تباين التربية الإلكترونية* د. مارسيل جوينات
النشرة الدولية –
تعد التربية عملية تعكس سلوك الفرد والمجتمع الذي تم بناؤه على مر السنين، وهي علم يدرس ان كان عبر الأجيال بالتوارث، او بالاعتماد على الطرق العلمية، والتي تتطور مع التطور العلمي، مما تنعكس على الاخلاق وترسخ القيم الفردية والمجتمعية.
إننا نركز في حياتنا اليومية على التربية التقليدية، والتربية الدينية، وهما متلازمتان، وهنا استذكر مقولة جمال الدين الافغاني « لا أمة بدون اخلاق ولا اخلاق بدون عقيدة ولا عقيدة بدون فهم».
فالتربية تعكس الأخلاق ان كان بالحديث والسلوكيات اليومية، والتواصل مع الاخرين،…، في العمل او مع الأسرة والبيئة المحيطة بشكل خاص. والبعض يحاول ان يتقن ويمثل امتلاك مستوى رفيع من التربية والأخلاق، وبذلك يسمح لنفسه باللقاء الوعظات والإرشاد. وهذا ما نشهده بشكل مستمر ومكثف عبر العالم الافتراضي والواقعي.
لنعود الى أنفسنا ولذواتنا ونكون صادقين، ونتساءل اين أصبحت تربيتنا واخلاقنا التي ندعيها احياناً، هل طورت افكارنا، وعززت الثقة في أنفسنا، وحققنا طموحاتنا، واتسعت معرفتنا، وتحسنت مهارتنا، وخاصة في ظل التطور الالكتروني الذي نشهده ونعيشه يوميا على مدار الساعة.
إن التربية الالكترونية لها فلسفة خاصة، فهي تعكس الواقع الحقيقي للمجتمع وللفرد احياناً، واحياناً أخرى؛ تزيف حقيقة الشخص المستخدم لها، ولكنها في النهاية تكشف وتظهر الهوية الشخصية، وذلك باستخدامه لوسائل الاتصال بشكل عام، ووسائل التواصل الاجتماعي بنوح خاص، ولو بعد حين.
وهنا اريد التطرق الى ان ما يتم نشره عبر العالم الافتراضي، كالمدونات والمنصات الالكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل الاتصال، والمنشورات التي يتم مشاركتها، والتعليقات التي تتم، ما هي الا انعكاس لتربية واخلاق القائم بعملية الاتصال، والتنشئة الاجتماعية والثقافية، ومدى التشويش والحالة النفسية التي يعاني منها، ومن ناحية أخرى تترك انطباعا عن الرضى الذاتي والاستقرار بكافة اشكاله، وعلاقته مع الاخرين. وأصحاب الاختصاص يستطيعون تحليل نفسية وشخصية القائم بعملية الاتصال من خلال منشوراته وتعليقاته.
البعض يقول انها حريه تعبير وحريه شخصية، وهذا افاق وعالم افتراضي واسع يحق لي نشر ما اريد، وهنا عليه المعرفة والادراك، ان هذا التفكير سطحي، ولا يليق بشخص يدعي الفهم والمعرفة والتربية والخلق، ان يمس الذوق العام او زعزعته في أي موضوع او مجال، لأنه بطريقة او بأخرى سيتأثر المستقبل للمنشور او التعليق ولو بشكل موقت.
وللأسف اغلب المنشورات التي تنشر ويتم مشاركتها وترويجها بشكل واسع لا تحمل أي مضمون هادف، ولا رسالة واضحة، وخاصة مع ظهور بعض المؤثرين السطحيين في العديد من المواضيع والمسائل، والتي يتابعها شريحة واسعة من الشباب والشابات.
إذاً علينا الفهم والادراك وتوعية أنفسنا ومن حولنا، ان التقدم في مجال الاتصال والمعلومات ما هو إلا مواكبة للتقدم العلمي والتحضر، ونشوء الانسان ببيئة متطورة، بهدف بناء الذات والأسرة والمجتمع وليس هدمهم.
إن التسارع والتطور ليس لهما حدود، ووظيفتهم الاسهام في ترسيخ المعرفة والعلم وتقدم الانسان. وكما يقول ارسطو « جذور التربية مرة ولكن ثمارها حلوة». فلنحسن التربية التقليدية والدينية والالكترونية معاً لخدمة أنفسنا ومجتمعاتنا.
عن “الدستور” الأردنية