العلاج بتقنية البلازما أمل جديد
بقلم: د. جنان الحربي

النشرة الدولية –

بدأت العديد من الدول باستخدام خطوة جريئة لتقديم علاج لمرضى «كوفيد ـ 19» بتقنية العلاج بالبلازما التي تعرف بـ «convalescent plasma therapy». الهدف الأساسي من هذه التقنية هو استخدام القوى المناعية التي اكتسبها الشخص المعافى من مرض «كوفيد ـ 19» لعلاج المصابين به.

الكثير من الناس لا يعرفون ما هي البلازما. البلازما تشكل تقريبا 55% من حجم الدم وهي مادة سائلة شفافة يميل لونها إلى اللون الأصفر ويشكل الماء 90% من حجمها. تحتوي هذه المادة على البروتينات المهمة لتصنيع الأجسام المضادة لمواجهة الفيروسات والميكروبات وتحتوي أيضا البلازما على العديد من المواد العضوية وغيرها.

عندما يدخل الفيروس أو أي ميكروب في جسم الإنسان يقوم الجهاز المناعي في الجسم بتطوير وانتاج بروتينات تعرف بالأجسام المضادة وتكون متخصصة ونوعية، حيث كل نوع منها يقتل ميكروبا محددا. هذه الأجسام المضادة تكون موجودة في الدم وتنتقل بواسطة البلازما لترتبط بأجزاء من الفيروس لتعوق العدوى. ومن هنا جاءت فكرة استخلاص البلازما الغنية بالأجسام المضادة.

فكرة العلاج هو أن يتم سحب دم الشخص الذي تعافى من مرض «كوفيد ـ 19» ثم يمرر بجهاز خاص لفصل خلايا الدم عن البلازما التي تحتوي على الأجسام المضادة. تحقن البلازما (المصل) في جسم الانسان المصاب لتكسبه مناعة فورية تمتد في الغالب لأربعة أيام، وتعرف هذه الطريقة بالمناعة السلبية المكتسبة.

ولكن هناك شروطا يجب أن تكون محققة قبل عملية سحب الدم وهي أن يكون اختبار المسحة سلبيا لدى المتعافى، ويتعين عليه الانتظار لمدة أسبوعين بعد الشفاء. وكذلك أن يكون دم المتبرع خاليا من الأمراض مثل مرض الإيدز ومرض الكبد الوبائي وغيرهما من الأمراض المعدية.

بروتوكول العلاج بالبلازما ليس جديدا واستخدم في السابق لمواجهة الأوبئة الفيروسية ووضعت FDA الشروط المهنية والأخلاقية لتطبيق هذه التقنية. فمثلا، خلال تفشي جائحة فيروس أنفلونزا الخنازير أظهر المعالجون بالمصل تحسنا سريريا وكان مفيدا أيضا خلال تفشي فيروس «أيبولا» وكذلك حالات كثيرة عولجت من «سارس» و«ميرس» باستخدام التقنية ذاتها.

الداتا العالمية تشير إلى فعالية هذه التقنية في تسريع مرحلة الشفاء وفي تعزيز مقاومة المصاب لمرض «كوفيد ـ 19». فعلى سبيل المثال الصين طبقت هذا البروتوكول على عدد من المصابين بـ «كوفيد ـ 19» وتحسنت حالتهم الصحية، وفي 28 مارس أعلنت الولايات المتحدة عن شفاء عدد كبير من المصابين في مستشفيات مدينتي نيويورك وهيوستن بعد حقنهم بالمصل. والهند بدأت في استخدام هذه التقنية منذ اسبوع لعلاج مرضاها.

السؤال: هل ستمنع هذه التقنية من انتشار عدوى المرض؟

هنا تكمن المشكلة، لذلك ما زالت الجهود والتجارب السريرية في الولايات المتحدة والهند والصين وتركيا في العديد من الدول مكرسة لمعرفة ما إذا كانت هذه التقنية سوف تحد من انتشار عدوى «كوفيد ـ 19» أو تمنع من الإصابة به مرة أخرى.

وما يبشر بالأمل هو ما نشر في المجلة العلمية «Journal of Clinical Investigation» في أول ابريل أن تاريخ الأمراض الوبائية قبل اكتشاف أي نوع من اللقاحات أكد فعالية هذه التقنية في الحد من انتشار الحصبة، وكذلك الإنفلونزا في 1918، وكذلك فيروسات الكورونا سارس وميرس.

التحدي الأكبر الذي سيواجهه الأطباء هو صعوبة الحصول على كميات كبيرة من البلازما من المتعافين من مرض «كوفيد ـ 19» فيجب من المتبرع والمستقبل أن تنطبق عليهما توصيات FDA الذي صرحت بها في هذا الشهر، ولكن لم تعط الهيئة موافقتها النهائية والموضوع تحت الدراسة.

أدعو كل من عافاه الله ومنّ عليه بالشفاء من كوفيد- 19 أن يتبرع بدمه لمساعدة المرضى فهم بأمسّ الحاجة للشفاء.

 

الاستاذ في قسم العلوم بهيئة التطبيقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى