كيف تحولت نيويورك بقدرة قادر لبؤرة “وباء”.. وهل التأخير في إجراءات الحجر كان سببا
نيويورك – خولة نزال –
في الثاني من مارس الماضي، أي بعد يوم واحد من أول حالة إمرأة مؤكدة في نيويورك قادمة من إيران، تم اكتشاف حالة أخرى في الضواحي الشمالية لنيو روشيل ، لمحام يسافر يوميًا لمكتبه في مانهاتن، وحينها قلل حاكم الولاية من الأمر، وقال إن “الولاية تتوفر على أفضل نظام صحي على الكوكب”.
لكن بعد أن بدأت تتوالي الإصابات على مدار ايام ومن ثم الساعات، ويتسارع انتشار الفيروس، أعلن عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو إغلاق المدارس والحانات والمطاعم العامة اعتبارًا من 16 مارس.
إن هذا التأخر في الإغلاق وفرض الحجر، فسره إروين ريدلنر، أستاذ الصحة العامة في جامعة كولومبيا، لـ”فرانس براس”، بالضغوط التي مورست على حاكم الولاية، بين من يطالب بتسريع إصدار قرار الحجر، ومن يرى ان ذلك ستكون له عواقب وخيمة على اقتصاد الولاية، الأمر الذي أخر عملية احتواء الفيروس.
حيث، وبقدرة قادر، تحولت مدينة نيويورك تدريحيا بعد ذلك وبشكل متسارع الى بؤرة جديدة للوباء، حيث سجلت وحدها حتى كتابة هذا التقرير نحو 191 ألف إصابة، وأكثر من 10 آلاف وفاة، وهذه الوتيرة السريعة، تطرح تساؤلا حول سر الضرر الكبير والسريع الذي لحق بنيويورك وما أسبابه؟
حاكم نيويورك، أندرو كومو، عزا هذا الأمر لعدة أسباب، أولها يكمن في كبر حجم الولاية من حيث تعداد السكان، والبالغ رسميا نحو 8.6 مليون نسمة، فضلا عن عامل الكثافة السكانية فيها، إضافة الى استخدام وسائل النقل والمواصلات من قبل الآلاف في الدقيقة الواحدة، وبالتالي فإنها مكان خصب لانتشار الأمراض المعدية بحسب كومو.
بينما العامل الثاني في زيادة أعداد الاصابات في نيويورك، فيعود إلى أن كونها واحدة من الوجهات السياحية الرائدة في العالم، حيث يتردد عليها ما يزيد عن 60 مليون سائح سنويًا، وهو الأمر الذي سهل استيراد الفيروس من الخارج.
وفي دراسة علمية نشرها المركز التعليمي “سليفر”، وأكدت النتائج بأن نيويورك تعد المدينة الأكثر عرضة لوباء كورونا في الولايات المتحدة، بل أكثر من سان فرانسيسكو وواشنطن وديترويت وميامي.
جانب آخر، تسرده صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، بكون المدينة، حاضنة لأحياء شعبية وأكثر اكتظاظا في بعض أحياء الطبقة الشعبية، مثل كوينز أو برونكس. التي يعاني فيها العديد من الناس هناك من مشاكل صحية، دون الحصول على الرعاية الطبية، وهذه المناطق هي الأكثر تضررًا اليوم بالوباء.
قال ماتيجا سنودرل ، مدير علم الأمراض المعدية في جامعة نيويورك :
“المعطيات التي تحدد تطور الفيروسات أثناء انتقالها من شخص لآخر ، يمكن أن تساعد عملية تسلسلها الباحثين في التركيز على مصدر أو مكان أصل تلك العدوى المحددة”.
البحث الذي أجري في مركز بحوث ماونت صيناي، تضمنت دراسته الكشف عن تحليل 90 جينوم في إطار التحقيقات الجينية شملت 84 مريضا مصابا بكوفيد 19 في محاولة لتحديد سلالات معيّنة تسبّب عوارض مرضية أخطر من غيرها.
وخلص الفريق إلى أن هذه العينات جاءت بشكل أساسي من مصادر أمريكية وأوروبية . كما خلصت الدراسة إلى أن ثمة روابط بين ما توصلت إليه نتائجها و حالات الالتهاب الرئوي التي كان أطباء نيويورك يقومون بالتعامل معها قبل انطلاق عملية الفحوص على أوسع نطاقات في الولاية.
كيف وصل الوباء إلى نيويورك رغم أن الحالة الأولى التي تم إكتشافها كانت قادمة من إيران
أستاذة علم الأحياء الدقيقة والأمراض المعدية في كلية إيكان للطب أوضحت، بأن نتائج المقارنات الجينومية التي اجريت اشارت الى أن فيروس كورونا الجديد أو “سارس-كوف-2” جاء إلى منطقة مدينة نيويورك في الغالب عبر أوروبا من خلال عدوى متنقلة لم يجر تعقبها “. تشير الدراسة أيضًا إلى أن “الفيروس كان منتشرا على الأرجح في وقت مبكر، أواخر يناير 2020 في مدينة نيويورك.”
ويبدو أن حالة واحدة فقط من الحالات التي تمت دراستها جاءت من آسيا وكانت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بعينات ذلك الفيروس الذي تفشى في سياتل بولاية واشنطن.
وكانت الولايات المتحدة قد حظرت مطلع العام دخول أجانب زاروا الصين إلى أراضيه. أما الأميركيون ممن زاروا الصين خلال ال14 يوما السابقة فطلب منهم العزل المنزلي الطوعي .
وفي منتصف مارس الرئيس الأمريكي أعلن عن حظر السفر من أوروبا وإليها حيث كانت العديد من الدول الأوروبية تطبق سياسات الحجر التام على نفسها. قال ترامب في خطاب إلى الأميركيين “من أجل منع الإصابات الجديدة من الوصول إلى شواطئنا، سوف نعلّق جميع الرحلات من أوروبا إلى الولايات المتحدة “. واستثنى ترامب بريطانيا من الحظر، إذ قال إن هذا القرار “لا ينطبق على المملكة المتحدة”
بينما قادة الاتحاد الأوروبي فقد قالوا حينها من جانبهم إنهم لا يوافقون على قرار الرئيس ترامب بحظر السفر من أوروبا إلى الولايات المتحدة وسط وباء فيروس كورونا. في حين قال رئيسا المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية ، شارل ميشيل وأورسولا فون دير لين في بيان، إن التفشي “أزمة عالمية، لا تقتصر على أي قارة، وتتطلب التعاون بدلاً من العمل الانفرادي.”