة، وسط إشادة خبراء الطاقة بإستبدال الحكومة مشروعات الفحم والتي كان من المزعم البدء فيها بمشروعات للطاقة النظيفة بعد نجاح مشاريع الشمس والرياح بصورة كبيرة.
الخياط: مصر تسعي لزيادة معدلات التنافسية بين المستثمرين فى مشروعات الطاقة المتجددة
من جانبه أكد الدكتور محمد الخياط رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، أن مشروعات الطاقة المتجددة ومشروعات الإستدامة في مجالات الطاقة ترتكز على الاستراتجية الأساسية في مصر والتي أقرها مجلس الوزراء، ويتم تحديثها من عام لآخر وفقًا لمشاركة الطاقات المتجددة بالنسب المتفاوته حسب التقدم التكنولوجي والآليات والسياسات الخاصة بالطاقة والتي يتم اتخاذها، حيث تهدف الحكومة المصرية على المستوي القريب إلي أن تصل بمساهمة الطاقة المتجددة بنسبة 20% سنة 2022، وإمكانية مضاعفة هذه النسبة بحلول عام 2035، والمحور الأساسي لإستراتجية الدولة المصرية بشأن الطاقة هي التنوع في استخدام مصادر الطاقة بصفة عامة، وعليه فإن مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية تتراوح نسبتها من 88% إلي 90% يتم إنتاجها من الغاز وجزء منها من المازوت، بينما تشارك الطاقة المتجددة بنسبة من 11- 12 % ممثلة في الطاقة المائية وطاقتي الرياح والشمس، وبالنسبة للطاقة المتجددة فاليوم وصلت المشروعات بإجمالى قدرات 3300 ميجا (من مصادر الرياح والشمس والماء)، كما يتم العمل على تطوير 2500 ميجا على مدار عامين أو ثلاثة قادمين بمشاركة القطاع الخاص.
وعن الآليات الحكومية التي تستهدفها الدولة خلال الفترة القادمة فيشير “الخياط”، إلي سعي الحكومة نحو زيادة معدلات التنافسية بين المستثمرين وبالتالى الحصول على أقل أسعار، كما حدث في مشروعات الطاقة الشمسية حيث وصل آخر سعر الشراء إلي 2.48 سنت دولار لكل كيلو وات/ساعة، وهذا سعر يعتبر أقل من تكلفة الوقود المستخدم في المحطات الحالية، وبالنسبة لطاقة الرياح فوصل سعر الشراء إلي 3.1 سنت دولار لكل كيلو وات/ساعة، ولكي يتواكب كل هذا مع خطة الدولة لابد من النظر إلي جناح آخر وهو العمل على تحسين كفاءة الطاقة بحيث يكون هناك زيادة في استخدام كفاءة الطاقة وبالتالى تقليل الإحتياجتنا بما لا يمس الخطط المستقبلية في القطاعات الأخري.
رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة: نجاح مصر في جذب استثمارات الطاقة المتجددة يمثل قوى ناعمة كبيرة
كما أشار “الخياط”، إلي أن الإستثمارات فى الطاقة المتجددة بصفة عامة وجاذبية السوق المصري إلي الإستثمارت العالمية والأجنبية كما في مشروع “بنبنان” للطاقة الشمسية وهو مشروع بحجم استثمارات 2.2 مليار دولار وهي بالكامل تمويلات أجنبية، والبعد الآخر هو قدرة الطاقة المتجددة على جذب الإستثمار الأجنبي المباشر، وهو ما يمثل قوة ناعمة كبيرة لمصر في جذب الإستثمارات متمثلة في الطاقة المتجددة، ومع التطور التكنولوجي فمصر تملك حظوظ ونسب أعلى من مشاركة الطاقة المتجددة في المستقبل على كافة القطاعات.
“الخياط”: إنشاء محطات الطاقة في مصر بعد التأكد من تطبيق الضوابط البيئية
وعن اكتشافات قطاعات البترول والغاز وآثارها علي البيئة فأكد رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، أن أي محطة للطاقة يتم إنشائها سواء اكانت محطة حرارية أو محطة طاقة متجددة تخضع إلي مجموعة من الضوابط البيئية الصارمة، وهذا يعني إنشاء المحطة مع اعتماد المعايير المسموح بها، وبالتالى لا داعي للخوق أو القلق بشأن إكتشافات البترول والغاز في مصر، لكن وجود ثروات أخري مثل الغاز أو مزيج من النفط فهذا يعني التأكيد على تنوع المصادر المختلفة للطاقة وهو جزء أساسي من استراتجية الدولة المصرية.
