غداً …
بقلم: د. مارسيل جوينات

النشرة الدولية –

عندما نجتاز مرحلة الألم، وتعبر أزمة الكورونا، وتنجلي غيمة المحن، وتتبدّد ظلمة الوهن والمرض، وتشرق أنوار الأمل، سيتذكّر العالم وخاصة الأردنيّون، كلام الأنجيل المقدس:

“الشعب الساكن في الظلمات أبصر نوراً عظيماً«.

وكلام القرآن الكريم:

«اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ» (سورةالبقرة:257)

في هذا اليوم تحديداً، سيكون الشعب أكثر ثقة وقدرة على إصدار الأحكام، وإعادة النظر، وإجراء تقييم عادل لمسؤولين تغاضوا عن تحمل المسؤولية، ولآخرين كانوا أكثر من أكفاء.

لمسؤولين اعتكفوا وتقاعسوا عن فعل الخير، إذ تجرّدوا من إنسانيتهم وخلعوا ثوب الرحمة وخذلوا وطنهم وأهلهم وديارهم وناسهم، حتى بان سواد قلوبهم، وظهر زيفهم من أفعالهم وأقوالهم.

ففي هذا الزمن الرديء، علت أصوات القرقعة، وتمازجت مع رنّة الفلوس المتكابرة، جبابرة مال، وتغنّوا بالانا، وبتمجيد أنفسهم ببعض صور السلفي لمساعدات تافهة، خافوا على مراكزهم الزائلة، وأحلام العظمة الغافلة.

هؤلاء هم من نافقوا أكثر عبر أياديهم البيضاء وتاريخهم الناصع، وإذ بالمحنة تكشف عن قلوبهم …

فما هم الإ خائفون على جبالهم الكرتونيّة المزيّفة، فكرمهم ممسوس، وبخلهم قابع في النفوس.

فمن أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، مروراً بكامل مفاصل المملكة، راكموا ثرواتهم وبنوا قلاعهم، وظنّوا أنّ مالهم حصن متين، وأنّ إمارتهم هذه لا تقهر. (خوفي ان تذهب الصحة ويبقى المال لتأكله النار).

لكن بعد اليوم سيدرك الناس من هم …

القهر والعذاب سيجعلان كل تلك النفوس المعذبّة تحاكم وتحاسب أمام الله والتاريخ.

ففي أزمنة الوجع والقهر والعوز، تتعرّى النفوس، وتظهر على حقيقتها فتتفرّق كل على حدة، النفوس والقلوب المتحجرة من جهة، والشرف والكرامة والشهامة من جهة أخرى .

الناس تجوع، المؤسّسات تقفل، المصانع تغلق، وأسعار الخضار والسلع الاستهلاكية الضروريّة تتضاعف بين ليل ونهار، وتلك المواد تكاد تصبح من الكماليات. هؤلاء الوجهاء والمقتدرون والمتنفّذون يكتفون بالتنظير (وما أكثرهم) ويرفعون الصوت ويدقّون على طبول فارغة صنعوا منها لحنا لهشاشة أعمالهم ( فقط لشيل العتب).

وكل هذا والفقير يزداد فقراً وهم يزدادون فحشاً وبطراً.

الناس تنتظر رحمة الله.

وهذه المنظومة المرائية تشتدّ استعلاء، وتصبح أكثر فأكثر أشدّ خطورة من الوباء، وليس لديها حسّ المبادرة لمدّ يد المساعدة، إلاّ في بعض المحطّات للتصوير والمباهاة، وتدنيس روحيّة وكرامة الفقير، فالأخلاق لباس يرتدونه عند الحاجة وليست من شيمهم ومبادئهم.

فهذه المنظومة علا صوتها وصغر قدرها، وتتحسّس موقعها، وتترقب نهايتها مع رحيل الوباء.

منظومة، فيها كوكتيل من مصالح شخصيّة

شعارها أبداً ودائماً:

«من بعدي الطوفان«.

« وأعطونا الزعامة الزائلة والفرادة والمباهاة وخذوا الوطن«.

غداً عندما تنجلي غمامة المرض ووباء كورونا، ستذهب تلك المنظومة معها، ويزول وباء زيفها من أرض الواقع، حيث لا مكان لها في التاريخ.

أما الجهة الناصعة، هي الحكومة، التي حتّى الآن، تحت رعاية صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني القوي والحكيم  وبمؤازرة ولي العهد سمو الأمير حسين، ثبتت علو المهنية، وحسن أدائها وتتصرّف بما تقتضيه العناية الإنسانية، ورئيسها يقوم بما عليه باحترام ومقدرة عالية  دون  زيف وتعال.

ووزراؤها بدءًا من وزير الصحّة الى الباقين ترفع لهم القبعة احتراماً لمهنيّتهم ، ولا ننسى دائماً  وأبداً الأجهزة الأمنيّة بكامل فروعها، فلهم الشكر والمودّة والافتخار من القلب  .

وأيضاً كل الامتنان لكلّ الطاقم الطبّي فهو عين الرب التي ترعانا واليد المساعدة لتخفيف أوجاعنا وآلامنا.

وسيبقى الأردن الوطن شامخاً، وناصع البياض ومفخرة لكل أبنائه واعتزازهم .

هذه اكثر من أمنية، إنها صلاة ورجاء والله المستجيب…

 

نقلاً عن جريدة “الدستور” الأردنية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى