”رصاص وقرنفل“.. قصص قصيرة جدا عن الحرب واللجوء والتشرد للكاتبة السورية ميادة سليمان
النشرة الدولية –
تجسد المجموعة القصصية ”رصاص وقرنفل“ الصادرة حديثا، للكاتبة السورية ميادة سليمان، واقع الحرب في سوريا، وما تسببت به من لجوء وتشرد لتصل انعكاساتها إلى مختلف جوانب الحياة.
وفي 90 قصة قصيرة جدا، بأسلوب الومضة، لا تغفل سليمان التطرق لقضايا اجتماعية؛ مثل الطلاق والتعليم والفقر والعقوق وإهمال الكتاب والمبدعين والخيانة، وغيرها من المواضيع.
وتُصنَّف القصة القصيرة جدا، كإحدى أكثر الأجناس الأدبية وعورة، لصعوبة ولوجها، واعتمادها على التكثيف المفرط، واصطياد اللحظة وقولبتها في قالب إطار رفيع، باستخدام أقل ما هو متاح من التقنيات التي تستخدم في أجناس أخرى وتخدم إيصال الفكرة؛ مثل الحوار والسرد المستفيض وتقنية الاسترجاع.
وتتصف القصة القصيرة جدا بقصر الحجم، والإيحاء المكثف، والنزعة السردية الموجزة، والرمزية والتلميح والاقتضاب؛ يقول أدغار آلان بو: ”يجب ألا تُكتَب كلمة واحدة لا تخدم غرض الكاتب“.
وفي حديث خاص لـ“إرم نيوز“؛ قالت سليمان، إن ”فكرة الكتاب نبعت من رغبتي في تعلم جنس أدبي شاع حديثا، ألا وهو القصة القصيرة جدا“.
وأوضحت أن ”الحافز المشجع لي كان الفوز منذ المرة الأولى في مشاركتي بإحدى المسابقات ونيلي المركز الأول في رابطة مصرية، ثم توالت المشاركات، وتوالت التكريمات في مجموعات أدبية عدة وبمراكز متقدمة، ما دفعني إلى جمع تلك القصص وطبعها في كتاب واحد“.
وأضافت الكاتبة سليمان ”اتبعت في تأليفي لقصص المجموعة المنهج الواقعي المشوب برمزية شفيفة، مسلطة الضوء على ويلات الحرب ومآسيها، وانطلقت منها للحديث عن مواضيع أخرى“.
وأعربت عن أملها أن ”تُحدِث المجموعة فارقا في العالم العربي؛ لمَ لا والطموح مشروع لكل إنسان؟ فكيف إن كان مبدعا؟ أحببت أن تكون لي بصمتي المتميزة في هذا المجال، ولذلك ابتعدت عن الغموض والطلسمة الشائعين بكثرة في الآونة الأخيرة عند كتابة هذا الجنس الأدبي، وأعتبر نفسي أغرد خارج السرب، ولكن برأيي الطير الذي يغرد منفردا سيُسمَع صوتُه أكثر من غيره وبالتالي سيكون له تأثير مختلف، لا شك في ذلك“.
ويمثل عنوان المجموعة؛ ”رصاص وقرنفل“ عتبة للدخول في فحوى القصص، لما يحمله من تكثيف لدلالات تناقض الحياة وجمعه لأداة القتل الأولى في العصر الحديث ورمزية الخصب والربيع متمثلة بالقرنفل.
في حين جاءت غالبية العناوين الخاصة بكل قصة، مثقلة بعمق المعنى، ومتصفة بالشغب والجسارة؛ نذكر منها ”تصلية“ و“استلاب“ و“تكفير“ و“انتهاك“ و“شرنقة“.
وفي قصة ”تكفير“؛ تقول سليمان: ”حِينَ هَجَمَتِ الذِّئابُ عَلى قَريتي، اختبَأتُ تَحتَ السَّريرِ، افتَرَسَتْني سَاعاتُ قَهْرٍ، لمَّا مضَوا، كَانتِ النُّسُورُ تَحتَفِلُ، وَحدَهُ ثَوبُ (ليلى) لاذَ بِمِئْذَنَةٍ مُعلِنًا قَداسةَ جَدِّهِم“.
وتقتنص الكاتبة لحظة أَلِفتها كاميرات مصوري الحروب؛ تقول في قصة ”لِقَاء“: ”لمْ يقتنعْ أنّهُ النَّاجي الوَحِيدُ مِن أُسرَتِهِ، بَحثَ مَلهوفًا تَحتَ الأنقاضِ، وَجَدَهُمُ، مَازالوا مُجتمِعينَ حَولَ طَاولةِ الطَّعامِ، ضمَّهُم جميعًا، حتّى ابتَلَّ دَفتَرُ الرَّسمِ بَينَ يَدَيهِ“.
والتزمت الكاتبة في قصصها بالرمزية الأنيقة، على الرغم من تطرقها لقضايا مغرقة في البشاعة والإرهاب، مبتعدة عن الألفاظ الثقيلة على النفس والإيحاءات التي تدعو للاشمئزاز؛ تقول سليمان في قصة ”خُلَّبٌ“ مستحضرة التراث: ”مُقرقِعينَ بأوزانِهِمُ العَتيقةِ صَالُوا وَجَالُوا، صَفَّقَتْ لهُم أيادٍ جَاهليَّةٌ، اشْرَأَبُّوا، علَى أسْتَارِ الكَعبةِ، اسْتَحَتِ المُعلَّقاتُ!“.
الكاتبة في سطور
ميادة مهنا سليمان، هي كاتبة وشاعرة سورية، حاصلة على دبلوم دراسات عليا في الأدب العربي من جامعة دمشق، وتكتب في معظم الأجناس الأدبية، ونالت شهادات تكريم عدة لفوزها في مسابقات أدبية متنوعة، وحكَّمت مسابقات أدبية عربية عدة.
والكاتبة سليمان عضو في الاتحاد الدولي للأدباء والشعراء العرب، ونشرت دراسات نقدية عدة في دوريات عربية في الومضة والقصة القصيرة جدا والخاطرة والشعر.
للكاتبة ميادة سليمان، مجموعة مؤلفات؛ منها ديوان ”تبَّاً للقرنفلِ الأحمرِ“ وديوان ”عنايةٌ فائقةٌ للحبِّ“، وشاركت في تأليف كتب؛ منها المجموعات القصصية ”سنابلُ من حبرٍ“ و“على ضفاف الرافدَين“. ودواوين ”الجنائن المعلقة“ و“شهرزاد في بغداد“.