رئيس إحدي شركات الطاقة الشمسية: مصر تملك استراتيجية طموحة نحو الإنتقال الطاقى
في سياق متصل أكد المهندس وائل النشار، رئيس إحدى الشركات العاملة في الطاقة الشمسية، أن اعتماد مصر السنوات الماضية في إنتاج الطاقة على المواد البترولية، حتي عام 2014 حيث كان الإعتماد على الوقود الأحفوري (الغاز والموزت والبترول والسولار) بنسبة 92% من الطاقة، بينما 7% من المساقط المائية متمثلة في خزان اسوان والسد العالى وأقل من 1% من طاقة الرياح، وعند تفاقم الأزمات التي تمثلت في انقطاع الكهرباء وتوقف الإنتاج، نتيجة قلة الوقود المغزي لمحطات الكهرباء، بدأت الحكومة في التفكير خارج الصندوق ووضع خطة طموحة لتنويع مصادر الطاقة، وتحقق ما طالبنا به منذ أكثر من 20 عام وهو الإستفادة من الموارد المتاحة للدولة والعمل على استثمارها كالوفرة الكبيرة في طاقتي الرياح والشمس، وبالفعل وضعت الحكومة خطتها عام 2014 لتنويع مصادر الطاقة وتعديل السياسات والتشريعات، كما عملت الحكومة ايضًا وقتها على إضافة الفحم كأحد مصادر الطاقة، وطالبنا بعدم إدراج الفحم ضمن قائمة مصادر الطاقة أو الاعتماد عليه نظرا لإضراره على الإنسان والبيئة ولأن مصر لا تملك فحم في الحقيقة، كما طالبنا الحكومة بضرورة الإستثمار في الرياح والشمس والمساقط المائية لإمتلاك مصر وفرة كبيرة منهم، وهو ما تبنته القيادة السياسية في الوقت الحالى.
وتابع “النشار”، أنه بالفعل تم تعديل مزيج الطاقة بوضع استراتيجة مصرية طموحة لعام 2022 بنسبة 20% من الطاقة المتجددة، إلي أن تصل عام 2034 بنسبة 40% من الطاقة الجديدة والمتجددة، كما تم إصدار قانون التعريفة آواخر عام 2014م، وهو ما كان يسمح للشركات والمؤسسات بضخ الكهرباء على الشبكة مقابل تعريفة تم تحديدها، ثم تعديل التعريفة والمرحلة الثانية في عام 2016م، ثم التعديلات الأخيرة بدء من ابريل 2017م وحتي الآن حيث الإعتماد على صافي تبادل الطاقة لتقوم شركة الكهرباء بخصم إنتاجك (إذا كنت من منتجي الكهرباء) مقابل استهلاكك بعد تحويل العدادات من نظام الإستهلاك إلي نظام الإنتاج والإستهلاك، وبالتالى يصبح لديك رصيد من الكهرباء، والبرنامج بهذا الشكل هو أفضل الخيارات والأنظمة بالنسبة للطاقة، مضيفًا أن مشروع بنبان لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية يعد الأكبر إفريقيا والثالث عالميًا وجميعها خطوات فعالة نحو مزيج من الطاقة والإنتقال المستدام في قطاع الطاقة والكهرباء.
“النشار”: إستبدال مشروعات الفحم في مصر بمشروعات للطاقة النظيفة
وأضاف “النشار”، كان هناك مشروعين كبيرين للفحم في مصر تم الإتفاق بالفعل عليهم، لكن ومع نجاح مشروعات الطاقة النظيفة في مصر وخاصة الرياح والشمس، استبدلت الحكومة هذه المشروعات الإحفورية بمشروعات للطاقة النظيفة وبخاصة الرياح، مع تحفظنا على اللفظ الدارج والغير حقيقي وهو “الفحم النظيف”، مؤكدا أنه لا يوجد ما يسمي بالفحم النظيف إطلاقًا، مضيفًا: أن التوسع في إستثمار الطاقة الشمسية يحتاج إلي حملات توعية تتبناها الدولة تستهدف فيها المستخدمين والشباب والمستثمرين والشركات العاملة ايضًا وكافة شرائح المجتمع، لأن التوعية أساس التقدم في هذا المسار الناجح، كما يحتاج الأمر إلي ضرورة التوسع في أنظمة القروض وخلق التمويل اللازم الذي تحتاجه الطاقة الشمسية باعتبارها أحد مصادر الطاقة النظيفة ذات التكلفة العالية وتحتاج إلي برامج تمويل كبيرة.