هل تفقد إيران هيمنتها على العراق بعد قرارات الكاظمي الصعبة؟

النشرة الدولية –

ليلة السبت الماضي، قتل متظاهر في البصرة، جنوبي العراق، برصاص مسلحين من حركة “ثأر الله” الإسلامية، أطلقوا النار على مجموعة من المتظاهرين الذين احتشدوا أمام مقر الحركة المتهمة برعاية عمليات فساد وتهريب للنفط وسيطرة على الوظائف في المحافظة.

لم تكن هذه المرة الأولى التي يقتل فيها متظاهرون في البصرة برصاص ميليشيا حزبية، لكنها كانت المرة الأولى التي يلقى القبض فيها على الفاعلين، ربما منذ سنوات، وباهتمام مباشر من رئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفى الكاظمي.

الكاظمي قال في تغريدة “وعدنا بأن المتورطين بدم العراقيين لن يناموا ليلهم”.

لكن هؤلاء ليسوا أي متورطين بالدم العراقي، فحركة ثأر الله التي ينتمي إليها المسلحون الخمسة المعتقلون، هي حركة تأسست في إيران إبان الثمانينيات ضمن مجموعة من الحركات الإسلامية المسلحة التي تأسست لقتال نظام صدام حسين والجيش العراقي خلال الحرب العراقية الإيرانية.

وبعد سقوط النظام، لم تتحول الحركة إلى حزب سياسي، وليس لها تمثيل خارج البصرة، واكتفت بإدارة نشاط اقتصادي وأمني في المحافظة الغنية بحقول النفط، والتي يكثر فيها التهريب.

حركة جريئة

ويقول المحلل السياسي أحمد سليم لموقع “الحرة” إن “الحركة صغيرة نسبيا وغير معروفة بشكل كبير على مستوى العراق، لكنها حركة مدعومة إيرانيا ويتمتع قادتها بكثير من العلاقات مع الميليشيات الأخرى، واعتقال أعضائها يعتبر تحديا من رئيس الحكومة لسلطة الميليشيات”.

الكاظمي أمر أيضا بإغلاق مقر الحركة، وهو ما يعتبره سليم “حركة جريئة في أول أسبوع لتولي الحكومة، وربما مؤشر على ضعف قبضة إيران على العراق بعد تولي الكاظمي رئاسة الحكومة”.

موقع بلومبيرغ الأميركي نشر مقالا قال فيه إن “إيران تفقد قبضتها على العراق” وإن “موقف إيران ضعف في العراق منذ وفاة سليماني”، ونقل عن الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى مايكل نايتس قوله “عندما قتل سليماني، بالغت إيران في رد الفعل، ومنذ مقتله ضعف موقف إيران في العراق أكثر، وفقدت السيطرة”.

مؤكدا “لا يزال لها تأثير”، ولكن “ليس سيطرة”.

رغم أن “حكومة الكاظمي لم تصعد بالتأثير الأميركي”، كما يقول المحلل العراقي نبراس الكاظمي لموقع بلومبرغ، لكنه “كان قادرا على الاستفادة من الانقسامات داخل مراكز القوة الإيرانية”،، ويضيف أن “معركة بين الفصائل الإيرانية في العراق فتحت مساحة في بغداد لنتائج غير متوقعة من قبل وجعلت الكاظمي ينزلق من بين المتشاجرين”.

صحفيون: إيران تراجعت

ويتفق الصحفي العراقي المهتم بالسياسة الإيرانية، مصطفى ناصر، مع هذا الرأي، مؤكدا أن “انخفاض النفوذ الإيراني في العراق مرتبط بتبدل الجهة المسؤولة عن ملفه في الإدارة الإيرانية”.

ويقول ناصر إن “السياسة الإيرانية تجاه العراق كانت تركز على السيطرة على كل مفاصل الدولة العراقية، وأيضا على إخراج العراق بشكل كامل من دائرة النفوذ الأميركي”.

ويضيف أن “استلام جهاز الأمن القومي الإيراني لملف العراق بعد مقتل سليماني وتراجع نفوذ الحرس الثوري، قد ساهما بتبدل هذه السياسات”.

وبحسب مصطفى فإن “جهاز الأمن القومي الذي يقوده علي شمخاني مقرب من الإصلاحيين الإيرانيين وبعيد عن عقلية الحرس الثوري الإيراني المهيمنة والمسيطرة”.

ووفقا لمصطفى فإن “العراق لا يزال خاضعا للتأثير الإيراني بشكل كبير جدا، اقتصاديا وسياسيا، لكن مع نوع من التراجع عن الخطط الإيرانية بالهيمنة بالكامل على القرار العراقي”.

ويعتقد مصطفى أن “إيران تراجعت عن دعم الميليشيات المسلحة التي هيمنت على أجواء الإعلام والصحافة وأثرت على حرية التعبير وهيمنت على جزء كبير من القرار السياسي”.

ويقول الصحفي العراقي باسم حمزة إن “ضعف الدور الإيراني ليس نتيجة لعامل واحد وإنما لعوامل متعددة، منها مقتل سليماني، والتظاهرات الكبيرة التي اجتاحت العراق وبروز دور الشباب الكبير، وأيضا إلى العقوبات الأميركية على إيران”.

ويضيف حمزة “هنالك نوع من التوافق الإيراني الأميركي بشأن العراق، يشبه الوضع الذي كان عليه قبل حكومة عبد المهدي”.

وفور توليه رئاسة الحكومة، التقى الكاظمي السفيرين الأميركي والإيراني، وأصدر عدة قرارات لتعويض ضحايا الاحتجاجات والتحقيق بأعمال العنف التي رافقتها، كما أجرى تغييرات في القيادات الأمنية وعين أشخاصا غير معروفين بالتعاون مع الميلشيات المدعومة من إيران.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى