كيف كان أداء سوق الأسهم الأمريكية في أوقات الاضطرابات وأعمال العنف؟
النشرة الدولية –
تتواصل أعمال العنف والشغب في عشرات المدن الأمريكية عقب مقتل المواطن من أصل إفريقي “جورج فلويد” على يد شرطي، واستمرت أعمال النهب لبعض المتاجر والاشتباكات مع عناصر الأمن.
من الناحية الاقتصادية، ذكر محللون أن هذه الاضطرابات تدق جرس إنذار بشأن خسائر محتملة، لكنهم يقولون إنه من غير المرجح أن يؤدي استمرارها إلى تأثير سلبي على الأسواق المالية.
وهاجم الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” حكام الولايات لفشلهم في السيطرة على الاحتجاجات ووصف بعضهم بالضعفاء، كما طالب باتخاذ إجراءات أكثر صرامة لإعادة الاستقرار.
على الرغم من التوترات وأعمال العنف، إلا أن سوق الأسهم الأمريكية اتجهت نحو الارتفاع وسط تجاهل من المستثمرين لما يحدث من اضطرابات وتركيزهم على إجراءات إعادة تشغيل الاقتصاد.
يميل المستثمرون إلى تجاهل الاضطرابات مع توقعات بألا تستمر طويلاً، لكن البعض يرى المزيد من المواجهات والتي بالطبع سيكون لها تأثير.
يشير محللون إلى أنه من الناحية التاريخية، لم تسبب الاضطرابات السياسية تأثيراً كبيرا على أسواق الأسهم في الاقتصادات المتقدمة.
مع ذلك، يؤكد خبراء الاقتصاد أن أعمال العنف تدق جرس إنذار بشأن إثارة حالة من عدم الاستقرار السياسي خاصة أن العديد من المدن الرئيسية فرضت حظر التجوال.
قال المحلل “جيم كريمر” إن السبب الرئيسي في عدم وجود ردة فعل ملحوظة من سوق الأسهم الأمريكية على أحداث العنف الحالية هو أن المستثمرين يركزون على تحقيق ربح، ويقبلون على أسهم الشركات غير المتأثرة بفترات العزل وتداعيات “كورونا”.
بالطبع، ليست هذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها الولايات المتحدة مثل هذه الأحداث، فقد هيمن مشهد الشغب وأعمال العنف على الشارع الأمريكي عام 1968 بعد اغتيال “مارتن لوثر كينج الابن”.
لم يكن لأحداث العنف عام 1968 سوى تأثير طفيف على أسواق المال في الولايات المتحدة كما هو الحال الآن، فالمستثمرون يحاولون المضي قدما في التركيز على إجراءات إعادة تشغيل الاقتصاد.
مع ذلك، يخشى مراقبون من أن تكون الاضطرابات الحالية ليست إلا شرارة نتيجة أوضاع اقتصادية واجتماعية متردية في أمريكا مع صعود معدل البطالة بشكل كبير وتداعيات فيروس “كورونا”، كما ربط البعض بين هذه الأحداث ومشكلة التمييز العنصري وعدم المساواة.
أكد المدير التنفيذي لشركة “نيو كونستراكتس” “ديفيد ترينر” على أن التاريخ يقول إن مثل هذه الاضطرابات الاجتماعية لها أثر طفيف للغاية على الأسواق – على المدى الطويل.
عقب اغتيال “مارتن لوثر كينج” عام 1968، انخفضت سوق الأسهم الأمريكية لوقت وجيز بنسبة 0.5% فقط يومي الرابع والخامس من أبريل في ذلك العام، لكنها ارتفعت بنسبة 3.5% بحلول الحادي عشر من نفس الشهر.
أيضاً، لم يؤد مقتل أحد المواطنين الأمريكيين من أصول إفريقية ويدعى “رودني كينج” على يد الشرطة إلى أي تأثير يذكر على الأسواق، وفي أحداث شغب عام 2014 في “فيرجسون” عندما قتل شرطي المواطن “مايكل براون”، انخفض سوق الأسهم بنسبة 0.1% فقط وسرعان ما ارتفع مجددا.
في أحداث كهذه، يميل المستثمرون والمحللون لعدم الربط بين ما يحدث على أرض الواقع وبين الجوانب الاقتصادية الإيجابية، والتي تتمثل حاليا في إعادة تشغيل الاقتصاد الأمريكي.
أنهى مؤشر “S&P 500” عام 1968 على ارتفاع بنحو 11% على الرغم من الاضطرابات وأعمال العنف التي تبعت اغتيال “مارتن لوثر كينج” و”روبرت كينيدي”.
في 1992، أنهى “S&P 500” تعاملات ذلك العام أيضا على ارتفاع بعد أحداث تبعت مقتل “رودني كينج”، وفي خضم إجراءات محاكمة الرئيس الأسبق “بيل كلينتون” تمهيدا لعزله، ارتفع المؤشر بنسبة 20% في عامي 1998 و1999.
حتى أثناء أحداث حركة “احتلوا وول ستريت” عام 2011، ارتفع مؤشر “S&P 500” بنسبة 4.5%.
تمثل هذه الأحداث وغيرها من الاضطرابات في الشارع الأمريكي مدى تركيز المستثمرين في سوق الأسهم على البيانات والمؤشرات الاقتصادية الأساسية بدلا من الأحداث السياسية والاجتماعية.